"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

على الأصابعِ، يبدو المهندس سمير الخطيب رئيسًا مُكَلَفًا تشكيل الحكومة بنسبةٍ تتراوح على الأقل بين 53 و60 صوتًا إذا ما قُدِّرَ لكتلة "المستقبل"، أن تُخيِّط خارج مسلّةِ الرئيس سعد الحريري الذي أعلنَ بشكلٍ غير رسمي أنّه يؤيِّد تولّي الخطيب التكليف، ومن الطبيعي، أن ينعكسَ موقفها على موقف كتلة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط التي ستميل كفَّتها بحسب رغبةِ بيت الوسط.

حتى الآن، هناك تضاربٌ في الخياراتِ داخل كتلة المستقبل النيابيّة ما أهَّلَها للتموضعِ ضمن خانةِ "المجهول السياسي"، وما قد يترَتَّب عنه من "مجهولٍ" أيضًا.

في الواقعِ، إنّ الكتلةَ التي تضمّ عشرين نائبًا ليس لديها أيّ خيارٍ صريحٍ لديها حتى الآن تحمله إلى قصر بعبدا لتفتتح به الاستشارات النيابيّة المُلزِمَة، لا بل إنّ ما تكشفه الاوراق المُبَعثرَة على طاولتها يقود إلى الظن بوجودِ خللٍ واضحٍ على مستوى خطوطِ إنتاجِ الموقفِ لديها، وهذا يقود إلى إحتمالاتٍ عدّة:

إمّا أنّ كتلة المستقبل تعاني من فقدان أهلية في تقدير الموقفِ نتيجة رأي الرئيس سعد الحريري تبنّي الخطيب مبدئيًا، ما أدى الى حصول تضاربٍ على صعيدِ وضوحِ موقفها فجعله يترنَّح بين موقف النائب سمير الجسر الذي أعلن سابقًا، أنّ "مرشّحَ الكتلةِ هو سعد الحريري"، فيما لم يصدر بعد هذا الموقف أي آخرٍ جديدٍ، وغياب الموقف الرسمي الذي كان السبب وراء تأجيل اجتماعها الدوري لموعدٍ قُدِّر حصوله يوم غدٍ الأحد.

أو أنّ الكتلة تمارس "مناورة سياسية" تهدف إلى تضييعِ البوصلة حول موقفها النهائي، ما سيحتِّم على الكتل الباقية التموضع في خانةِ عدم وضوحِ الرؤية، وبالتالي سيكون بمثابة تضاربٍ على مواقفِ الكتل الباقية التي ستدخل استشارات نهار الاثنين وهي في غياهبِ المجهول رابطة تقرير مصيرِ موقفها على الرأي الذي سيصدر عن كتلة المستقبل في مستهلِّ الاستشارات.

وحتى ذلك الحين، تبدو الامور "المستقبليّة" مُبهَمة، فما يُسرَّب عن مجالسِ العديدِ من النواب، يَكشف خلوّ رغبة معظمهم من القبول بتولي سمير الخطيب كرسي الرئاسة الثالثة، على إعتبار، أنّ "مؤهلاته السياسيّة" غير كافية، كما وأنّه لا يحظى بغطاءِ الاكليروس الديني السني ولا بجموعِ السياسيين أو أهل الشارع، مما يسهم في جعله ضعيفًا.

أضف إلى السلبيات، أنّ حشدًا عظيمًا من هؤلاء النواب، يظنّ أنه وفي حالةِ خلوِّ الخطيب من الغطاءِ السني في عدم منحهِ أصوات كتلة المستقبل واستقرار رأي كتل الأكثرية على منحهِ أصواتها ما سيجعله رئيسًا مكلفًا، ويجعله أمام إستهدافٍ مباشرٍ من قبل شارعه السني الذي سيعتبر أنّ الخطيب هو رئيس حكومة سني يعمل في خدمة اجندة وزير الخارجية جبران باسيل وبالتالي لا بدّ من إسقاطه. وفي هذه الحالة، فإنّ شخصية تحمل صفات الخطيب، أي خالية من الجينات السياسيّة، ستصبح عرضةً للسقوطِ الحتمي.

في الحالةِ الراهنة، تقول أوساطُ النواب "الزرق"، أنّ ضبابيةَ المشهدِ ستنعكس على الإجتماعِ المُفترَض عقده للكتلة الأحد، فإمّا أن يجري الركون إلى خيار الرئيس الحريري، وبالتالي يجري إقناع النواب به ما سينعكِس على موقفهم من الاستشارات، أو أنّ الحريري قد لا يقنعهم ما سيُبَعثِر الاستشارات ويُعرِّضها لهبوبِ الرياحِ السّاخنةِ، وهي الحالةُ التي ستجعلها أمام قرارَيْن، تسمية الخطيب بأقلِّ عددٍ من الاصوات أو الامتناع عن التسمية لعدم إحراجِ الحريري بتسميته في ظلِّ رفضه.