ليبانون ديبايت - روني ألفا
مبروك. أُزيلَت الحواجز الإسمنتية من مداخل بيوت الزعماء. صارَت الزيارة من دون باطون مسلّح. صار الزعماء مواطنين عاديين مثلنا. صارَت بيوتهم مثل بيوتِنا. بيوت بأبواب مفتوحة وشبابيك ظاهرة للعيان.
تبقى، بعد هذا الإنجاز النوعي، مكعبات غليظة من الخرسانة والأسلاك الشائكة أمام حصانات النواب والوزراء والرؤساء. نواب خلف متاريس الحصانة يمارسون القنص. يحلفون بالعفة. يرمون قنابل صوتية. أشكالُهم تشبِهُ أعضاء جمعيات الحَبَل بلا دنس. كلامهم أقرب الى تعاليم بوذا وتصوّف جلال الدين الرومي ووطنية تشي غيفارا.
وزراء ورؤساء ونواب خلف الدُّشَم وأكياس الرمل البشري يطلقون النار. "عِملو" السَّبعَة وذمّتها وينتظرون ذِمَم جديدة تُعرَض عليهم.
متى يُحاكَمُ الرؤساء والوزراء في لبنان؟
متى يصل النائب الى مجلس النواب من دون حصانة سوى حصانة نظافة كفه؟
السياسة في لبنان أشبَهُ بغسيل سجِلّ عَدلي. أُناس ببقع سوداء يعيدون تبييض تاريخهم بمساحيق انتخابية. النظام يوفّر لهم الغسالات الحديثة والنشافات ومناشر تشميس العفة على حرارة عالية. بعد ذلك يسهل كل شيئ.
كل شيئ بما فيه تحوُّل التُّفَهاء الى أبطال ورموز ومرجعيات برتبة ملائكة. أناسٌ تخرّجوا من جامعات الصدفة. حَمَلَة شهادات ميلاد يتحوّلون الى أصحاب دولة وسعادة ومعالي.
فقط عندما يدخل رجل السياسة الى المعترك فقيراً ويخرج أفقر يكون رسولاً. كل ما دون هذا المعيار هرطقة وضرب زعرنة مُمَكيَج بهالة ملائكية.
الحل لأي رجل دولة لا يمزح في هذا الخصوص يبدأ بتعيين شركة تدقيق مالي مهمتها كشف المستور. بعدها يُفتَح رقم حساب خاص في مصرف لبنان تحت إسم: حساب ما لقيصر للشعب. بهيبة القضاء تفرغ حسابات النشالين ويتعزَّز حساب الشعب.
من دون عودة الأموال المنهوبة يبقى الإصلاح أشبه بإعلانات مبوّبة. أشبَهُ بتجارة البالي في سوق الأحد. أشبَهُ بغناء أوبِرالي في حمام تركي.
كل ملفات الفساد كتابة وسيناريو وحوار أبطال الشاشة الصغيرة هذه الأيام بحاجة الى مراجعة دقيقة من جورج خباز ومروان نجّار.
بالطبع يجب بناء سجون خاصّة للداخلين الجُدُد. زنازين مجهّزة لأقامة طويلة الأمد. من دون سجون يبقى الإصلاح أشبَهُ بتمثيلية في مسرح شوشو ودعابة مرويّة على لسان أبو العبد في قهوة شعبية في عين المريسة.
الإصلاح من دون كل ما سبق أسوأ من الفساد. بل شراكة استراتيجية مع الفاسدين.
|