Beirut
16°
|
Homepage
واشنطن تخرق بالحريري وباسيل
عبدالله قمح | الاربعاء 03 نيسان 2019 - 0:00

ليبانون ديبايت - عبدالله قمح

قرّرَ لبنان أخيراً إستلحاق نفسهِ نفطيّاً وتأمين «قدم» لهُ في التفاهمات والإتّفاقات التي تبرم في محيطه. المشكلة التي نعاني منها في هذا الملف هي نفسها تقريباً في كلّ الملفّات، منطق الجهل وغياب عقل التخطيط والإبتكار، وهذه المشكلة بالضبط تجعلنا نسيرُ نحو الملف ونحنُ نستعين بطائرة من ورق بينما الآخرين إستفادوا من هذا البطء ما جعلهم يستوطنون في مجّرة أخرى!

قبلَ أيّام، وجّهت دعوة إلى عقدِ لقاء على مستوى وزراء الخارجيّة بين كلّ من لبنان وقبرص واليونان للبحث في ملفات مشتركة وذلك في ١٠ نيسان الجاري، الملفّات المشتركة التي يجري الحديث عنها، بحسب أوساط «ليبانون ديبايت»، تتّصلُ بإبرام إتفاقات أو تفاهمات مشتركة حول حدود التّنقيب عن الغاز والنفط في البحر المتوسّط، والأهم تأمين الأسواق.


الدّافعون خلفَ هذا الإجتماع لبنانيّاً بوصفهِ «لقاءاً هاماً» سقطَ من ذهنهم أنّ الحُكومة الإسرائيليّة أبرمت مؤخّراً إتفاقيّات مع الدُّول أعلاه حول مَد أنابيب تصريف إنتاج الغاز إلى أوروبا باستخدام أراضي تلك الدُّول، إلى جانب توقيع اتفاقات شراكة وتعاون وأسواق ومشتركة تختص في هذا القطاع حصراً، الذي باشرت تل ابيب، أو تكاد، استخراج مكنوناته من عمق المياه ! معنى هذا الكلام أنّ لبنان وصل متأخّراً، وإسرائيل حجزت السوق فإلى أين نحن ذاهبون؟!

ثمّة من يسأل عن سبب تأخّر هذا اللّقاء أعواماً ما أفسحَ في المجالِ أمام إسرائيل لإقتناص الفرصة وإبرام معاهدات شراكة مع قبرص واليونان ومصر قضت بحجز السوق لصالح دولة الاحتلال التي عَلمت من أين تؤكل الكتف.. «تأمين السوق قبل التلزيم والحفر» وهذا بالضبط ما كان ينقص لُبنان الذي غرقَ تماماً و لأعوام في بحث التفاصيل التقنيّة متجاهلاً جميع التفاصيل الإجرائيّة التي يتصدّرها تأمين السّوق قبل تلزيم البلوكات، وهو بالضبط ما سيواجه لُبنان من متاعب لاحقاً.

لكن ثمّة تفصيل ربمّا هو أكثر لفتاً للإنتباه وربّما يمكنهُ تفسير «الإستفاقة المتأخّرة» لبعض المسؤولين تجاه الملف. في داخلِ بعض المجالس والأروقة، هناكَ من يشيرُ إلى حدوثِ تقدّم على صعيد ملف ترسيم الحدود بين لُبنان وفلسطين المحتلّة، وتغيّر دخلَ على توجّهات البعض، ما أوجبَ تسريعاً في الدّفع صوبَ تأمين «إتفاق نفطي» مع بعض الدُّول المحيطة.

الحديث يدورُ تحديداً عن تبدّل دخلَ على مواقف كل من رئيس الحُكومة سعد الحريري ووزير الخارجيّة جبران باسيل تجاه «خطّة هوف» التي عرضها الموفد الأميركي الخاص فريدريك هوف عام ٢٠١٢، والتي ترمي إلى تقاسم مساحة الـ ٨٦٠ كلم مربّع التي يتحفّظ عليها لُبنان عند الحدود الجنوبيّة، بحيث يأخذ لبنان منها ٥٠٠ كلم مربّع فيما تنال إسرائيل ٤٦٠ كيلومتراً.

الخطّة التي رُفضت بالأساس بإجماع سياسي لُبناني ورفضَ التخلّي عن كيلومترٍ واحد من حق لبنان في مياهه واخذت جهداً من الأميركيين لتسويقها من دون نتائج، يبدو أنّ المصلحة إلى جانبِ التهديد الأميركي الجديد بإطلاق يد إسرائيل للتصرّف فيها، قد أتاحَ ذريعةً لدى هذا البعض الذي رفضَ سابقاً، كي يقتنع بالخيار الأميركي الجديد، موزّعاً نظريّة بدأت تطوف داخل أكثر من مجلس منذ زيارة وزير الخارجيّة مايك بومبيو، تقومُ على قاعدة «الإستفادة من الطرح الأميركي وتجاوز احتمال سلب لبنان هذا الحق».

وفي المعلومات، أنّ الموقف لدى الحريري وباسيل تبدّل، بحيث يطرحُ الإثنان منذُ مدّة فكرة تقوم على قبول «خطّة هوف» في البحر ثمَّ تحويل النتائج إلى جهة تحكيم دوليّة ما يسمحُ للبنان في بدء التنقيب عن النفط والغاز في عرض البحر وبالتالي تأمين إستفادة لبنانيّة، في المقابل تُعطى الاولويّة إلى ترسيم الحدود في البرّ والسعي إلى تثبيتِ حقوق لُبنان في الاراضي المتنازع عليها، ثمَّ أن ذلك سيجيزُ التّرسيم في البحر لاحقاً على قاعدة أنّ لا فصل بين البرّ والبحر، ما سيتيحُ بعد حين تثبيت حق لُبنان في مياهه!

من جهةٍ أخرى، يبدو أنّ الحريري وباسيل موافقان، من حيثُ الإستجابة المستجدّة إلى «خطة هوف»، على فكرة طرحت أميركيّاً، حول إنشاء «صندوق سيادي نفطي» تُوضع فيه الأموال المستحقّة عن إستخراج النفط من مياهِ المتوسّط، ثمَّ وعندَ حل عُقَد الحدود والترسيم يجري توزيع الأموال على الدُّول المعنيّة بما يراعى نسب حقوقها في المياه!

هذه الأفكار هي محل رفض من قبل رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي الذي ما زالَ يرابط عند نفس النقطة، القائلة بعدم الفصل بين ترسيم الحدود البريّة والبحريّة وبالتالي الرفض الكلّي لخطّة «هوف» ولأي اقتراح يقوم على نفس المنطق، يجاريه في هذا الموقف حزب الله الذي أبلغَ صراحةً رفضهُ التّام لفصل الترسيم بين البحر والبرّ، ورئيس الجمهوريّة ميشال عون الذي يبدو أنّه يميل صوبَ «نظريّة حزب الله» ورفض التنازل عن أي نقطة مياه لبنانيّة!

ولدى حزب الله قراءته في هذا المقام، تنطلقُ من فكرةِ أنّ القبول بمنطق «خطّة هوف» والتخلّي عن ٣٦٠ كيلومتراً مضافة إلى ٦٠٠ ونيّف أخرى سُلبت إسرائيليّاً (منطق حزب الله يقومُ على ١٣٥٠ كيلومتراً هي الحدود البحريّة للبنان وليسَ ٨٦٠ كيلومتراً كما يطرح هوف)، سيجعلُ موقف لُبنان ضعيفاً في حقّه البحري ولن يجبر إسرائيل، ولو جرى الانتهاء من الترسيم البرّي، على الإستمرارِ في التّرسيم البحري الذي ستعتبره تل أبيب وواشنطن انجزَ سابقاً من خلال الإعتراف بخطّة «هوف».

على هذا الأساس ثمّة من يتحدثُ عن وجود كباش داخلي تتشكّل أطرافه من حزب الله وحركة أمل، من جهة، والتيّار الوطني الحرّ وتيّار المستقبل، من جهةٍ ثانية، حولَ هذا الملف تحديداً، وسطَ وجود مقاربات مختلفة تسعى واشنطن إلى الإستفادة من الخرق الذي تأمّن فيها، أي بعدَ التبدّل الذي دخلَ على موقفي الحريري وباسيل.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
مذكرةٌ من ميقاتي بشأن عطل رسمية... اليكم التفاصيل 9 "الحالة كانت خطيرة جداً"... الحريري يتعافى 5 الضاحية الجنوبية تغلي عسكريًا: تفاصيل ليلة سقوط "السفّاح"! 1
في ذكرى اعتقال جعجع ... نائب سابق يكشف عن حقائق كبرى! 10 سقطة غير مبرّرة لنائب التغيير... من أنتَ؟ 6 الأب إيلي خنيصر يُحذّر من الشهر "المزاجي"... أسبوعان مجنونان بانتظاركم! 2
بعد إصابته بجروح خطرة جراء طلق ناري... نقل كينجي جيراك إلى المستشفى! 11 بيان "هام" من هيئة ادارة السير ! 7 حفل يتحوّل إلى مأساة... ابن بيروت جثّة هامدة! 3
تعميم أوصاف جثّة رجل مجهول الهوية... هل من يَعرف عنه شيئًا؟ 12 لاعادة النازحين وكشف خبايا جريمة سليمان... تعاون بين الدولة اللبنانية والسورية! 8 بالتفاصيل… شعبة المعلومات تفك لغر فرار داني الرشيد 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر