Beirut
16°
|
Homepage
مرجع لبناني: "نادوا وراء روسيا فوراً"
عبدالله قمح | الاثنين 15 تموز 2019 - 1:00

ليبانون ديبايت - عبدالله قمح

بعضُ الصراخ القائل بتعاظم الإشتباكات الإيرانيّة - الرّوسية على الأرض السوريّة، كلام محبوك جيداً القصد منه التشويش، أو أنه يرمي إلى إختلاق أحداث غير صحيحة كي تُؤثر على مسار عام يجري بناؤه.. في الخلاصة، مثل هكذا "قصص" لا تُقدم ولا تؤخّر في مسار الأمور، بحيث يظهر أن ترابط الفريقين على المسرح السوري هو أكبر من أي شيء آخر، أكبر من مصلحة من هنا وخدمة من هناك، وترابط المصالح يدفعهما إلى خيمة واحدة، وفي ضوء ذلك، من المثير لفت الانتباه، أن الاميركي، ورغم كل حضوره، قد انخرطَ في "الشركة" القائمة في سوريا من بوابة التسليم بالدور الروسي في المنطقة!

هي مسألة وقت قبل أن تتضح معالم "الصفقة" التي نُسجت خيوطها الأولى في مؤتمر "أوساكا". التسريبات الدبلوماسيّة التي تخرج عن دوائر على درجةٍ عالية من الدقّة، تتحدّث عن إقرار أميركي بالدور الروسي، وصل إلى حدِ تسليم دفّة الأمور إلى القيادة الرّوسية، ذلك خلال إجتماع الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والرّوسي فلاديمير بوتين، على هامش أعمال قمة الـ٢٠ الكبار في أوساكا اليابانيّة.


لا بل أنّ ما يجري الحديث عنه، يفوق الإعتبارات السّياسية العادية ويتجاوز "الخطوط الحمراء" التي رسمتها الإدارة الأميركية سابقاً وربطت من خلالها طبيعة تعاطيها مع سوريا. هناك من يعتبر أن الإقرار تجاوزَ حتى أصل عمليّة التسليم، يتراوح بين الإقرار بجدوى القراءة الرّوسية للأحداث، ثم الخوض فيها من باب الشراكة الغير مباشرة. من تجليات هذا المسار الجديد، تخلّي المؤسّسة السّياسية الأميركية عن فكرة عدم إشراك الرّئيس السوري بشار الأسد في الحالةِ الإنتقاليّة السوريّة المقبلة، مقابل الإستفادة من أدواره لاحقاً.

كوكبة التنازلات، التي لم تكن لتكون لولا التغييرات والتبدّلات الكاملة على خارطة الأحداث السوريّة، أعادت إطلاق عمليّة "الحل السياسي" بزخمٍ أكبر، ومع دخول شركاء إضافيين، من الطبيعي أن ينعكس إيجاباً على السّياق، الذي يبدو أنهُ قابل لأن يتعزز، وأولى إنعكاساته إطلاق يد "لجنة صياغة الدستور" السوري الجديد، التي يبدو أنها تسلك مساراً متوازناً، ما مكّنَ الأمم المتحدة من الدخول معززةً بهامش أكبر.

خلال زيارة المبعوث الرئاسي الرّوسي الكسندر لارانتييف يرافقه نائب وزير الخارجيّة الرّوسي سيرغي فرشيمين إلى لبنان، طرحَ وزير الخارجيّة جبران باسيل إثر اجتماعهِ به، فكرة أتت بمثابة إقتراح واكبَ عمليّات الحل في المنطقة التي كانت رادارات قصر بسترس تلقتها جيداً. طلب باسيل من ضيفه أن "تأخذ روسيا بعين الإعتبار المصالح اللّبنانية جيداً"، وذلك بحسب أوساط اطلعت على محضرِ الإجتماع.

كانت إسرائيل في هذا الوقت، تسعى إلى خداع لبنان بجملة إيجابيات عمّمها المبعوث الأميركي ديفيد ساترفيلد، كمنت حول مسألة ترسيم الحدود تسهيلاً لعمليّة التنقيب عن النفط. المفاوض اللبناني رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي أدركَ باكراً "المكر الإسرائيلي" فتعامل معه بمكرٍ أكبر. في نفس الوقت، كانت تل أبيب تُشرع في بناء شبكة مصالحها الإقتصاديّة ذات الأبعاد النفطيّة، مع الدُّول المتوسّطية القريبة.

وعلى طرفٍ نقيض، كانت روسيا ترَصد بإهتمام المساعي الإسرائيلية. لدى موسكو أولوية لقطاع الطاقة، والغاز أولاً، وطبعاً موسكو لن تهضم بسهولة منافساً في السّوق الأوروبية، فكان لا بد أن تعمل على سياقٍ موازٍ لكنه مختلف، يقابل المسعى الإسرائيلي، فإفتتحت ورشة التقارب ذات الميول النفطيّة في سوريا ومنها إلى لبنان. وعلى الهامش، ينقل مرجع لبناني معلومات أكيدة حول وجود مساعي روسية لإبرام اتفاق "لبناني - سوري" حول ترسيم حدود يتم برعايتها.

كلام باسيل العميق، يرمي إلى أبعد من طلب حرص روسي على المصالح اللّبنانية، هو في الأساس إدراك لبناني واسع بالدور الذي ستتولى روسيا زمام إدارته في المنطقة، والذي لن يكون محصوراً بالملف السوري، أو يتقمص دور "الشرطي"، بل أن تأثيرات ستشمل تقريباً كل الملفات العالقة في المنطقة، وبخاصة تلك المتصلة بلبنان، وعلى رأسها موضوع النفط والغاز والحدود القابلة للترسيم.. إذاً عرف باسيل جيداً كيف يصيب.

روسيا بدورها، ترى جدواً لها في الأخذِ بالمصالح اللّبنانية. هي وفي أكثر من مناسبة، إن كان خلال زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى موسكو، أو في الزيارات اللّاحقة لموفديها إلى بيروت، كانت تُشدّد على أهمية المصالح اللّبنانية، رغماً عن نكث العهود الرسمية اللّبنانية، فكان مثلاً أن ضمت لبنان عضواً مراقباً في مؤتمر "أستانا" الذي يرسم حلّاً سوريّاً.

إنطلاقاً من كل هذه يرسم المرجع أبعد من أخذ المصالح اللّبنانية في الإعتبار، بل يبحث عمن يتبنى هذه المصالح ويتعاطى معها بصورة غير منحازة لطرف دون آخر.

لقد تعزز هذا التوجه بعد أن اختبرَ المساعي الأميركية تجاه عقد إتفاق لترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، برعاية أممية، لينتهي كل ذلك في نفق السقوط، بفعل رفض اسرائيل للطلبات اللّبنانية وقيامها بعملية "إلتواء" مقصودة. وكان يظهر في كل مرة أن الطرف الأميركي هو حقاً طرفاً غير نزيه، لذلك كانت الدّعوة من قبل المرجع لضرورة البحث عن طرف نزيه يخوض غمار هذه الجولة. من هُنا، تحوم أفكار حول مسعى يرمي إلى طلب وساطة روسية تأتي بديلاً عن تلك الأميركية!

ما يسهم في تبلور هذه الفرصة، القرار الأميركي عينه القاضي بتسليم دفة الأمور في المنطقة لصالح روسيا، لكن يبقى سؤال: ما هو حجم التسليم الأميركي، وهل يطاول الأبعاد الجيوسياسية لإسرائيل؟

من قُبيل المصلحة ذاتها، وجد المرجع مصلحة لبنانية في تبني "ورشة روسية" للترسيم تحل مكان الأميركية، ويمكن لها أن تشق الطريق بأساليب أسلس، لكن يبقى أن إسرائيل قد ترفض مثل هذه الصيغة، لعدّة أمور جوهرية، منها أن روسيا لن تكون منحازة إلى تل أبيب بدرجة إنحياز واشنطن إليها، وهذا يفقد "الدولة العبرية" ورقة رابحة لن تستطيع خلالها المراوغة بشكلٍ مريح كما تفعل الآن، ولن تجد موسكو إلى جانبها كما هي واشنطن.

شكل ودور وحضور لبنان هو من مهامِ الدبلوماسية اللّبنانية أيضاً التي يجب أن ترعى هي الأخرى مصالح بلدها، وتأخذ في عين الإعتبار اليد الممدودة نحوها، ولو أرادت دوراً روسياً في مسألة الترسيم، عليها أن تبحث عنه الآن وتسعى إلى بلورة صورته كما فعلت تل أبيب حين جذبت واشنطن إلى مقعدها، ثم تصرفت مع لبنان إنطلاقاً من مفهوم "مصالحي أولاً".
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
حافي القدمين... نائب سابق يتعرّض لسرقة "من نوع آخر"! (فيديو) 9 بشار بطل عمليّة نصب كبيرة في طرابلس! (صور) 5 حادثة رئاسية فضحت "الثنائي الشيعي" 1
تقريرٌ يكشف مصادر تمويل حزب الله 10 عصابة "خطرة" تنشط في طرابلس... بطلتها إمرأة! 6 مستجدات فصل بو صعب من التيار! 2
بشأن تعديل قيمة رسوم المعاملات... بيانٌ من الأمن العام! 11 كليب "يُرجح" ما قد تبلغه فرنسا لِميقاتي اليوم! 7 سيناريو "مُقلق" ينتظر مطار بيروت... إنذار خطير وأيام حاسمة! 3
أسعارٌ جديدة للمحروقات! 12 واشنطن تكشف دورها في "الضربة الإسرائيلية" على ايران 8 "النكزة الأخيرة"... منشورٌ "ناريّ" للسيّد! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر