Beirut
16°
|
Homepage
مواجهة صعبة بين عون والأميركيين
عبدالله قمح | الاربعاء 20 آذار 2019 - 1:00

ليبانون ديبايت - عبدالله قمح

يعرفُ الرّئيس ميشال عون «الخطوط الحمر» التي رسمها الأميركيّون في لبنان جيّداً، البعض يعتبرها سلسِلة لاءات أكثر من كونها خطوطاً: لا لتعاظم قوّة حزب الله داخل الدولة، لا لإستخراج النفط والغاز من دون تفاهم مسبق، لا لتعاون عسكري بين لبنان وروسيا.. في قاموس ميشال عون هذه كلّه غير موجود، لا بل أنّه مستعد لنسف أركانه متى شاء!

البعض يعتبرُ أنّ التهديد بنسف هذه اللآءات مجرّد أقاويل، على اعتبارِ أنّ لا عون ولا غيره من رؤساء الجمهوريّة في لبنان قادرين على إدخال أي تعديل على موزاييك موازين القوى الدوليّة في الداخل، وهم ايضاً غير قادرين على تحريك أي خط أحمر أو تعديله إلى لونٍ آخر.. وتبعاً لذلك تصبح «مصطلحات النسف» مجرّد اقاويل داخليّة هدفها الاستهلاك!


لكن هناك جانب آخر، أكثر تشدّداً، يُصرّحُ في العلنِ أنّ عون، رئيس الجمهوريّة القوي، القابض على مروحة من التحّالفات والتمثيل النّيابي والوزاري الذي يوفّر لهُ طوق حماية ومظلّة نجاة، لا يقيم وزناً لأي «خطوط حمر»، وهو جاهز في أي لحظة لحمل المطرقة والبدء بـ«تكسير» تلك الخطوط خدمة لمصلحة لبنان! ولتأكيد قولهم يدلّون إلى زيارة عون المرتقبة لموسكو.

البعض من أعضاء الدائرة المقرّبة من رئيس الجمهوريّة، يرسمُ خطوط طول وعرض، ويعلّق آمالاً كثيرة على زيارة الدّولة المرتقبة إلى روسيا، بل أنّهم يحملونها أوزاراً عدّة تصلح للإرتقاء بدور لُبنان وقدراته.. من هُنا، تصبحُ جميع «الخطوط الحمر» التي رسمت أميركيّاً مجّرد «حبر أقلام» لا يعدو كونه تمنيّات أميركيّة غير قابلة للاستهلاك.

وعلى ذكرِ التمنيّات، يُشير أكثر من مصدر سياسي إلى أنّ الإدارة الأميركيّة كانت قد أبلغت عون، أو من هم قريبون منه، بسلسلة «محاذير» في الفترة الاخيرة، تمحورت حول قضيّة التنقيب عن النفط في البحر وغياب أي رغبة أميركيّة في ذلك ما دام لم يجرِ نقش أي تفاهم، بالإضافة إلى حدودِ التعاطي «العسكري» مع روسيا.

وقد نقلت الإدارة الأميركيّة وقتذاك نواياها من سقف التحذيرات إلى مستوى التنفيذ العملاني، حيث أدى ضغطها إلى سحبِ رئيس الحُكومة سعد الحريري لبند بحث اتفاقيّة التعاون العسكري بين لبنان وروسيا من على طاولةِ حكومة «استعادة الثقة» السابقة على الرغم من وعدٍ قطعه أمامَ المسؤولين الروس أثناء زيارته لهم، ولغاية تاريخه لم يعد أحد يأتي على أي ذكر للإتفاقيّة.

بالنسبة إلى الأميركي، هو يعتبرُ أنّ أي دخول روسي إلى المسرح اللُّبناني في ظلِ وجود «كفّة ميزان قويّة» له داخل سوريا، أمر ممنوع، لكون واشنطن ترى لبنان ساحة تقيم من خلالها توازن القوى في السّاحة بوجه روسيا، وبالتالي هي تعتبر أنّ أي محاولة لاختراق مسرحها «لعب بالنار».

لكن ثمّة من في لُبنان يهوى اللّعب بالنار، عون على رأسهم وحزب الله ثانيهما، وهذان الاثنان، وجدا من موضوع تسريع آلية التنقيب عن النفط ثم ايجاد مصادر تسليح أخرى للجيش اللبناني، خطوتان يجب العمل على تحقيقهما. من هُنا يحمل إستحقاقان أعلى درجات الإهتمام: الأوّل زيارة وزير الخارجيّة الأميركيّة مايك بومبيو إلى بيروت، والثاني زيارة عون إلى روسيا.

وخلافاً للإعتقاد السّائد حول أنّ بومبيو سيركز في محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين على ملف حزب الله وحضوره داخل السلطة اللبنانيّة، هناك أكثر من مصدر دبلوماسي يؤكّد أنّ وزير الخارجيّة الأميركي يهمّه جدول أعمال زيارة عون إلى روسيا أكثر من أي ملف آخر، وسط الحديث عن وجود نيّة لدى الأخير من أجل بحث ملف اتفاقيّة التعاون العسكري.

وثمّة معلومات تلهج بها أوساط عدّة، حول أنّ وجود مصلحة مشتركة بين عون بصفته رئيس الجمهوريّة من جهة، وروسيا من جهة أخرى، من أجل إعادة فتح ملف الاتفاقيّة وتعبيد الطريق أمامها، وهذه الأخيرة وجدت في عون خياراً أفضل بعد تلاشي آمالها من إحتمالِ توليّ الرئيس الحريري أي دور في الملف. من هنا، يؤكّد أكثر من مصادر لـ«ليبانون ديبايت» أنّ بومبيو سيعيد تذكير المسؤولين اللّبنانيين خلال زيارته بالخطوط الأميركيّة المرسومة كي تؤخذ في الاعتبار حين يبدأ عون زيارته الروسيّة.

طبعاً عون في هذه الحالة لن يذهبُ نحو فتح مواجهة علنيّة مع الولايات المتّحدة لإدراكه المسبق بعناصر قوّتها، خاصة وإنَّ استحقاقات لبنانيّة مصيرية قادمة بالتدريج، وعلى ذمّة أوساط عدّة، يفضّل عون منطق «المواجهة الناعمة» المضبوطة على تلك العلنيّة المفتوحة.

إحدى هذه البوادر وجود توجّه لديه بعدم اصطحاب وزير الدفاع الياس أبو صعب معه في الزيارة، ولا يبدو ايضاً أنّ ثمّة ضبّاطاً سيرافقون عون، لا بل من الواضح أكثر أنّ الرئيس يعطي الرشاقة أولويّة، بحيث أنّه سيَحصر مرافقيه من المسؤولين بوزير الخارجية جبران باسيل.. بهذا المعنى، يبدو أنّ عون يُرسل رسائل مفادها أنّ خلو الوفد من أركان النجوم والنياشين من أصحاب الإختصاص يعني أنّ بحث موضوع الإتفاقيّة غير وارد أو مؤجّل.

لكن هناك من يفتحُ قوس، معتقداً أنّ عون بخطوته ذا إنّ حصلت، قد يكون يرمي من ورائها إلى التشويش على جدولِ أعمال زيارته، ورمي «قنابل دخانيّة» بُغية إخفاء حقيقة ما يصبو اليه، فمن يضمن مثلاً أنّ لا يبحث عون موضوع اتفاقيّة التعاون بهدوء وبعيداً عن الإعلام ودون شوشرة ومن خارج وجود أي وفد عسكري؟ وبالنسبة لهم، عون يغني عن الآخرين لكونه أوّلاً القائد الأعلى للقوّات المسلّحة، وثانياً قائداً سابقاً للجيش اللُّبناني ورئيس سابق لحكومة عسكريّة زمن الحرب!

على هذا النحو يمكنُ إعتبار أنّ المرور الأميركي في بيروت سيكون من النوع القاسي الذي يحملُ رسائل مهمة، كما أنّ عامل الاحاطة لهذه الزيارة من قبل عون لن يكون أقل قدراً، بل ثمّة من يقرأ الكتب من عناوينها التي تعطي صورةً حول فترة مواجهة ناعمة ستدور رحاها بين عون والأميركيين وستكون علامة فارقة للنصف الأخير من عهده.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
"إنجاز هائل" لحزب الله... إعلام إسرائيلي يكشف! 9 تشريح عقل جنبلاط وكشف ما في داخله... "دمار وخراب بانتظار اللبنانيين"! 5 "الجنون" يضرب نيسان... خنيصر يتحدّث عن أمرٍ نادر ويكشف "مفاجأة"! (فيديو) 1
بعد خبر توقيف قاصر... توضيح من "لجنة أهل متوسطة عانوت" 10 طائرة تهبط في مطار بيروت وعليها عبارة "تل أبيب"! 6 سيناريو يهدد دولار الـ 89 ألف ليرة.. خبير اقتصادي يكشف عن الخطة المقبلة! 2
"بهدف التستر"... الأقمار الصناعية تظهر ما قامت به إيران! 11 "مؤشر إيجابي"... خطوات "عملية" هامّة في ملف النزوح السوري! 7 حقيقة الخلاف بين باسيل وبعض نواب كتلته! 3
"بسبب شائعة"... حرق منازل واعتداء على أقباط في مصر 12 الأمور لم تعد تحتمل... "الخطر" يُحيط بـ "بلدة شمالية"! 8 خرج من الأنفاق... السنوار يتفقد غزة (صور) 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر