"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

حكومة بتنا نرى رأسها من بيت الرّحم. الأمور بخواتيمها إنما الولادة قيصرية. منذ ساعات حاصرت " الثورة " منزل طليقة " دولة الرئيس سمير الخطيب ". " ثورة " أخطأت بالفهرس وحاصرت الطليقة قبل أن تستهدي على بيت من صار بحكم المُكَلَّف. لا بأس. الطَّلق مستمرّ وربّما بكمّاشات اللواء عباس إبراهيم يمكن التقاط الرأس وسحب الجَنين.

الرئيس الحريري من جهته يكتبُ وثيقةَ الولادة دون أن يمهرها بتوقيعه حتى اللحظة. ما زالت المشاورات جارية والأسماء تغزل مثل كُرات اللوتو في أنبوب الهواء. أسماء في مهب الريح وأخرى في مهب التوزير. عَجقَة سِيَر ذاتية. على فكرة. القوى نفسها التي لفظتها " الثورة " تشكِّل الحكومة. بالطبع لم يُفصَح عن معايير التوزير. مسألة استحوذت على اهتمام الإعلام في الآونة الأخيرة. أهل إختصاص. تكنوقراط. مستقلّون. مفردات باتت تُعالَج بين الخَليلَين ويا خَليلَيَّ تيَّمَتني وحيدُ.

بصراحة. أعداد أهل " الثورة " في تناقصٍ ملحوظ. يكاد يكون أعداد " الثوار " في الأيام الثلاثة الأخيرة أقل من عدد المحتشدين أمام محلات الزلابية والمعكرون بمناسبة عيد القديسة بربارة. الدورات التثقيفية في الخِيم انتهت ووُزِّعت الشهادات على المشاركين. حتى أعداد السندويشات المُوَزّعة على البعض من " الثوار " إلى تراجع في ظل قرار نقابة أصحاب الأفران زيادة سعر الربطة أو حذف رغيف واحد منها. ربطة باتت مرهونة بفتح إعتماد للطحين يجنّب اللبنانيين مجاعةً ذاقوا ويلاتها في حرب الأربعتعش. يومَها اكتمل النقلُ بالزعرور بغزوةِ الجَراد. بعد مئة وخمسة أعوام على الجراد بأجنحة يغزو لبنان اليوم جرادٌ ناطِق.

نفترض بحكم التفاؤل أنه سيكون لنا حكومة. ستكون وزارة الإتصالات أمّ الوزارات. تشير المعلومات أن كميّةَ الأموال المهدورة والمنهوبة في هذا القطاع هي كميةٌ يندى لها الجبين. أشبَهُ بفضيحة العصر .أكبر من سرقة القبة الألفية في لندن. أكبر من سرقة الموناليزا في القرن الماضي على يد ڤنشنزو بيروجي. اختبئ عام ١٩١١ داخل خزانة المتحف لينشل جنى عمر ليوناردو ده ڤينشي. وزراء ونواب وموظفون وسماسرة اقترفوا جريمة العصر في هذه الوزارة. لم يختبئ أي منهم في خزانة. سرقوا في وضح الشمس وخلف مكاتبهم. التحقيق بإختلاساتهم يستوجب تأسيس جيشٍ جرّار من القُضاة.

إنها فرصة العهد لفتح السجون. فرصته الأخيرة لعدم تبرئة أي " إبراء مستحيل ". من أجل ذلك لا بد له من دفن التسوية التي قامت أولاً وأخيراً على الرئاسة مقابل السكوت. لم يتبقَّ للعهد اليوم سوى تسوية واحدة. الإفصاح مقابل الرئاسة.

أربعة وعشرون وزيراً رست عليهم بورصة التأليف على ما يُشاع. تأليف تمَّ قبل التكليف. تشكيلة جاهزة من دون استشارة منسقيّة " الثورة ". ثمانية عشر وزيراً تقنياً وستة آخَرين مهمتهم حراسة الطائِف. الطائف سجين خَطِر ويستوجب حراسة مشددة على أبواب زنزانته. مسودّة البيان الوزاري دُبِّجَت. مشهدان مقزّزان. جثامين عمر زكريا وحسين العطار وعلاء أبو فخر وناجي الفليطي من جهة. ربطات عنق هيرميس للوزراء الجدد من جهة أخرى.

طيفُ أمين الحافظ سيحومُ على حكومة سمير الخطيب. هل سيكون باستطاعة رجل أعمال على ما نقرأ أن يقود أكبر وأخطر عمل إصلاحي وإنقاذي في تاريخ لبنان الحديث؟ سيكون على دولة الرئيس المقبل أن يتخلّى بالإستقالة عن كل مواقعه المهنية وأن يلبس ثياب النساك ويبدأ بحراثة الجَلّْ. طبعاً سيكون عدد الطناجر التي تحاصر محيط منزله معياراً عما إذا كان قادراً أن يتحدّى حكومة أمين الحافظ ويصمد أكثر من شهرين.

عدد الطرقات المقطوعة ستكون في الساعات المقبلة الإمتحان حيث يُكرَّم دولة الرئيس أو يُهان. في الساعات المقبلة سنعرف عما إذا كنا دخلنا عهد الخطيب أم عهد الطناجر.