Beirut
16°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
بلديات
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
رياضة
صناعة الوطن
رئاسة الحكومة ليست أرضًا سائبة
قاسم يوسف
|
الخميس
23
أيار
2019
-
1:15
"ليبانون ديبايت" - قاسم يوسف
باذخًا بدا بيان كتلة المستقبل في نسخته هذا الاسبوع. أصل البذخ يعود إلى شموليته ورتابته وقدرته الهائلة على التنظير والتوصيف، حيث يتراءى لقارئه ولعموم المتابعين أنه لزوم ما لا يلزم، بل ومجرد تبذير لغوي لا طائل منه، تمامًا كما لو أنه قطعة عبثية لشاعر من شعراء الحداثة، أولئك الذين يكتبون أي شيء، ثم حين تُحاول أن تُفكك طلاسمه، يخبروك بأن ما يحق لهم لا يحق لغيرهم، وأن المعنى كان وسيبقى في قلوبهم إلى الأبد.
تقول الكتلة في مستهل بيانها إن استرداد الدولة لمقدراتها وسلطتها وهيبتها يُشكل هدفًا ينبغي العمل عليه دون أي تأخير لتحقيق دولة المواطنة والمؤسسات بعيدًا من المحاصصة والمحسوبيات. وهذا بطبيعة الحال كلام يندرج في إطار الحشو. أي أن نحشو السطور بما تيّسر من عبارات تفتقد إلى أي مضمون واضح أو ملموس، وذلك لزوم التورّم والتسمين. حيث لا يجوز أن تتمخض كتلة بقدها وقديدها لتلد بيانًا لا يملأ العين في شكله، بعد أن صار مضمونه مساويًا للأرض.
لكن ماذا عن المضامين العميقة لكلام من هذا النوع: أسفت الكتلة لبعض التحركات الاستباقية التي تتجاوز حدود المنطق في مقاربة الشأن الاقتصادي وإعداد موازنة تقشفية وتحقيق الإصلاحات المطلوبة. والمنطق هنا، برأي الكتلة طبعًا، يفرض على الناس أن تتمتع بقدرات خارقة تُتيح لهم فهم الحقيقة المجردة بعيدًا من بعض الإشاعات المغرضة التي يُطلقها وزير من هنا أو هناك، حتى ولو كان هذا الوزير هو نفسه الذي يحمل حقيبة المالية ومعها التوقيع الإلزامي لكل شاردة وواردة في الدولة.
أكثر ما يبعث على البكاء وربما على الضحك، هي اللغة الجازمة والحازمة التي خاطبت الكتلة بها عموم المشاغبين الذين حاولوا اجتياح السراي، معتبرة أن مقر رئاسة الحكومة ليس أرضًا سائبة، وهذا بحد ذاته ينطوي على ازدواجية معايير لا تستوي إلا مع أصحاب الذاكرة المثقوبة. لكنني، وانطلاقًا من سذاجتي وحُسن نيتي، ظننتها رسالة سياسية بالغة الدقة وشديدة الوضوح لأولئك الذين يقفزون فوق الحكومة وفوق رئيسها ودوره وحضوره وصلاحياته، لا سيما وأن رأس طاولة مجلس الوزراء صار يتحدد تمامًا حيث يجلس جبران باسيل.
بعد تضييع الوقت في قراءة هذا البيان. أنصح بمطالعة البيانات المتلاحقة للأحزاب الشيوعية والناصرية. هناك أيضًا استحالت السياسة شعرًا، وصار يحق للشاعر ما لا يحق لغيره.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News،
اضغط هنا