Beirut
16°
|
Homepage
"نيو حزب الله".. لا مهادنة نعم للمواجهة!
عبدالله قمح | السبت 16 شباط 2019 - 1:00

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

الكلام الذي أعلنهُ الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله قبل نحو الشهرين معطوفاً على ما يسمعُ صداه من مداولات داخل مجالس المسؤولين السّياسيين للحزب، لناحية مسائل مكافحة الفساد وتحسين ظروف الإقتصاد، لا تؤشر إلى وجود مهادنة شيعية في المواضيع التي تخص مؤسسات الدّولة بل على العكس تماماً، تتبلور إرهاصات واضحة تفصح عن إقتراب حصول مواجهة محتدمة سيكون عنوانها "تصحيح مسار الدّولة".

خلال العقدين الأخيرين، أي بعد إتفاق الطائف، نفض حزب الله يديه من كل ما له علاقة بالسياسة الدّاخلية إلى حدٍ جعله يعيش على هامش الدّولة، خلافاً للقضايا الإستراتيجية كالمقاومة وغيرها التي وضعها في صلب أولوياته. ثمّة من يهمسُ اليوم أن الحزب ارتكبَ خطأ جسيماً حين ترك ملفات الدّاخل لغيره من ضمن تفاهم مع شريكه السّياسي الآخر في الطائفة، لكن الحزب لديه مبرّره الخاص الذي يدعي عبره أنه حفظ المقاومة وقت الشّدة ولم يشغلها عن التحديات.


اليوم تبدو الأمور مختلفة. حزب الله إستفاقَ بعد أن لامس الخطر أعتاب كل شرائح المجتمع، خاصّة بيئته التي تأن تحت الخط الأحمر، لذ يعلن حزب الله بصوت عال أنه دخل إلى عمقِ المسألة الدّاخلية، وما كان يراهُ سابقاً مستحيلاً أو حرام التعاطي به باتَ ملزماً اليوم، وقد أبلغَ من يعنيهم الأمر بقراره وتوجهاته، وأنه بات معنياً بكافة التفاصيل الدّاخلية، كلها يعني كلها، ما يعني أن السيناريو السّابق الذي كان يقضي تجاوزه وبرضاه، لم يعُد قائماً!

البديل بالنسبة إلى الحزب اليوم هو المشاركة. لقد أبلغ قياديوه، ومن أعلى المستويات، أنه وفي الشأن الداخلي بات شريك كامل الأوصاف وغير منقوص، وهو لم يبدأ التفافة، بل يكادُ ينهي إلتفافة التّحول الكامل على مستوى مشاركته في الدولة ومؤسساتها، من النقاش إلى التخطيط إلى المشاريع، لكن من خارج السمسرات وثقافة "مرقلي تمرقلك".. هذا بالضبط ما أوحت إليه وقفة النّائب حسن فضل الله!

قبل مدة قصيرة، افتتحَ حزب الله ورشة داخلية تحت إشراف السيد نصرالله، كانت مهمتها إجراء تدقيق في المسارِ المؤسساتي للدولة بعدما باتت الشّقوق والشروخ والعيوب بالغة الوضوح. توصّل المشاركون في نهايةِ الورشة التي امتدت لفترة قياسية مقارنة بغيرها، إلى خلاصةٍ مفادها أن أزمة لبنان منذ الفترة التي تلت إنتهاء الحرب إلى اليوم تلخص في مسألتين: النموذج الإقتصادي المعتمد .. والفساد.

وقد أقرّ الحزب بناءاً على الخلاصات التي توفرت لديه، أن الفساد الذي يفتكُ في الدّولة ويضرب المؤسسات ويحولها إلى "شركات زبائنية"، ليس أساسها الأفراد بقدر ما ترتبطُ بالنظرة الإقتصادية للنظام اللُّبناني، أي النظام الإقتصادي المعتمد الذي أرسى بعد الحرب.

وخَلُص الحزب برؤيته الجديدة، أن أي إصلاح جدي وموضوعي ويؤدي إلى نتائج إيجابية، لا يرتبط فقط بمكافحة الفساد وتحسين أداء المؤسسات ووضع آليات لإبعاد المحاصصات عنها، بل يجب اولاً أن يبدأ من تعديل النموذج أو النظام الإقتصادي القائم الذي يولّد كل الأسباب آنفة الذكر!

حزب الله يدرك أن مثل هذا الأمر سيجعله في مواجهة الجزء الأكبر من الأحزاب والهيئات، السّياسية والمالية و الإقتصادية والطائفية، المستفيدة من هذا النظام والمتحكمة به، وهو أدرك مسبقاً أن أي تغيير يقترح إدخاله أو مقترح الحدوث لا بد أن تنتج عنه مواجهة قاسية محتدمة كأمرٍ ضروري أجل فرض وجوده، وهو ما له أن يزيد من إثقالِ المواجهة على أكتاف الحزب الذي يواجه أصلاً في الدّاخلِ مسألة شرعية سلاحه.

في الإدراكِ الباطني للحزب، أن الشروع بحفلة التغيير المنشودة، لا بد وأن تستخدم أدوات ضغط سياسية أكبر وأشمل إلى جانبِ تشكيل إئتلاف قوى وازن يسعى إلى نفس الخيارات، أو الحدِّ الأدنى منها، وتجيير قدرة شعبية هائلة تعمل كقوة ضاغطة، وقد بدأ حزب الله فعلياً بعرض وجهات نظره حيال حل الأزمة الاقتصادية، بشكل كامل غير منقوص وفق الآلية المُشار إليها، على جهات سياسية عدة فاتحاً باب النقاش حولها.

ولعل أكثر ما يواجه حزب الله في مشوار تحقيق ما وضعه أمامه من خطط، يكمن في المصالح الرئيسية التي تعتبر مورداً مالياً في الدّولة وتعتاش منها بعض الفئات والاحزاب، كملفات التلزيمات مثلاً.

منذ نحو شهرين أشار السّيد نصرالله أن "الحزب" سيفتحُ ورشة يرمي من خلالها إلى التدقيق في ملفاتٍ التلزيمات بعد تشكيل الحُكومة، وهذا يفتح الباب لمواجهة كبرى ليس بين الحزب وأخصامه بل حلفائه الذين يتهمون حديثاً بأنهم يحملون مشاريع إستفادة جديدة، لا بل أكثرهم استفادة!

أضف إلى ذلك، أن خصوم الحزب الخارجيون لن يتركوه وحلفائه يجرون تعديلات على شكلٍ أي مفصل من مفاصل الدّولة، لاقناعٍ مسبق لديهم من أن الحزب لا يعمل من أجل أجندة تقدم وتطوير بل لأغراض تخصه ومشروعه.

وقد سبقَ للأميركيين أن حذّروا من تقديم مساحات كبيرة لحزب الله، إن بحضوره في الحُكومة أو على مستوى مؤسسات الدولة، وعدم ترك مجال يسمح له إجراء تعديل أو تغيير جذري على الهوية الإقتصادية، وهذا نابعٌ من إدراكٍ حسّي تكون لديهم حول أن ما يحملهُ من أفكار وإصلاحات إقتصادية يختلف جذرياً عن النظام الاقتصادي القائم في لبنان المرعى من قبل السّياسيات الأميركية، وإن أي إدخال عليه من جهة لا تلتزم والرؤى الإقتصادية العامّة سيجعلهُ نظاماً خارجاً عن إدارة واشنطن ومصالحها ومصالح فئة صغيرة متلازمة و تلك السّياسيات، ما يعني أن أعتاب المواجهة ستفتحُ على مصرعيها حين تنضج الفكرة ويحين موعد طرحها.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
بعد قطعه جثة زوجته ودفنها في الحديقة... قوى الامن توقف القاتل 9 هجوم مسلح في الاشرفية... اليكم التفاصيل! 5 بالفيديو: إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في برج حمود 1
"خلافا للشائعات"... صواريخ "العراق" تكشف خفايا الهجوم على ايران! 10 فرنجية ليس شيطاناً والياس بو صعب خسارة كبيرة... نائب عوني يحذّر من قنبلة ستنفجر ونداء إلى بري! 6 إقامة دائمة لـ "السوريين" 2
هذا ما تضمنته خطة التسوية الفرنسية للجنوب 11 "بالشتم والضرب"... كاهنان يعتديان على المهندس رولان غسطين 7 زياد أسود يكشف خلفيات "فصل" بو صعب وعن "حضانة" باسيل: ما حدا باقي! 3
"جزءٌ مهمٌ من منظومة الدفاع الجوي"... تقريرٌ عن اضرار الهجوم الإسرائيلي 12 صور "تظهر" حجم الأضرار في القاعدة الإيرانية المستهدفة! 8 القضاء يهدر جهود القوى الامنية… اخلاء سبيل عصابة خطف 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر