Beirut
16°
|
Homepage
بعد "قطوع الثلاثاء"... لا غنى عن الحريري
ملاك عقيل | الخميس 21 تشرين الثاني 2019 - 3:00

"ليبانون ديبايت" - ملاك عقيل

شكّل مشهدُ خروجِ موكبِ رئيس مجلس النواب نبيه بري من جهة "الاسكوا" الثلاثاء الفائت جزءًا من حجم المأزق الذي وضعت السلطة نفسها فيه.

مصفّحة فرنسية مجهزة ببوابة حديدية عملاقة "لاصقة" بمقدمتها، جديدة من نوعها في حالات الشغب وغير مألوفة للنظر، سمحت بدفع المتظاهرين يمينًا بعد تقدّمها بشكل بطيئ، فاتحةً مسربًا الى اليسار كي يتمكن موكب بري من الانتقال الى عين التينة تحت وابلٍ من الشتائمِ!


مشهدٌ غير مألوفِ يكرّس حقيقة ارتباك السلطة العاجزة عن ايجاد حلٍّ لازمة الاستقالة بعد 24 يومًا، وهو المطلبُ الاول على أجندة المتظاهرين، وذلك قبل إلقاء المسؤولية على عاتق الجيش والقوى الامنية التي تجنّبت في يوم "ثلاثاء الحصار" حصول اصطدام خطير في حال رسا القرار على مواجهة متظاهرين، غالبيتهم من فئة الشباب، وكان يمكن أن تؤدي هذه المواجهة ليس فقط الى احتمال سقوط دم، إنما أيضًا فتح المجال أمام "تسرّب" المتظاهرين الى داخل مجلس النواب، مع ما يعني ذلك من احتمالٍ أكبر للدخول في نفقٍ لا أحد يريده.

باتت الأزمة كبيرة الى حدٍّ يصعّب شيئًا فشيئًا من احتمالات العودة الى ما قبل "17 تشرين"، لكن خطورتها أنها تعيد تدريجًا الى الواجهة الترويج لاصطفافات عمودية بين معسكرين، يرى كثيرون أنها غير واقعية بدليل اعترافات من جانب محيط الرئيس سعد الحريري نفسه بأن لا رغبة ولا قدرة على العودة الى الوراء وتكريس الانفصال بين محوريّ 8 و14 آذار وهو أمر يرفضه رئيس الحكومة المستقيل وبنى كافة مواقفه من الـ 2016 حتى اليوم على نبذه.

ويذهب هؤلاء الى حدّ الجزم بأن "لا سيطرة للحريري على بعض المجموعات التي تقوم بقطع الطرقات في بعض المناطق وتفتعل الشغب، ومن السذاجة الظنّ بأنّ ثمة من يديرهم بـ"روموت كونترول" من بيت الوسط، كما أنّ رئيس الحكومة نفسه قد فوجئ تمامًا كالرئيس بري بالحالة التنظيمية للمتظاهرين وكأنهم يتحرّكون وفق خطةٍ معدّة سلفًا.

أما في المقلب الاخر، فهناك رهانٌ حتى اللحظة على الضغط على "شريك الضرورة" الحريري كي يسير في خيار الخروج من النفق بالذهاب نحو حكومة سياسية مطعّمة بتكنوقراط ووجوهها كافة من خارج النادي التقليدي حتى أولئك المحسوبين على قوى سياسية، وفي أقصى الحالات تسمية الحريري لشخصية أخرى تحظى بغطائه.

وفي هذه الحالة، تقول مصادر سياسية مطلعة، لن تحضر تجربة محمد الصفدي مرة أخرى، فالوزير السابق كان نتاج خيار عوني يعود بالاساس الى عام 2017، ثم تكرّرت المحاولة في الازمة الراهنة. وقد شعر الحريري أنه فُرِضَ عليه فرضًا، ولو خرجت التسمية من بيت الوسط لكنّا أمام مشهدٍ آخر مختلف تمامًا، من دون تغييب أيضًا تفاعل الشارع مع هذا الاسم، لذلك سقطت لعبة التذاكي العوني بالضربة الحريرية.

وفيما لا تزال بعض المكونات السياسية، تحديدًا رئيس الجمهورية والثنائي الشيعي، تقف عاجزة أمام فك لغز حصار المتظاهرين لمجلس النواب ومنعه من الانعقاد وفي الوقت نفسه مطالبته بالانعقاد لاقرار قوانين معينة، فإن المصادر تجزم بأن جدول الاعمال الذي "طار" بفعل تأجيل الجلسة كان يتضمّن قوانين إصلاحية عدّة، والاهم قانون بصيغة معجل مكرّر كان يتوخى حماية المودعين الخائفين من خلال اجراءات مختلفة تخفف من حالة الهلع وتريحهم. حتى أنّ قانون العفو كان سيحال الى اللجان".

وتؤكد المصادر في هذا السياق، أنّ قطوعَ الثلاثاء قد تمّ تجاوزه وحاليًا الجهود تنصبّ بشكلٍ مركزٍ على "تفعيل عمل اللجان تمهيدًا لدرسِ مشروعِ الموازنة والقوانين الاصلاحية الاخرى، وبالتزامن استعجال الاستشارات النيابية وتكليف رئيس حكومة جديد".

لكن يبدو أنّ كلام الرئيس بري حول "الغرف السوداء المخصّصة للفتنة وإراقة الدماء" تُرجِمَ أيضًا باعترافات نواب أمام رئيس مجلس النواب بصعوبة استيعاب ما حصل في "يوم الحصار" على مرأى من القوى الامنية".

ويذهب نواب آخرون الى الجزم "بأن عملية ضبط نفسٍ حقيقية حصلت تحديدًا لدى الثنائي الشيعي، وإلا لكانت وقعت الفتنة بأوصافها كاملة. فبعض المجموعات المحسوبة على حركة أمل وحزب الله، كانت تغلي من الداخل"، لكن القرار المتخذ على أعلى مستوى قضى بمنع حصول اي احتكاك لا أحد كان قادرًا على توقع نتائجه".

ويقول أحد النواب عن زميله النائب علي عمار "لقد تحلّى الحاج علي بقدرٍ هائلٍ من ضبط النفس والاستيعاب الذي قد يصعب فعلاً على أي نائب آخر تحمّله... لكن ليس كل مرة قد تسلم الجرة".

وبالتأكيد، شكّل مشهدُ إطلاق النار من الموكب التابع لاحد النواب مادة تقدير حول مدى خطورته واحتمال تكراره، فيما كان من المستغرب عدم صدور بيانٍ أمنيٍّ يعطي تفسيرًا للحادث. يضاف الى ذلك، واقعة التضارب بين متظاهرين وعناصر استقصاء مجلس النواب فور خروج موكب الرئيس بري الذي ردّد من في محيطه أمس أنّ القوى الامنية، وتحديدًا مكافحة الشغب، هي التي كانت مولجة تأمين مسربٍ لدخول النواب منه الامر الذي لم يحصل.

ويرى قريبون من بري، أنّ "الحل الافضل في ظل هذه الازمة عدم توسيع الشرخ وإلا كلنا سندفع الثمن، وهذا ما يحاول بري القيام به من خلال العمل على خطين، خصوصًا أنّ الوجه الاخطر للازمة هو الوضع المالي الذي يحتاج الى تدخلٍ فوريٍّ".

ويشير هؤلاء، الى أنّ الرهان لا يزال قائمًا على اعادة الحريري حساباته إن بقبول التكليف أو تسمية آخر، فنحن اليوم بأمسِّ الحاجة الى قياداتٍ واعيةٍ نرى أنها غير موجودة".
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
مذكرةٌ من ميقاتي بشأن عطل رسمية... اليكم التفاصيل 9 "الحالة كانت خطيرة جداً"... الحريري يتعافى 5 الضاحية الجنوبية تغلي عسكريًا: تفاصيل ليلة سقوط "السفّاح"! 1
في ذكرى اعتقال جعجع ... نائب سابق يكشف عن حقائق كبرى! 10 سقطة غير مبرّرة لنائب التغيير... من أنتَ؟ 6 الأب إيلي خنيصر يُحذّر من الشهر "المزاجي"... أسبوعان مجنونان بانتظاركم! 2
بعد إصابته بجروح خطرة جراء طلق ناري... نقل كينجي جيراك إلى المستشفى! 11 بيان "هام" من هيئة ادارة السير ! 7 حفل يتحوّل إلى مأساة... ابن بيروت جثّة هامدة! 3
تعميم أوصاف جثّة رجل مجهول الهوية... هل من يَعرف عنه شيئًا؟ 12 لاعادة النازحين وكشف خبايا جريمة سليمان... تعاون بين الدولة اللبنانية والسورية! 8 بالتفاصيل… شعبة المعلومات تفك لغر فرار داني الرشيد 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر