Beirut
16°
|
Homepage
جانب من إنقلابات الحريري
عبدالله قمح | السبت 16 تشرين الثاني 2019 - 7:30

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

تقريبًا، ما اعترى تسمية الوزير السّابق محمد الصفدي من أجل تولي رئاسة حكومة "إنقاذ"، يشبه ما حصل مع جواد عدرا حين طُرِحَ إسمه لتمثيل "اللقاء التشاوري" زمنِ مفاوضات تشكيل الحكومة المستقيلة.

يومذاك، نامَ الرّجلُ على "فرشِ" الحكومة الوليدة ليستيقظَ على نسفٍ لإسمه من الوجودِ بجهودِ تدخّل الوزير جبران باسيل، وهو الأمرُ ذاته الذي تكرَّر في حالةِ الصفدي الذي نامَ رئيسًا واستفاق على إنفجارِ الشارعِ بوجههِ.


القصّة أصلًا لا تعود إلى الحظِّ العثرِ الذي مُنِيَ به الصفدي، الذي ارتبطَ إسمه تقريبًا بكلّ الحظوظ السيّئة في البلدِ، بل إلى الحريري وشخصيّته السياسيّة غير المائلة أبدًا صوب إنتاجِ حلٍّ سياسيٍّ يرضي الفرقاء كافة.

وفي الواقع، إنّ الحريري يجنح صوب المناورة بأسماءٍ مرشَّحة لسببٍ يقوم على محاولاته تضييع الوقت قدر الامكان لإتاحة المجال أمام العودة بشروطه لا بشروطِ الآخرين!

في الحقيقة، إنّ هذا الجو يعلمه القاصي والداني من المعنيين بمشاورات التأليف قبل التكليف وذلك بعد ما خبروه من كلام الحريري المتقلِّب بين ليلةٍ وضحاها. فهو يقابل تشدّد "الخليلين" أمامه على وجوب تكليفه هو شخصيًّا تشكيل الحكومة بالفرار تجاه إختيار أسماءٍ أخرى، يرفض حتى تقديم لوائحٍ إسميّة عنها.

والمثير للريبة، أنّ الخليلين منحاه تنازلاً على صعيدِ شكلِ التوليفة بقبول أن يكون ثلثا الحكومة من التكنوقراطِ تحت سقف تركيبة الأربعِ وعشرين وأن ينحصِرَ وجود السياسيين فيها بوزراء الدولة شرط أن يكون هو الرئيس، لكنه وبدل التعامل مع الطلبِ بأريحيّةٍ، مضى يراوغ على صعيدِ الأسماءِ.

كما وأبلَغَ الخليلين، بأشياءٍ منها تفضيله حكومة تكنوقراط صافية مع تلميحهِ بقبول "تكنو- سياسية" شرط خلوّها من الأسماء المستفزّة على وزن إسم جبران باسيل، ثم يعود ويبلغ الأخير بأنّه في حلٍ من أيّ حكومة "تكنو - سياسية" لأنه لا يريد أيّ وجودٍ لحزب الله فيها.

كذلك فعل في مسألةِ تسميةِ الرئيس المكلف معيدًا تعميم ضياعه السياسيّ أمام المعنيين.

فحين طرح أمامه إقتراح تسمية من يريد، حاول الهروب إلى الأمام بابتداع صيغة "يقبل بالاسم المناسب". وحين قدمت إليه لائحة بأسماء مرشحين مفترضين وسُئِلَ عن كلّ واحدٍ بالاسم، كان يكتفي بإيماء الرأس أو القول "خير إنشاء الله". لكن ومع حلول إسم الصفدي، علّق بأنّه "حليفه وخاضا معًا مشوارًا طويلاً"، ما اعتبره الخليلان موافقة ضمنيّة عمَّما بعدها الاسم إلى من يعنيهم الأمر.

الأسلوبُ الذي يستخدمه الحريري في تناول القضية، يصنَّف من ضمنِ محاولته الإيحاءِ بأنّه مستعدٌ لتأييد أيّ شخصيّةٍ قادرة ويمكن تسميتها لهذه المهمّة، لكن ومع الدخول في طرحِ الأسماءِ يبدأ في تعميم ورشة الضياع وتمييع الوقتِ والتعامل مع الموقفِ بإزدراءٍ شديدٍ، وكأنه في حالة التسمية يحتكم إلى الشارع في محاولة منه لإسقاطها، تمامًا كما حدث مع إسم الصفدي.

