Beirut
16°
|
Homepage
القوّات: لن نواجه حزب الله
عبدالله قمح | الخميس 28 آذار 2019 - 0:00

ليبانون ديبايت - عبدالله قمح

لم يخرج مايك بومبيو مسروراً بعد لقائهِ رئيس حزب القوّات سمير جعجع، ربّما كان الضيف الأميركي يظن بأنّه سيسمعُ في معراب كلاماً أقسى عن حزب الله، بحكم أنّ الزوّار الأميركيين كما قاعدتهم في عوكر، يضعون وزيرهم في صورة دائمة حول محوريّة معراب في مواجهة الحزب، وأصلاً كان الوزير نفسه على إطلاع بالغنج والدلال الأميركيين لمعراب، لكنّ المصادفة كانت أنّ جعجع باغتهُ بوجبة خلطَ بها حابل الدّاخل بنابل الإقليم، ليخرج الوزير الأميركي بعدها مصاباً بالدوار!

لا يعني هذا الكلام أنّ جعجع «كوّع» بإتجاه الضاحية، قطعاً لا، فالذي يعرف القوّات يعلم أنّ ما يفرّقها عن الحزب، والعكس صحيح، أكثر بكثير مما يجمع، بقطع النظر عن وجود تقاطعات هُنا وهُناك، لكنّ «الحكيم» يحاولُ التّعاطي بحكمة مع السّياسة الأميركيّة الجديدة التي هي خليطٌ بين الجنون والسّمسرة!


خلالَ تلك الجلسة، أجرى جعجع مطالعة حول الوضع العام في المنطقةِ والحضور الأميركي من اليمن إلى سوريا ففلسطين وصولاً إلى لُبنان، ضمّنها إنتقادات واضحة لسياسات البيت الأبيض، مع إشارة إلى غياب القدرة لديهم على مواجهة حزب الله. وقد ربطَ المسألة اللبنانيّة بالأبعاد الإقليميّة، كذلك كان تصويبه على السّياسات الأميركيّة لبنانيّاً شديدَ الوضوح، ما أوحى أنّ تلك السّياسات لا تخدم قضيّة جعجع داخليّاً.

ما حاولَ جعجع قوله لـ«بومبيو» خلاصته أنّ حلّ «المشكلة اللبنانيّة» يرتَبطُ بحلّ في الإقليم، وبين السّطور حاولَ إيصال رسالة إلى ضيفهِ مفادها «لا خدمات مجانيّة يحوّلها الأميركي إستثمارات يُعزّز بها أوراقه اقليميّاً»، من دونِ أن يُسلّفنا ما نحن بحاجة إليه.

استُتبعَ هذا الجو بسلسلة مواقف جاءت متزامنة وعلى نفسِ الوتر تقريباً، ما أوحى أنّها منسّقة. كانت ٣ أحداث، وضعت تحت مجهر الترصّد والتّمحيص، ومن حيث تزامنها، تحوّلت إلى محطِ لفت النّظر، ما أعطى انطباعاً أن ّالقوّات حقّاً تحاول التّمايز عن الموقف الأميركي وإخراج نفسها من ثوبِ خطاب منبر وزارة الخارجيّة.

العلامة الأولى ضمّنت في بيانِ «ستريدا» التي نقضت فيه القرار الأميركي الذي قدّم الجولان هديّة لإسرائيل.كان لافتاً أنّ البيان طُعّم بإطلاق نار ناعم تجاه المقاربة الأميركيّة الخاطئة في المنطقة، وطبعاً لا يعقل أنّ تُغرّد ستريدا خارج سرب حكيمها!

العلامة الثّانية جاءت من خلالِ مقاطعة العشاء الذي دعا إليه النّائب ميشال معوّض على شرفِ بومبيو. في هذه، حاولت القوّات تقديم تبرير لغيابها أتى على شكلِ إختلاق نظريّة قامت على خلافٍ نشأ بين معراب ومعوض! لكنّ تزامن المقاطعة والتمايز مع بومبيو، أشعلَ فتيلاً أمكن له أنّ يُرخي عن أسباب أخرى حاولت القوّات إشاحة النّظر عنها.

أمّا القضيّة الثّالثة فلها أنّ تنسف كلّ الاقاويل التي اريدَ عبرها إخفاء أي «تباين» أميركي - قوّاتي، بشهادة النّائب وهبي قاطيشا النّاطق بلسان معراب، حين اعتبرَ أنّ حزب الله «مكوّن لبناني أساسي» وكأنّه يقول للوزير الأميركي الذي كان يجول في جبيل «لا تطلب منا شيئ»".. لكن لماذا؟

ثمّة عدّة قراءات تحاولُ تفسير هذا التمايز، بين جهة ترى أنّ جعجع ادركَ ولو متأخراً عدم جدوى السّير في المشاريع الأميركيّة، وأخرى تعتقد أنّ رئيس حزب القوّات أضحى قارئاً جيداً في رزم ِالسّياسة الدّاخليّة ودروبها، حوّلتهُ التجارب إلى شخصٍ «واقعي» مع رشفة خضرمة.

ولعلّ أكثر القراءات دقّة، تلك التي تعتبرُ أن جعجع تلقف اجواءاً تدل إلى وجودِ توجّهات أميركيّة لزيادة الضغط على إيران وشركائها من أجلِ جرّها إلى طاولة المفاوضات، بعد أن تصل الضغوطات إلى أعلى درجة ممكنة، تماماً كما فعل ترامب مع كوريا الشماليّة، وهذا يندرجُ ضمن نهج ترامب الذي يعتمدُ أسلوبَ رجل الأعمال: «يضغط على الطرفِ الآخر حتى يضّعف، فيهرع إليه للمفاوضة وعقد الصفقات».

ثمّ أنّ هناك معلومة تدورُ داخل صالونات، حول وقوف جهة سياسيّة بارزة خلف إسداء نصيحة إلى جعجع عنوانها «الإنتباه إلى ما يحضّرُ أميركيّاً، وعدم تجاوز الخط المرسوم داخليّاً لمواجهة حزب الله لما له من إنعكاسات قاسية على الإقتصاد»، وهذه أتت في ذروة تكون القراءة السّياسية لدى جعجع، حول غياب الجدوى من الخوضِ في معارك قاسية في داخل يعج بالأمراض!

أضف إلى ذلك أنّ جعجع وجدَ في زيادة نسب العقوبات الأميركيّة، إنعكاسات سلبيّة على الوضعِ اللُّبناني العام وليس على حزب الله فقط، خاصّة وإنّ البلاد مقبلةٌ على مرحلة إقتصاديّة عصيبة، وإنّ أفرقاء الآخرين سيلحقهم «طرطوشة»، ولها أنّ تحرفه عن مسار «حرب الفساد» التي يتطلع لأن ُتعزّز موقعه سياسيّاً.. فما الدّاعي للتضحية بكل شيء؟ وماذا سيستفيدُ جعجع في حالِ ضحى بكل شيء ولم يحفظ «خط الرجعة» سيركبُ الأميركيّون «حصان التسويات» ويتخلّون عن الجميع كما درجت العادة؟

والاعتقاد الراسخ يقود إلى اعتقاد حول أنّ تركيب «الديل» الأميركي مع إيران سيأتي أوّلاً على مصالح حلفاء واشنطن الذين ووفق النظرة الأميركيّة، عليهم تقديم الخدمات لكن من دون قبض ثمنها، وهو تحديداً ما باتَ يعرفه جعجع وفريقه السياسي وجربوه أكثر من مرّة.. فما الداعي اليوم إلى إعادة التجربة والخروج بخفّي حُنين؟

من المؤكّد أنّ جعجع لن يتخلّى عن خطابهِ بوجه حزب الله، ولن يعيدَ التموضع داخليّاً بل هو باقٍ مكانه ضمن إطار الخصومة الكلاسيكيّة - التقليديّة مع الحزب تحت سقف المساكنة والتسوية السياسيّة، لكن وعلى نحوٍ واضح، يرسل رسالة إلى حارة حريك أو ربّما يسلّفها موقفاً عنوانه: «لن نواجهكم إرضاءً للأميركي!».
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
عملية للحزب في عمق اسرائيل... صقور متفجرة تدك القاعدة العسكرية الأكبر! 9 مرة جديدة... الجيش الإسرائيلي يستهدف بعلبك! (فيديو) 5 طائرة تهبط في مطار بيروت وعليها عبارة "تل أبيب"! 1
"بهدف التستر"... الأقمار الصناعية تظهر ما قامت به إيران! 10 رواتب القطاع العام في خطر هذا الشهر! 6 صوت قوي "يوقظ" سكان الجديدة... ماذا حصل عند "ABDO"؟! (فيديو) 2
نائب يودّع العزوبية بعد أسابيع! 11 الإثنين يوم مفصلي... هل يحمل البشرى؟! 7 الرواية الحقيقية لـ "إنفجار دورس"! 3
اسرائيل تصعّد... "ما حصل في غزة سيكون في بيروت"! 12 "إنجاز هائل" لحزب الله... إعلام إسرائيلي يكشف! 8 أرسل صوراً لـ"القبة الحديدية"... هكذا خدعت طهران جندي إسرائيلي! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر