"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

جمهورية دَواليب. كل خطاب بدولاب . كلّما نَعَرَ الخطاب كَبُر حجمُ الدولاب.

خطاب هذه الأيام في الجَبَل يستحق دولاب كميون سيكس ويل.

جمهورية تنامُ على ضَيم وتصحو على ثأر.

جمهورية ينعرها نعت وتشبيه وفاعل مرفوع على الأكفّ.

سلم أهلي راسِخ تستفزُّه زيارة.

جمهورية ينتشرُ فيها السلاحُ مثل الكوليرا وينمو فيها القتل كالحمَّيضة وتزدهر فيها المدافن أكثر من الفنادق. جمهورية سياحيّة بامتياز. حجوزات بلغت الذروة في فنادق السلم الأهلي. خمس نجوم سلم أهلي وخدمة ميليشيات ممتازة.

الأحقاد تأخذ قيلولة. بإمكان أي فعل ماضي ناقص أن يقلق راحتها. أي فعل مضارع يستفزُّها. يكفيها خطاب حتى تتأبط سلاحها وتفرِّغ ما في جعبَتِها.

الحرب نائمة. عينٌ مغمَضة على الوَطَن. عينٌ أُخْرَى مفتوحة على الفوضى. السلاح زينة الجمهورية. الخفيف منه أكثر اقتناءً من حمّالات المفاتيح وبطاقات الهوية. السلاح هويّة. هو الآمِرُ بالمعروف والناهي عن المُنكَر.

جمهورية لا شغل لزعمائها سوى التزوّد بالشهداء والمتاجرة بمثاويهِم.

مصالحة تُنعَتُ بالتاريخية في الجَبَل تغتالها كلمة. مصالحة لا تحتمل جملة مفيدة.

لبنان هو البلد الوحيد الذي يمكن أن يشتَعِل بلحظة. لم يعد بِحاجةٍ إلى تدخل خارجي أو مؤامرة. لبنان متآمِر على نفسه. شوارعه مصابة بإحتكاك طائفي على مساحة عشرة آلاف وأربعمئة واثنين وخمسين ڤولتاً مربّعاً.

بالطبع، سيطلب الجميع في الجَبَل وأد الفتنة. خصوصاً في اليومين المقبلين. أصلاً كل الجثامين تبرد في اليومين المقبلين. حرارتها لا ترتفع الا في دموع الأمهات. سيدعو العقّال لتغليب لغة الحكمة والعقل. سيحدث كل ذلك أمام الأضرِحة وخلال أيام التعازي. بعد يومين ستعود الجمهورية إلى ثقافة الدواليب. إلى إنقسامات ديوكها. ديوكٌ أشطر من لاعبي بورصة نيويورك. يشترون بالرخّيص ويبيعون بالغالي. أرخص من العَلَف حياة الناس. أغلى من الذهب مقاعد التجّار. جمهوريةٌ دمُ أبنائها صار على البورصة. مصرّة على نكء جراحنا. على قتل نعمة النسيان فينا. خطاب واحد كفيلٌ بإحداث فتنة.

جمهورية لم تخرج من حروبها بعد. لم تنجز أي مصالحة. كل ما فعلته تبويس لِحى والتنكّر بزيّ المصالح في عيد البربارة. بربارة خاصة للبرابرة.

المصالحة الحقيقية لن تُنجَز إلا بعد رحيل طبقة سياسية طويلة عريضة وسميكة حكمَت واستحكمَت وتحكَّمت. بالموت أو بالتنحي تُنجَز.

الجمهورية تنتظِرُ طبقة جديدة من الحكام. حكّامٌ لا يلعبون بالبورصة ولا يحبّون رائحة الدواليب المحروقة.

كل ما على الزعماء أن يقوموا به اليوم هو التوقف عن قراءة الفاتحة على الجثامين الطاهرة. اسألوا رأي الفاتحة يا سادة. تخجَلُ أن تُتلى بحضورِكم.