"ليبانون ديبايت" – علاء الخوري

قبل أيام تحدث الاعلامي المقرب من الرئيس سعد الحريري نديم قطيش عن "تقصير" على مستوى الاداء الاعلامي لرئيس الحكومة، مقابل نشاط "غير عادي" لوزير الخارجية جبران باسيل الذي يواكب الرأي العام بتفاصيل أخباره اليومية بدءاً بـ "ارتشاف قهوته في اللقلوق الى حين خلوده للنوم" ما يترك انطباعا معاكساً للواقع في أذهان اللبنانيين، ويُرتب على الحريري اعادة النظر بـ "صورته الاعلامية".

ملاحظات قطيش يرددها "المستقبليون" الممتعضين هذه الايام من الـ show off الباسيلي الذي يطبع صورة مختلفة عما يجري في الاروقة الحكومية، ويأخذ الرأي العام الى مكان مختلف للواقع السياسي الناتج عن التسوية الرئاسية، فيتحدث هؤلاء عن "برودة" الحريري في مقاربة الامور، واستفادة الاخرين منها ليقطفوا ثمار ما زرع.

ويعطي "مناصرو الحريري" مؤتمر سيدر كمثال لما يقصدوه، فالسياسة المالية وما يدور في فلكها اليوم تتمحور حول بنود سيدر الذي يُعتبر "شريان" الاقتصاد اللبناني والداعم الاساسي لنقده، وما كانت الدول الراعية للمؤتمر لتبادر الى دعمه عبر قروض ميسرة، لولا الجهد الاستثنائي للرئيس الحريري الذي يمتلك أوراق قوة خارجية تخوله التفاوض لإنقاذ الوضع في لبنان، وبالتالي فان أي نقاش يُفتح في الحكومة أو على مستوى الكتل هو في النهاية تحت سقف سيدر وبنوده.

ولكن ما "يُعيب" الحريري في هذه المرحلة هو عدم قدرته على "تقريش" مواقفه على الساحة الداخلية، اذ يرى هؤلاء أن الوزير جبران باسيل تقدم على رئيس الحكومة باتباعه السياسة الاستباقية لأي خطوة قد تقوم بها الرئاسة الثالثة، فلا يتأخر الرجل في توزيع مواقفه على وسائل الاعلام عبر "مصادر أو معلومات" يظهر من خلالها أنه "بيي الصبي" لأي مشروع قد يُطرح، فتارة يُسرب أخبارا عن " عدم موافقته على بعض ما جاء في الموازنة وأنه سيقدم مقترحاته الى مجلس الوزراء"، وطورا "يُجاهر" جمهوره على مواقع التواصل بقدرة رئيسهم على ايقاف جلسات مجلس الوزراء في "الويك أند" لأن "معاليه" في جولات مناطقية ترتدي طابعاً مهماً على مستوى التنظيم الحزبي وبالتالي يمكن لمجلس الوزراء أن "يرتاح" قليلا على الرغم من سباقه مع الوقت لإنجاز الموازنة التي يلزمها جلستين يوميا لإقرارها ورفعها الى مجلس النواب.

يعدد "المستقبليون" الكثير من التجاوزات التي يغض الحريري الطرف عنها، مشيرين الى أن رئيس الحكومة بعد "استقالته" الاخيرة وما تبعها من ملابسات، تغير كثيراً وأصبح أكثر مهادنة ويقدم الكثير من التنازلات وكأنه في موقع "المكسور"، مع العلم أن ما يريده جمهوره العكس وأن التململ الحاصل اليوم ناتج عن خطاب بمفردات "المهادنة" القريبة من التسليم للأمر الواقع.

وفي معرض حديثهم عن "التنازلات" يؤكد هؤلاء أن بعض النواب المسيحيين المحسوبين على رئيس الحكومة يسجلون تراجعا كبيرا في مناطقهم، وقد سحبت منهم أوراق قوة كثيرة لصالح "نواب العهد" الذي يفاوضون في الملفات منفردين، وتفتح لهم "أبواب" الاجهزة الامينة في مقابل تراجع خدماتي كبير لنواب المستقبل، وهذا أمر سيكون له تداعيات كبيرة على الحريري في المرحلة المقبلة، وبدا واضحاً للجميع أن نواب العهد "يتسللون" خدماتياً داخل بيئة المستقبل في المناطق وعلى مرأى ومسمع قياديي التيار الذين يكتفون برفع التقارير الى القيادة المركزية ولكن من دون أي رد.

مقابل كل ما يقال تؤكد مصادر رئيس الحكومة لـ "ليبانون ديبايت" أن الحريري هو في نهاية المطاف سيد قراره وأن أحدا لا يستطيع أن يُملي عليه ما يقوله وفق قناعاته وثوابته، مشيرة الى انه لا يضع نفسه في مقارنه مع أحد كما أنه ليس في سباق مع أحد لنقول ان هناك منافسة يتقدم خلالها شخص على الآخر.

ولكن ثمة من يقول ان الحريري لن يبقى مكتوف اليدين، وفي موقع المتفرج على الكثير من التغييرات التي تحصل داخل بيئته، فهناك نفس جديد يطالب رئيس المستقبل بوضع يده على الطاولة و"لجم" كل اشكال المزايدات والبطولات التي تنعكس سلبا على "مقام" رئاسة الحكومة في زمن "صقور الطوائف".