ويعدّ الحريري أكثر المستفيدين من اسقاطِ الاسماءِ واحدًا تلو الآخر، ومن بينها إسم الصفدي، ليس لاسبابٍ ترتبط بـ"صراعٍ سياسيٍّ" قائمٌ بين الرجلَيْن، بل لأنّ الحريري يفضّل في هذا الوقت تأخير إمكانيّة التسمية قدر المُستطاعِ، أي ابقاء لبنان في حالة تصريف أعمال حتى يقضيَ الله أمراً كان مفعولا.

لم يعد سرًّا، أنّ مقار سياسيّة وصلتها معلومات تتصل بدورٍ أميركيٍّ في كبحِ جماحِ رغباتِ الحريري تجاه الرئاسة، من خلال الايحاء له بتعمّد تقطيع الوقت عبر تمييع المفاوضات لأكبر قدرٍ ممكنٍ من الوقتِ، إفساحًا في المجال أمام إمكان زيادة رُزَمِ الضغطِ في الشارعِ والتي تفيد في تعزيز شروطه لاحقًا. فهو وإن كان يطمح للعودة لكنه لا يستطيع الآن في ظلّ إرتفاعِ قيمة الاملاءات الاميركيّة، ووعده بأنّه سيعود إلى السرايا "على حصانٍ أبيضٍ" لكن ليس الآن، بل عند إكتمال وجهةِ النظر الاميركيّة، لذا ما عليه سوى التحمّل والانتظار.

وبالمناسبة، فهمَ حزب الله أصول هذا المنحى، لذا يتعامل معه وفق المقادير السياسيّة الاميركيّة نفسها.

لذا فإنّ الحزب، وفي تقدير أوساط مطلعة على موقفه، سمعَ من الحريري كلامًا حول إتاحةِ الفرصة أمامه من أجل الحصول على تنازلٍ يفيد في تقديمه للأميركي على أساسِ أنّه "مشروع مبادلة سياسية"، ويمكن استثماره في نيل تنازلٍ سياسيٍّ يصرفه في مسألةِ تشكيل الحكومة. لكن الحزب وحلفاؤه ليسوا في هذا الوارد أبدًا، والاجواء توحي، بأنّهم على استعدادٍ للبقاءِ أشهرًا من دون حكومةٍ في مقابل عدم منحِ الأميركي أيّ مكسبٍ سياسيٍّ.

وفي سبيل ذلك، يمضي الظنّ صوب واحدةٍ من إثنَتَيْن، إما إقناع الحريري بمحاولةٍ أخيرةٍ تسبق نيّة الرئيس الدعوة إلى إستشاراتٍ، أو المضيّ في استشاراتٍ من خارج شور الحريري وبالتالي، الإنقلاب سياسيًّا عليه.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
"سوريا الثورة" تثير البلبلة في البترون! (صور) 9 الحزن يخيم على عائلة الحريري! 5 بو صعب خارج "التيّار" رسميًا! 1
إنتشار عسكري "غربي" في لبنان وحشود إيرانية وروسية وصلت.. عماد رزق: بيروت ستقصف وحرب التحرير بدأت! 10 "رح نحمي بيوتنا" و"الله أكبر سوريا"... غضبٌ عارمٌ وثورة سورية قريباً في البترون! 6 الحقيقة بشأن جريمة باسكال سليمان 2
نائب يتعرض لوعكة صحية! 11 "الرجل الطيب الودود"... الحريري ينعى زوج عمته 7 كلاب بوليسية وانتشار أمني... ماذا يجري في الضاحية؟ 3
إشتباك أميركي - سعودي.. البخاري يعلق مشاركته في الخماسية؟ 12 في جونية... سوريّون يسرقون مخزناً للبزورات! 8 إشكال وجرحى في بلدة لبنانية... ما علاقة "الزوجة الثانية"؟! (فيديو) 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر