Beirut
16°
|
Homepage
الخبيرة البيئيّة سمر خليل تكشف الكثير عن محرقة بيروت
ليبانون ديبايت | السبت 22 حزيران 2019 - 0:00

"ليبانون ديبايت"

أسمع جعجعة ولا أرى طحينا.. باختصار هذا هو حال ملف النفايات في لبنان.. سنوات تمر وعَدَّاد المكبات العشوائية والمطامر غير المطابقة للمواصفات الى ارتفاع، والسلطات المعنية تواصل دراساتها سعيا لايجاد حل "طويل الامد" لهذه الازمة الكبيرة والتي تحصد سنويا الاف المواطنين المصابين بامراض خبيثة ومسرطنة نتيجة الفوضى في معالجة النفايات.

ومن بوابة "لا مركزية النفايات" بادرت البلديات الى معالجة نفاياتها "بالتي هي أحسن"، في حين قررت بلدية بيروت معالجة "الازمة" عن طريق " الحرق" فخرج رئيسها جمال عيتاني "مُبشرا" المواطنين في المدينة بأن المحرقة "آتية" وستكون "الحل الافضل" على أن تُنقذ برأيه بيروت من "كارثة" كبيرة جراء التلوث الذي يخرج من نفايات العاصمة والتي تعد الاكبر نظرا لوجود المصانع والابنية وكل العوامل المساعدة لزيادة "أطنان" النفايات.


ولا شك بأن "استفحال" الازمة يتطلب حلولا جذرية على المدى المتوسط، الامر الذي حدا بالجامعة الاميركية في بيروت الى تطوير المحرقة الموجودة في حرمها والتي تعنى بالنفايات الطبية، وبادرت الادارة الى وضع المشروع على السكة من خلال استبدال المحرقة القديمة بأخرى جديدة وهو أمر يساعد كثيرا على حل النفايات الاكثر خطرا على المواطنين وهي النفايات الطبية.

مآخذ كثيرة وضعها خبراء البيئة على "محرقة بيروت" التي تحاول البلدية "تمريرها" في جو من الغموض وتضارب في المعلومات حول الكثير من النقاط البيئية التي تشكل هواجس لدى المواطنين.

في حديثها الى موقع "ليبانون ديبايت"، تسجل الأخصائية في الإدارة البيئية سمر خليل مآخذها على محرقة بيروت التي يتضمن دفتر شروطها فرز فقط 15% من النفايات وحرق ما تبقى من النفايات المنزلية التي هي بمعظمها نفايات عضوية يمكن معالجتها بطرق بيولوجية كما يمكن استرداد المواد الأخرى وإعادة تدويرها.

برأي خليل لا يمكننا في لبنان إدارة محرقة بشكل جيد لأسباب تتعلق بعدم وجود نظام متكامل وناضج لإدارة النفايات وبصعوبة التخلص من الرماد السام في غياب المنشآت والبنى التحتية اللازمة وغياب المحاسبة والمراقبة، كما أن اعتماد المحارق يتطلب وجود خبرات تقنية متقدمة وموظفين فنيين مدربين لإدارتها وهذا غير متوفر على المستوى الوطني. كما يتطلب اعتماد المحارق تواصل جيد بين الجهات المسؤولة من الوزارات والبلديات وتنسيق كبير للمراقبة وتطبيق القوانين وهذا كله مفقود.

كما تشير خليل إلى غياب إطار تشريعي للمحارق ومعايير مناسبة أو ضوابط وإلى وجود تضارب بالصلاحيات بين الوزارات والهيئات الموجودة وغياب المراقبة والمحاسبة خاصةً أن المشاريع التي تقوم بها الدولة تخالف القوانين وتُنَفذ من دون دراسات تقييم الأثر البيئي (مثل مطامر برج حمود-الجديدة والكوستابرافا). كل ذلك يضاف إليه بحسب خليل افتقادنا لمختبرات متخصصة تستطيع قياس وتحليل مستويات الملوثات الهوائية الخطرة الناتجة عن المحارق وتحليل الرماد الذي يخرج عن المحرقة.

خليل تشير الى "الاخطاء" التي وقعت فيها بلدية بيروت باعتمادها خيار المحرقة، فتشدد على ضرورة إعداد دراسة تقييم بيئي استراتيجي للخيارات المتاحة لإدارة النفايات وهذا الأمر منصوص عنه في القانون، وبلدية بيروت لم تقدم على هذه الخطوة "الدقيقة" لاسيما عندما تتضمن تركيبة النفايات أكثر من 55% من النفايات العضوية العالية الرطوبة وذات طاقة حرارية منخفضة، فلماذا في هذه الحالة يكون خيار الحرق هو المعتمد في حين أن المراجع والدلائل العلمية حول تحويل شروط اعتماد تقنيات تحويل النفايات الى طاقة تؤكد أنه في حال كان تكوين النفايات يتضمن أكثر من خمسين بالمئة من المواد العضوية وأكثر من 15 بالمئة من المواد العادمة، عندها لا تكون المحارق الحل الأنسب لهذه النفايات.

واستطراداً تضيف خليل: " لماذا طرحت البلدية المحارق لا التقنيات الأخرى كالمعالجة البيولوجية للنفايات العضوية واسترداد وإعادة تدوير النفايات الأخرى"؟ مع العلم أن شروط تأهيل الشركات للتقدم لمناقصة المحرقة ضرورة وجود خبرة لديها في المعالجة البيولوجية للنفايات، وفجأةً اختفت هذه الحاجة في دفتر الشروط الحالي للمحرقة.

كما "استنسبت البلدية" تجفيف المواد العضوية وحرق المواد التي يعاد تدويرها كالبلاستيك والورق ومن خلال هذه العملية نخسر موارد قد تؤمن فرص عمل وتعطي قيمة اقتصادية كبيرة.

ومن جملة الشروط الاساسية الواجب توافرها عند اعتماد المحرقة هي تلك المتعلقة بضرورة فصل النفايات المنزلية عن الخطرة كالصناعية والطبية وغيرها، وهذا غير مطبق في لبنان، ودفتر الشروط ل "محرقة بيروت" يضع المسؤولية على الشركة المشغلة الواجب عليها وضع خطة طوارئ في حال وصلت اليها نفايات خطرة لتتخلص منها بالطريقة المناسبة، الأمر الذي يدفعنا الى طرح السؤال عن كيفية قيام الشركة بهذه الخطوة في حين لا نملك بنى تحتية لمعالجة وإدارة هذا النوع من النفايات، وفي حال اعتماد "مبدأ" ترحيل النفايات هذا يعني زيادة على الكلفة التي سندفعها لمعالجة الطن الواحد.

وتشرح خليل كلفة المحرقة بالارقام، فتشير الى أن ائتلاف إدارة النفايات قام بدراسة للكلفة التي يمكن أن يتكلفها المواطن وتبين أنه في حال أرادوا استرداد كلفة المحرقة بعد 25 سنة ستتراوح كلفة المعالجة بين 160 و 170 دولار للطن وهي كلفة عالية جداً مقارنة بما ندفعه اليوم مع كل سوء الإدارة، وقد ترتفع الى مئتي دولار/الطن وستدفع من جيب المواطن.

المحاذير من "محرقة بيروت" لا تتوقف هنا بل تصل الى الادارة السيئة للمحرقة وما قد ينتج عنها من "ملوثات خطرة" والامثلة عنها كثيرة. فالمحارق بحسب اتفاقية استوكهولم الدولية هي مصدر لانبعاث المواد العضوية الثابتة التي لا تتحلل في الطبيعة كالديوكسين والفيوران وغيرها من المواد الخطرة مثل المعادن الثقيلة والهيدروكاربونات المتعددة الحلقات وهي تتسبب بتشوهات خلقية وأمراض القلب والجهاز التنفسي والمناعة وأمراض سرطانية وغيرها من الآثار الصحية السلبية، إضافةً الى الرماد السام الذي في حال تم التخلص منه بشكل عشوائي يمكن أن يؤدي الى نسب تلوث عالية جداً وامراض خطيرة".

وتستغرب خليل طريقة التعاطي مع هذا الملف من قبل البلدية التي تطلب من الشركات في دفتر الشروط ابراز عقد مع شركة يمكنها ترحيل النفايات الى الخارج، وهذا فعلياً لا يعني شيئاً حيث أنه بحسب اتفاقية "بازل" التي وقع عليها لبنان فإن الموافقة على ترحيل النفايات الخطرة تتطلب موافقة وزارات البيئة في لبنان والدولة التي سترحل اليها النفايات وكل بلد تمر فيه الشحنة "ترانزيت" وهذه الموافقة تعطى لمدة معينة تحدد بسنة ولكمية محددة وبالتالي يمكن أن يسمح البلد المعني هذه السنة ويمكن أن يقوم بتعديل قوانينه في أي وقت، وعندها ماذا سنفعل بالرماد السام وكيف نتخلص منه في لبنان؟.

أما الأساس فيبقى الموقع الجغرافي للمحرقة وهو يشكل أهمية كبيرة، وحتى الآن تتجنب بلدية بيروت الإعلان عن الموقع وفي حال تم الاتفاق على إنشائها في أي منطقة ساحلية فإن اتجاه الهواء يراكم المواد الملوثة في الداخل وهناك مناطق كثيرة ستتأثر وتحديداً التي تبعد قطر 2 الى 3 كيلومتر ك"الاشرفية وسن الفيل" وغيرها.

وفي الكلام عن المحارق تشير خليل الى اختلاف "محرقة الجامعة الاميركية" عن "محرقة بيروت" من حيث أولاً نوعية النفايات التي يتم حرقها، وهي النفايات الطبية الملوثة بمواد بيولوجية وكيماوية في آن معاً ومن غير الممكن تصديرها عبر إتفاقية "بازل" الدولية لأن شركات الشحن ترفض نقل أية نفايات ملوثة بمواد بيولوجية تحمل خطر العدوى، ولا يمكن إرسالها الى مراكز تُعالج بالأوتوكلاف كمراكز arc en ciel لأنها تحتوي على مواد كيماوية خطيرة ممكن أن تتسبب بآثار سلبية على العمال في المراكز. عالمياً حتى اليوم لا يوجد طريقة لمعالجة هذا النوع من النفايات إلا عبر الحرق على درجات حرارة عالية.

وتشير خليل الى أن الجامعة الاميركية تعمل على دراسة تقييم الاثر البيئي لاستبدال المحرقة القديمة غير المطابقة بأخرى جديدة تملك ضوابط أكثر للانبعاثات التي تخرج عنها. ولكن اعتماد المحارق يُعاني من التحديات التي ذكرتها آنفاً خاصةً لجهة المراقبة والمطابقة مع المعايير الدولية ولجهة التخلص من الرماد السام.

خليل تشدد على ضرورة فصل أنواع النفايات عن بعضها خاصةً النفايات الخطرة وإنشاء نظام إدارة متكاملة لكل نوع كما تؤكد ضرورة العودة الى هرم إدارة النفايات الذي يبدأ بالتخفيف من إنتاجها عبر اعتماد آليات ومحفزات لذلك، والأمثلة على ذلك كثيرة ك"اعتماد بدائل عن أكياس البلاستيك والمواد البلاستيكية أحادية الاستعمال والتحفيز على استعمال وسائل أخرى بديلة"، إضافةً الى توعية المواطنين وغيرها من الخطوات التي تُعَد فعالة لتخفيف انتاج النفايات في المدن والقرى.

بعد "تخفيف الإنتاج" تأتي خطوة إعادة الاستعمال والتدوير ما يتطلب الفرز من المصدر الذي يستدعي توعية ومراقبة، ولا يكفي وضع مستوعبات على الطرقات للنفايات التي يعاد تدويرها لتأتي لاحقاً شركات الجمع المكلفة من "بلدية بيروت" وتقوم بضغطها وجمعها فتُصعب المهمة على معامل الفرز التي حالياً لا تستطيع فرز أكثر من 6 في المئة من تلك النفايات وتذهب النفايات الأخرى الى الطمر، وبالتالي فان الجمع المنفصل للنفايات مهم جداً كما الاستغناء عن الشاحنات الضاغطة لتحسين عملية فرز واسترداد المواد. ويجب بعدها معالجة المواد العضوية بيولوجياً مع إمكانية توليد الطاقة منها والعمل على إيجاد طرق جديدة لإعادة استرداد المرفوضات وتحويلها إلى مواد جديدة وطمر ما تبقى صحياً.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
حقيقة الخلاف بين باسيل وبعض نواب كتلته! 9 بشأن تسديد الفاتورة سواء بالدولار أو الليرة... بيان من "كهرباء لبنان"! 5 "الجنون" يضرب نيسان... خنيصر يتحدّث عن أمرٍ نادر ويكشف "مفاجأة"! (فيديو) 1
ابن الـ12 عاماً يروج المخدرات... ماذا جرى في إحدى مدارس لبنان؟ (فيديو) 10 بسبب الإيجار... إقتحمت وابنها منزلاً وقتلا إثنين! (فيديو) 6 سعر ربطة الخبز إلى ارتفاع كبير... كم سيبلغ؟! 2
ابن الـ 24 عاماً يُفجع زغرتا! 11 طارد مواطن بهدف سلبه عند أنفاق المطار... هل وقعتم ضحيّة أعماله؟ 7 "حربٌ أهلية"... هذا ما تنبّأ به ماسك! 3
"القادم خطير جداً"... العريضي يتحدّث عن "زحطة" كبيرة للقوات! 12 خرج من الأنفاق... السنوار يتفقد غزة (صور) 8 سيناريو يهدد دولار الـ 89 ألف ليرة.. خبير اقتصادي يكشف معلومات مهمة عن الخطة المقبلة! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر