"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

لبنان مقبِل على تحوّلات كبرى. ستمليها عقيدة رجل الأعمال الحاكم في الولايات المتحدة الأميركية. على فِكرة. رجال الأعمال لا يشنّون حروب. التجّار يُطلِقون السِّلَع. لا يُطلِقون النار. حروبُهم باتت عناوينها واضحة. بين افتتاح مئات الفروع لماكدونالد وستاربكس في إيران والعراق وسوريا وفلسطين وبين حروب إقتلاع الأنظمة يختارون الوجبات السريعة وأكواب القهوة والدّجاج المُقَرمِش.

حرب ترمب مع الصين سلاحها النووي هاتف " الهواوي ". بطاريات صواريخها ال G5 وليس الباتريوت. طائرات ف 35 المقاتلة ستتحول قريباً إلى طائرات سياحية. ستُستَعمَل في العروضات العسكرية فقط. في كوريا الشمالية أيضاً. هامبرغر وكابوتشينو وإسبرسو. ترمب سيجدّد بإذنِ ماكدونالد ولايته الثانية. نفط، قهوة ولحم حلال ترسانة العالم. السباق إلى س 300 وس 400 خارج المعادلة. الحرب الجديدة - هذا إذا حصلت – ستكون عبر " درونز " بحجم ذبابة. سيكون بمقدورها إصطياد رجل واحد وسط مظاهرة تضمّ مليون شخص.

الدولار بات بمثابة رئيس جمهورية العالم. مرشِد أعلى. العملات المتبقيّة كومبارس. على الأحزاب السياسية في لبنان إستشراف التحوّل. حجم الإستثمارات الأميركيّة في بلدنا أكبر من إقتصادنا. المطلوب قراءة الأرقام. مليار دولار في محيط عوكر وحدها. مليار ونصف المليار دولار منذ أسابيع وديعة ثقة في البنك المركزي. تابعوا غولدمان ساكس. هي المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة التي يقدِّم فيها مصرف أميركي كبير وديعة استثمارية لبنك مركزي. ملفت جداً أن نرى وزير مالية ترمب وديعة من غولدمان ساكس في البيت الأبيض. جنرال إلكتريك الأميركية التزمت " هوا عكّار ". البلوك الشهير تحت رقم 9 بات في عهدة الأميركيين عبر توتال الفرنسية. سدّ بسري صار في عهدة البنك الدولي. مليارات.

مستحيل أن يتحرّك الدولار الأميركي في أجواء حرب. في الحروب يختبئ الدولار في الملاجئ. يحفظ رأسه. ما نسمعه هو مناغشات ما قبل التفاوض. دولار أميركي يتغنّج على ريال إيراني. بقية العملات تنتظر الفَرَج. ثمة من يريد شراء أسهم سياسية وأمنية بسعر منخفض قبل التوقيع. هذا كل ما في الأمر.

في ظلّ هذا الواقع ستنتعش الشركات الخاصة في لبنان. تُستَدعى إلى مناقصات بمعايير دوليّة. اختارها الدولار بديلاً عن سمسرات الدولة. كأننا أمام مرحلة إنقاذ لبنان غصباً عنه. مطابق تماماً لما قاله الرئيس عون عن الدواء المزّ والمرّ.

المال السياسي الذي كان متوفّراً للأحزاب في لبنان سيشحّ. بالطّبع. عليها التفتيش عن مورد رزق غير البترو دولار. الشركات سترث الأحزاب في لبنان. ستبرز قيادات جديدة على ركام قيادات كان يُعتَقَد أنها سرمدية أبديَّة.

المستقبل في لبنان لن يكون بعناوين سياسية. السياسة ستكون حبّة كرز على القالب فقط. يجب تحويل معظم الأحزاب إلى شركات مساهمة اليوم قبل الغد. التوقف عن الشّحن الطائفي أولاً. شَحن بطاريات الإقتصاد ثانياً. فرصة تاريخية لبلدنا. وحده اللعب بالأمن يعيد خلط الدولار. لن يحدث. مناعة لبنان وقوته مؤمّنتان بتوازن الرعب. لأول مرّة يُنتِجُ الرّعب استقراراً. والله أعلم.