"ليبانون ديبايت"- روني ألفا

أكيهيتو إبن الأمبراطور الإلهي المتحدِّر من آلهة الشمس. أكيهيتو أمبراطور اليابان الحالي يتنازل عن العرش. قال في احتفال التنازل أنه طَعَن في السنّ.

في بلادنا "الطعن" يكون في الإنتخابات فقط. أحياناً بالسكين . أمبراطور يتخلّى عن أمبراطورية. في عالمنا العربي رؤساء على كرسي متحرّك مع تضخّم تاريخي للبروستات. تدخلُ الى بيوتهم فترى إحتياطي ذهب وعملات صعبة أكثر مما تراها في البنوك المركزية. تونس. ليبيا. العراق. مصر. السودان. دُوَلٌ أخرى لم تُفتَح بعد خزناتُ رؤسائِها ربّما نرى داخلها أعضاء بشرية لمُعارِضين وقادة رأي.

في لبنان مدرسة تسلِّم شهادات في التعاطي مع السلطة. "تمديد لمرة واحدة وإستثنائية". "تجديد البيعة". "إعادة انتخاب". "تزكية". "إجماع".

بلاد ما أن تسمع فيها بكلمة "انتخابات" حتى تعتريها الرعشة. ترتفع حرارتها وتطلب مضادات حيوية لمحاربة زكامها الديمقراطي. كراسي مزوّدة بالدِّبِق. مقاعدها شريط لاصِق. أقارِب لَزَم للأمبراطور هيرو هيتو. ورثة شرعيون لتوت عنخ آمون ورعمسيس. رعمسيس برتبة رئيس.

كل يوم نحملُ نحن اللبنانيين آلِهَتَنا الصغيرة ونمشي. نشعِلُ من أجلِ راحَتِها البخّور. اذا طلَبَت ذبيحةً تحوّلَ كلٌ مِنّا الى أبينا "إبراهيم". أولادُنا إذا لزم الأمر نذبحُهُم. إذا لم تتوفّر النعجةُ نذبح أطفالنا نِعاجاً أمام هؤلاء الآلهة الصغار. إسمعوهم: " دمّاتنا عا حسابك". يبخلون عليها للصليب الأحمر. يمنّونَ بها لمن يصلِبُهُم.

نظامٌ أمبراطوري في دُوَلِنا. يجمع بين هيرو هيتو وعيدي أمين دادا. مزيج مبدِع بين الله والشيطان. بين السلالة والسلاسل. دولٌ على شكل حلبة رومانية. الأمبراطور يرمي أولادَه للأُسود ثم لا ينسى أن يبكي.

في لبنان ما أكثر عيدي أمين دادا. هو أكلَ لحومَ البشر في أوغاندا. أتباعُه في لبنان يأكلون لحوم أحلامِنا. أحلامُنا مصابةٌ بالغَرغَرينا. منها ما تمَّ بترُه ومنها على شكل خيبات تَقرَّحَت.

لا ينطبق مفهومُ دولة المزرعة على لبنان. المزرعة منظّمة. مسوّرة. كلُّ سكانِها من أُنسٍ وحيوان ينام على الوقت. يأكلُ ويشربُ ويُذبَحُ على الوقت.

لبنان دولة غابة. في دولة الغابة يمكن أن تموت من لسعة أفعى. من عقصة. من سقطة ثمرة جوز هند على الرأس. غابة محشوة بالقرود والتماسيح وبأحفاد عيدي أمين دادا يتجوّلون شبه عراة. مكسوون بسترات من جلد الإنسان يبحثون عن فرائسهم. أما نحنُ فما زِلنا تيمّناً بأبينا إبراهيم نقدِّمُ الذبائح ليحيا عيدي أمين دادا.