"ليبانون ديبايت" - المحرر السياسي
ماذا سيقول الوزير جبران باسيل بعد 9 أشهر على تعطيل الحكومة، وهو كان قال:"نريد معايير واحدة للجميع"، وأسقطوا له المعايير في "اللقاء التشاوري" السنّي. وقال في بكركي:"من حقنا الثلث المعطّل، وسنأخذ هذا الثلث المعطّل"، وأسقطوه من 11 إلى 10 إلى 8 وزراء، إذ عملياً خسر الطاشناق بعد محاولة مقايضته حقيبة السياحة لصالح حقيبة البيئة، وهو لم يربح الوزير الدرزي الثالث، إضافة إلى وديعة أخرى من حصة رئيس الجمهورية ليست له.
إذاً، للوزير باسيل عملياً هو ورئيس الجمهورية 11 وزيراً في الوقت العادي، و8 في الأوقات "الحرجة".
ولهذا، لم تأتِ رياح تشكيل الحكومة الجديدة وفق ما كانت تشتهيه سفن "التيار الوطني الحر"، فكل المناورات والمفاوضات وعمليات الأخذ والردّ و"شدّ الحبال" والضغط الذي مورس من هنا وهناك، وكلّف اللبنانيين والخزينة ما يزيد على 8 مليارات دولار، لم تؤدِّ إلى تحقيق ما كان يصبو إليه من سيطرة على قرار الحكومة للتحكّم بها.
وبصرف النظر عن المرحلة المقبلة، وما ينتظر هذه الحكومة من تحدّيات وامتحانات، فإن الإنطلاقة الأولى ستكون من خلال تجربة التعايش بين الخصوم على طاولة مجلس الوزراء، والتي تبقى مهدّدة بالصدام مع مناقشة أي ملف "دسم" بدأ يوضع منذ اليوم على مشرحة الحكومة، ولن يكون ملف تلزيم خزّانات طرابلس والمحطة الكهربائية لدير عمار سوى البداية لمسار طويل وشائك أمام الوزراء.
التسوية قد تمّت، ولكن كما استهان أطرافها بخطورة الوضع المالي والإقتصادي في الأشهر الثمانية الماضية، مقدّمين مصلحتهم الخاصة على المصلحة العليا للبلد والناس، فإن الأضواء الخارجية، كما الداخلية، مسلّطة اليوم على الساحة اللبنانية من أجل الإقلاع بما هو منتظر منها من عناوين، وليس الإنزلاق مجدّداً نحو التجاذبات والصراعات، خصوصاً وأن السؤال الكبير المطروح اليوم بعد تجاوز "قطوع" الحكومة وتنازل "التيار الوطني الحر" الذي عطّل الولادة في الفترة الماضية، يبقى في معادلة النأي بالنفس مجدّداً عن النار الإقليمية.
|