"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

الفلسطينيون في ملحمة. ينتظرون السكين. ذبحهم حلال. بين البطالة في المخيمات والجوع خارجها اختاروا الغضب. غضب ما قبل السكين. ما قبل الذبح.

في المقابل دولة تذبح بالقانون. ذبح حلال. قتلٌ مرخَّص بموادّ قانونية لا لَبْس فيها. جوابها تحت إبطها: أطبّق القانون. نظرياً يجوز تطويبها. عملياً يجوز شيطنتها.

من صيدا لا يمكن التنبؤ بالتبعات. بلغة المؤشرات يبدو أن الجراح ملتهبة. النار تحت الرماد والرماد لا يمانع ارتفاع أعمدة النار. رماد للذاكرة ما زال مشتعلاً.

من بيروت المؤشرات واضحة. جراح الحرب لم تلتئم بعد. الجهة السياسية المولجة شحذ السكين تبدو مكترثة ربما إنما متهمة بلا مبالاة ممزوجة بمكابرة. يمكن رد التهمة عنها. إذا قرأت في كتاب اللاجئ لا في كتاب الأجنبي.

لا يكفي وزارة العمل في لبنان كسب عطف محمود عباس ولا أي فصيل يمثل السلطة الفلسطينية. من يفتش عن غطاء شعبه ولا يجده لا يمكن أن يغطّي أحداً. القانون غطاؤه الإنسان. متى نَزَع عنه غطاءه تحوّل إلى وحش.

نحن أمام شعب لا تشبِهُ نكبته أي نكبة في العالم. شعبٌ مُنِعَت عنه العودة لأن أرضه مسلوبة. كل مهجّري العالم قادرون على العودة. دولهم بانتظارهم. إلا الفلسطينيون لا تنتظرهم فلسطين. تمَّ تغيير اسمها لضمان النسيان. هُوِّدت. تأسرلت. هُدِمَت عن بكرة أبيها.

عندما يصبِحُ القانون جائراً على الرعية الفليبينية أو السرلنكية أو البنغلاديشية ترحل الرعية إلى بلادها. يكفيها أن تقطع تذكرة عودة. ينتظرها مطار وطريق وبيت. لا ينتظر الفلسطيني أي مطار. صادره بن غوريون.

في مقابل هذه المأساة تطبق الدولة القانون. لا عودة عن قرارها. لا عودة للفلسطينيين. العودة الوحيدة المتاحة هي عودة المجهول. مجهول يقرع على باب السلم الهش للبنان.

دولة عليها التركيز أكثر على مادة التاريخ . عليها تجنّب تصفية الحسابات حتى لا تقع في تصفية ذاتية.

صيدا تتمدَّد. بالطبع تمدّدها ليس كبقعة نفط. الدول النفطية التي اعترتها أحلام التمدد لم تعد موجودة. أكلها الربيع أو أكلت نفسها. هناك صفقة في حالة تمدد. صفقة للتصفية. تصفية وطن بالدولار. شراء حق العودة نقداً.

قانون العمالة أتى في توقيت مثالي. صفقة شراء هناك. مواكبة قانونية هنا. بالنسبة لجاريد كوشنير الصدفة خير من ألف ميعاد. صدفة تصون أرض " الميعاد ".

تراهن الدولة أو أجنحة فيها أنَّ صيدا حالة معزولة. أنَّ ظروف تمدد الفوضى معدومة. القراءة تفتقد للحكمة.

لبنان ما زال على صفيحة ساخنة. وصوله الى درجة الغليان منوط بقوة النار. تستعر من صيدا. يجب إخمادها بماء الرؤيا. ماء القانون لا تروي دائماً.