Beirut
16°
|
Homepage
لولا الإسلام لأكلت تغلب العرب
قاسم يوسف | المصدر: ليبانون ديبايت | الخميس 20 حزيران 2019 - 0:15

"ليبانون ديبايت" - قاسم يوسف

ليس مستغربًا أن يُخصص رئيس مجلس الوزراء خمس ساعات من وقته ليجتمع بوزير في حكومته. لكن أصل الاستغراب في اجتماع سعد الحريري وجبران باسيل يعود إلى الأصول والأعراف التي تفرض ندّية ناجزة وكاملة في الشكل وفي المضمون. حيث لا يستوي أن يتعاطى سعد الحريري مع جبران باسيل باعتباره رأسًا في اتفاق سياسي عقده مع ميشال عون.

لكن بعيدًا من الشكليات. يقول المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء إن مضمون الاجتماع بين الحريري وباسيل خلص إلى أن التفاهم بين الطرفين سيظل قويًا وفاعلاً بعد جلسة المصارحة. ما يعني قطعًا أن سعد الحريري صار طرفًا موازيًا لطرف آخر يُمسكه حصرًا جبران باسيل، وهذا بحد ذاته يستدعي كثيرًا من التوقف والتأمل.


على الهامش السياسي، كان يمكن لكل ما قاله جبران باسيل أن يمر مرور الكرام، تمامًا كما هي الحال مع مجموعة كبيرة من التجاوزات والاستعراضات والقفز المستفز فوق الصلاحيات والكرامات، لكن الاستفاقة المدوية والمباغتة لشريحة واسعة من الرأي العام ألزمت الرجلين بسلوك مختلف، حيث عمد جبران باسيل إلى التواري والصمت، فيما بادر سعد الحريري إلى رفع سقف خطابه بهدف تنفيس الاحتقان في شارعه الملتهب، بالتوازي مع شن حرب مضادة ومفتوحة بوجه أهل بيته، أولئك الذين حملوا ما تيسّر من كرامتهم وماء وجههم، ثم راحوا يصرخون بكل حناجرهم في مقارعة إعتداء سياسي موصوف، ورغبة جامحة في الاستسلام والانبطاح.

ثمة من نصح سعد الحريري أن يحتمي بالمعادلة الداخلية، وهي نصيحة ملغومة أعقبت التراجع الحاد للثقة المحلية والعربية بحضوره وشخصيته وقدرته على التوازن الصلب في إدارة المرحلة. لكن ما يبعث على شديد القلق يكمن في اصرار الرجل على لعب هذا الدور الفظيع حتى منتهاه، باعتباره الملجأ الوحيد والأخير الذي يحول دون انهيار منظومته وأفول زعامته، وبالتالي فإن تمسكه بالتسوية القائمة يستند أولاً، وقبل أي شيء، إلى تمكين حضوره الشخصي في التركيبة السياسية. مع ما يفرضه هذا الحضور من تنازلات وفتح قنوات التواصل والتنسيق مع حزب الله تحت الطاولة، على ما أسرّ لنا جبران باسيل في اللقاء الشهير.

يحتمي سعد الحريري بهذه المعادلة الرهيبة في مواجهة شارعه وجمهوره وحاضنته الإقليمية، وهو يريد لنا جميعًا أن نستمر في عزف النغمة الممجوجة حول مساهمتنا التاريخية والوطنية في تعميم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، بينما يُطالعنا حزب الله بموقف استثنائي وغير مسبوق حول رفضه المطلق لاستهداف سعد الحريري وتحويله إلى مكسر عصا أو شماعة لتصفية الحسابات، حيث بدا وكأنه كلامٌ موجه لنا ولعموم الممتعضين من النسخة الجديدة لوريث رفيق الحريري.

لولا كلام مفتي الحق عبد اللطيف دريان وبيان رؤساء الحكومات، وقبلهم موقف نهاد المشنوق والمواقف المدوية لشخصيات سياسية واجتماعية وازنة ومؤثرة، لكان جبران باسيل يسرح الآن ويمرح، ولبقي رئيس الحكومة على صمته. ولكن بدل أن تُشكل هذه المتحركات مدخلاً حقيقيًا لاستعادة التوازن، فضّل الرجل أن يواجه أهله وينقلب عليهم، وأن يدعو صديقه جبران إلى ما يشبه مائدة الانتصار بعد موجة طفيفة من العتب والمصارحة. وعلى سجية العبارة الشهيرة: لولا الإسلام لأكلت تغلب العرب، يصح هنا أن نقول: لولا انتفاضة الأسبوعين الماضيين لأكل جبران باسيل كل شيء.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
تحذيرٌ "عاجل" من اليوم "الحارق" المُرتقب... وهؤلاء عرضة للخطر! 9 صدمةٌ بين الأهالي... بلدة لبنانية تستفيق على مأساة! (صورة) 5 يخضع منذ الصباح للتحقيق... والتهمة صادمة! 1
اسرائيل تحضّر لـ "اقتحام برّي" في الجنوب والجولان! 10 هذا ما يحصل متنياً 6 "رسائل خطيرة على الهواتف"... وتحذير جدّي إلى المواطنين! 2
أسعارٌ جديدة للمحروقات! 11 بعد فصل طالبة لبنانية من جامعة أميركية... دعوةٌ من إعلامي لبناني! (فيديو) 7 "إجتياح من نوع آخر" لمدينة لبنانية! 3
ممارسات إسرائيلية تشكّل تهديداً لمطار بيروت! 12 المهندس "أبو علي" ضحيّة جديدة للإعتداءات الإسرائيلية! 8 "الثمن مُكلف جدًا"... لافتة تُثير الإستغراب في الغبيري! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر