"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

في بيئةِ الحُكومة ، تحديداً تلك المتاخمة لبيت الوسط و ميرنا الشالوحي، تضرب مواعيد للتشكيل، تتلقفها صالونات المحاسيب، تأخذها بعناية، ثم تمضي في تعويم الإيجابيات على الأشقاء والشركاء. في البيئة المقابلة غمزٌ ولمز وترقب شديد الحذر، يأتي على قاعدةِ "يضحكُ كثيراً من يضحك أخيراً".

لدى جانب ٨ آذار ما يشبهُ عدم الإكتراث بالنشاط الحكومي الجاري حالياً لكونه لا يحمل أي جديد، ولو أنه كذلك، لكان أصحاب نظرية "ضرب المواعيد وطرحها" مكثوا في ديارهم، لا بل أن أكثر ما يكترثون إليه الآن هو إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله التي أفرزت على قاعدة حكومية واضحة: "قبل الإطلالة شيء وبعدها شيء ٌآخر!".

أعضاء اللّقاء التشاوري للنواب السّنة المستقليّن، ينتظرون هذه المقابلة للبناء عليها، أما مصادرهم، فتفضل عدم إعطاء أي موقف الآن، وتأجيل كل شيء إلى الأسبوع الطالع، مدلّلة إلى "نمطٍ جديد" مجهول باقي الهوية!

وفيما أُشيع أن المباحثات الأخيرة التي اقتصرت على مسألةِ إجراء مقايضات في بعضِ الحقائب خلصت إلى تثبيت اتفاقات مبدئية لها أن تنتشل التشكيلة الحكومية من ما هي فيه، صدم معنيون في الساعاتِ الماضية بتسرّب معلومات عن مصادر موثوقة إلى مجالسهم حملت إشارات "غير مريحة" وردت إلى من يعنيهم أمرُ التشكيل مباشرةً، تدعوا هؤلاء إلى التريثِ قليلاً حتى ينجلي غبار "لقاء وارسو" الذي دعت إليه واشنطن وسيبحث إنشاء حلف ضد إيران في ١٣ شباط القادم.

لذلك، سارعت بعض المجالس إلى التأكد من المعلومات، سيّما بعد أن لاحظت بدء البعض بعملية ربط بين الأمرين تأسيساً لقاعدة تأخير جديدة تحت عناوين "تكتيكية" جارٍ تسويقها.

أصلاً، "أمر عمليات التأخير" كان قد عمّم في بيروت خلال زيارة المبعوث الأميركي ديفيد هيل، الذي خيّر من يعنيهم الأمر بين مسألتين "إما تشكيل حكومة جديدة لا تراعي أي نفوذ قوي لحزب الله أو الإنصراف إلى تفعيل حكومة تصريف الأعمال"، وفي هذا الكلام الذي قيل سراً واسمع علنية، أكثر من دليل على عدم توفر رغبة أميركية ولا أجواء مؤاتية تصلح للتشكيل، ما يرخى إلى اعتقادِ أن الحراك الجاري "شكلي".

أكثر من ذلك، فإن المصادر القريبة من حزب الله، تجد أن النّية من وراء افتعال قضية تبديل الحقائب التي تطرأ بين الحين والأخرى وفي كل مرّة يجري الإدعاء فيها بقرب إعلان التشكيلة، هي "تشليح" حزب الله وزارة الصحة العامة كشرط أميركي موضوع من أجل إمرار تشكيل الحكومة.

المثير للإهتمام ما نقلته المصادر عن تلقي حزب الله عروضات واغراءات "محددة" في حال رضي بالتخلي عن الحقيبة، ثم عن تمثيله "الوازن" وحلفائه في حكومة الحريري الثالثة، والعودة إلى نموذج التوزير الذي اعتمدهُ في الحكومات السّابقة.

طبعاً، حزب الله ليس مخولاً الإجابة عن هكذا عروض معروفة الحسب والنسب ما دام يعلمُ الغاية منها، لذلك عمل على تجاهلها دون أن يقدم أية إجابات إلى مصادرها، وهذا يعني أنه لا يقيم أي وزن لها، بل أحال المروّجين إلى قاعدة رئيس المجلس نبيه بري الذي قال مرة أن "فتح باب الحقائب من جديد من شأنه أن يعيد الأمور إلى الوراء، ويدفعنا إلى المطالبةِ بأكثر من الحصة الوزارية المُعطاة لنا حالياً".

على مقلبِ الحزب تقرأ الأمور بالمقلوب في ما يتصل بالتأخير الذي دعا إليه هيل، بكل ما يتضمنه من أهداف، ما يحملُ الضاحية إلى تفعيلِ محركاتها أكثر باتجاه بلورة صورة حكومية كاملة. وتأسيساً على ما تقدم، تقول أوساط محيطة بها أن "القرار الآن هو للدفع صوب تشكيل حكومة قبل لقاء وارسو".

إذاً شد الحبال يجري الآن على قاعدةِ من له القدرة على سحب اللّقاح وحقنه في جسد التشكيلة الحكومية لإيقاظها من كبوتها، أي حكومة قبل وارسو أم بعد وارسو؟

في الخفاء، يبدو أن حزب الله وضع بين يديه تراقاً مناسباً "الآمال معقودة عليه" وفق ما تؤكد مصادر محيطة بالضاحية، فـ"قبول هذا الترياق من عدمه له أن يكشف النوايا إن لجهة النّية في تمديد تأخير تشكيل الحكومة أو تشكيلها الآن"، لكن المصادر التي شدّدت أن المخرج المشار إليه "سيشكل صدمة إيجابية وسينتج عنه إخراج ورقة قوية تُذهب أي حجج للإستمرار في التأخير" أبقت لنفسها حق عدم البوح بأي تفصيل حول ما تقدمت به، تاركةً الأمر من صلاحية السيد حسن نصرالله الذي سيطل اليوم عبر الشاشة.