Beirut
16°
|
Homepage
صيدا... بوابة الرفض و"مصفاة الحَراكِ"
صفاء درويش | الاثنين 18 تشرين الثاني 2019 - 3:00

"ليبانون ديبايت" - صفاء درويش

لطالما كانت صيدا هي بوابةُ العبور نحو مختلف أنواعِ التغيير. هي بوابةُ الجنوب كما المقاومة في وجهِ الإجتياحِ ومن ثمّ الإحتلال الإسرائيلي.

صيدا هي مقاومةُ معروف سعد والأحزاب الوطنيّة. صيدا الإبتكارُ، كانت دومًا ولّادة رؤساءِ الحكوماتِ، من رياض الصلح إلى سعد الحريري مرورًا بأكثر من رئيسٍ سلَكَ طريق صيدا نحو السراي الحكومي. ومنها خرجَ رفيق الحريري بمشروعِ إعادة الإعمار ما بعد الحرب الأهليّة.


فإذًا صيدا، كانت دائمًا الشريك الأساسي للبنانيين في الإنتقال من مرحلةٍ إلى أخرى، ومن محطة إلى ثانيةٍ، من واقعٍ سلطويٍّ فاسدٍ ربّما إلى إصلاحٍ بشراكةٍ مع الشعبِ. صيدا دائمًا في قلبِ المشهدِ.

وفي حَراكِ 17 تشرين، كانت ساحة إيليا في صيدا، حاضرة في الأوقات كلّها، وعلى جميع الشاشات. كانت شريكة فسيفساء شعبيّة من الشمال إلى الجنوب. فكان أن تميَّزَت عن باقي السّاحات بالإلتزامِ السياسي. حتّى أنّ البعض يعتبرها إلتزامًا من أبناءِ المدينة بخطِّ المقاومة، فيما يراها القسم الآخر، بمثابة نتاجِ خلافاتٍ سياسيّةٍ كبيرةٍ أنزلت جمهور النائب أسامة سعد إلى السّاحات.

في الواقعِ، لم يكن جمهور التنظيم الشعبي الناصري بعيدًا طيلة السنوات السابقة من التحرّكات الشعبيّة. في حَراكِ 2015، شارك هؤلاء في معظم السّاحات وتظاهروا في وجهِ السلطة. حينها، كان النائب أسامة سعد خارج الإصطفافات مُحافِظًا فقط على تحالفه مع المقاومة.

اليوم هو النائبُ المعارضُ للسلطة، الخصمُ الشرسُ لتيّار المستقبل، الحليفُ للمقاومةِ في عناوينها الكبيرة. هو أحدُ وجوهِ الحَراكِ الشعبي وقد يكون الشخصيّة السياسيّة الوحيدة المقبولة من المتظاهرين. هو نفسه الذي سُئِلَ قبل أيّام من قبل نافذين عن موقفه في حال اقتراحه لترؤس الحكومة المقبلة، فرفض لثابِتَتَيْن أساسيَّتَيْن، الأولى، لرغبتهِ بالبقاءِ في صفوفِ المعارضة وعدم اقتناعه، أنّه الشخصُ المناسبُ لمواجهةِ ضغوطِ المرحلة الإنقاذيّة المقبلة.

على جانبٍ آخر، بات واضحًا، أنّ حَراكَ صيدا يضمّ الحزب الشيوعي ومختلف معارضي السياسة الحريريّة باستثناء جمهور "الثنائي الشيعي". حتى أنّ عددًا من أبناءِ القرى المسيحيّة في شرق صيدا من غير مؤيّدي التيّار الوطني الحر شاركوا ونزلوا إلى السّاحة.

موظّفو "سعودي أوجيه" غير الحاصلين على حقوقهم ضربوا للمرّة الأولى منذ عشرين عامًا كتفهم بكتفِ مواطنيهم الصيادنة ووقفوا في الساحة رافعين صوت المطالبة بالحقوق.

بالطبع، لا ينظر الجميع اليهم نظرة وحدة الحال، ولكن الأكيد أنّ نظرة الشفقة على حالهم معمَّمة. فهم الذين لم يلتقوا طيلة السنوات الماضية برفاقِ حَراكهم سوى في صناديقِ الإقتراعِ، حينما كان يأتي بهم من يأكل اليوم حقوقهم لإنتخابه.

ساحة إيليا، أشعرت هؤلاء، أنّ في صيدا، هناك أناسٌ طبيعيّون شرفاء لا يتقاضون المال من حزب الله لمعارضةِ سعد الحريري بحسب زعمهم، تحرّكهم فقط أوجاعهم.

يوم السبت، حضرت ما أُسمِيَت "بوسطة الثورة" إلى صيدا، بعدما جالت على معظم المناطق من دون أيّ اعتراضٍ يُذكَر.

في صيدا، مُنِعَت "بوسطة الثورة" بادئ الأمر من الدخول. تدخّل النائب أسامة سعد فسُمِحَ لها بالوصول إلى ساحة إيليا. البوسطة التي تضمّ مشبوهين، بحسب ناشطين في الحَراكِ، أبرزهم حامد زكريا التي تفيد صفحته على "فايسبوك"، أنّه أحد المقرّبين من نائب المستقبل معين المرعبي كما أنّه من أشدّ المطالبين بسحبِ سلاح المقاومة.

دخلت البوسطة لتنقسِم ساحة ايليا بين مؤيّدٍ ومعارضٍ لها. هناك باتت الساحة ساحَتَيْن وكان مؤشرًا واضحًا، أنّ هذه البوسطة لا يمكن أن تدخلَ الجنوب أبدًا. فصيدا مرّة جديدة كانت البوابة... بوابة الرفض ومصفاة الحَراكِ الحقيقيّة.

ببساطةٍ، صيدا التنوّع بمقاوميها وسلطويّيها واسلاميّيها وسكّان شرقها. وما زالت صيدا التنوّع، وساحة حَراكها ما هي إلّا اليوم عبارة عن مصغّرٍ لصيدا المُشاركة بكلّ مفاصل التاريخ اللبناني، فهل ينال محرومو المدينة حقوقهم بعد هذا الإنتظار الطويل؟
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
رد "نوعي" على استشهاد هادي... هل يشكّل حجّة إسرائيلية لاجتياح لبنان؟! 9 سعر ربطة الخبز إلى ارتفاع كبير... كم سيبلغ؟! 5 سرقة أسلحة وذخائر من إحدى فصائل قوى الأمن… حاميها حراميها 1
ابن الـ 24 عاماً يُفجع زغرتا! 10 بشأن تسديد الفاتورة سواء بالدولار أو الليرة... بيان من "كهرباء لبنان"! 6 الحزب يبدأ "معركة الداخل" ويطلب وضع الجيش "رهن إشارته"... مخطّط سريّ! 2
طارد مواطن بهدف سلبه عند أنفاق المطار... هل وقعتم ضحيّة أعماله؟ 11 كتاب يُثير الجدل ولافتة "تحذيرية" في الضاحية الجنوبية: احذروا المرور! 7 تصلّبٌ مفاجئ! 3
"الجنون" يضرب نيسان... خنيصر يتحدّث عن أمرٍ نادر ويكشف "مفاجأة"! 12 "حربٌ أهلية"... هذا ما تنبّأ به ماسك! 8 بسبب الإيجار... إقتحمت وابنها منزلاً وقتلا إثنين! (فيديو) 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر