Beirut
16°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
بلديات
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
رياضة
صناعة الوطن
مفاجأة مصرفيَّة مِن الوزن الثقيل
روني الفا
|
المصدر:
ليبانون ديبايت
|
الثلاثاء
31
كانون الأول
2019
-
10:15
"ليبانون ديبايت" - روني ألفا
المَوسِم مَوسِم بُنوك. هَرجٌ ومَرجٌ في المَصارِف واستعمالُ أدَواتِ حِوارٍ غير مَعهودَة. فؤوسٌ وهَراواتٌ وقَريباً مسدّساتٌ ورشاشاتٌ وجرّافاتٌ زراعيَّة وكاسِحات " بُنوك ". وحده بنكُ الدَمّ غَير مأزوم. لا مشكلَة سيولَةٍ لديه. بَنكٌ يعمَلُ على الهِبات ومِن دونِ دُيونٍ ولا يورو بوند. لا يعتَرِفُ بِتَصنيفاتِ المؤسساتِ الإئتمانيَّةِ ولا يعرِفُ الإفلاسَ ولا " الهيركات " ولا " الكابيتول كونترول ". المتبرِّعون يقدِّمونَ دَمَهُم مِن دون سَنَدات خَزينَة. مِن دون رهنيَّة. مِن دون فَوائِد. المستَفيدونَ يستلِمونَ حِصصَهم متى يريدون. بنكٌ يَتهافَتُ عليه المودِعونَ بالآلاف كلَّ يَومٍ مِن دون أن يهتزّ. مِن دونَ أن يرِفَّ لَه دولار. لا رُبا في بنك الدَمّْ. يَكفي أن تَحتاجَ إلى وِحدَةٍ مِن أيِّ فِئَةٍ لِتَحصَلَ عليها مَجّاناً. الدِّماءُ هي أرخَصُ ما يمكِنُ أن يوهَبَ في لبنان. دَمٌ عدّاً ونَقداً وبالتقسيط المريح لكل الحالات الطارئَة.
قَريباً تُعَمَّمُ موضَةُ البنوكِ الرّديفَةِ في لبنان. إبداعُ اللبناني كَفيلٌ بتأسيسِ هكذا بُنوك. بَنكٌ للأسنان مَثلاً. أسنانٌ بشريَّةٌ لبنانيَّةٌ صَفّْ الّلولو. تخيَّل أنه صارَ بإمكانِكَ أن تَفتَحَ حساب أسنان. حسابُ أسنانٍ جارٍ أو مُجَمَّدٍ لا فَرق. عليك فقط أن تُجَمِّعَ أسنانَ الحَليبِ وأسنانَ البلوغِ وتضَعَها في التّداول. مع قليلٍ من المتابعَة قد تُصبِحُ أسنانُكَ في بورصَة نيويورك وعلى مؤشِّرات " الناسداك ". يمكنُك أيضاً أن تنالَ لكمَةً على فكِّكَ فتكسرَه بِهناء وطيبَةِ خاطِر. لُمَّ أسنانَك عَن الأرض واعرِضها للبيعِ فوراً في أقرَب فرعِ مَصرِفٍ لَديك. أضراسُكَ البالِغَة سيكون مرحّباً بِها أيضاً. القَواطِعُ والأنيابُ والضّواحِكُ والطّواحِن. كلُّ واحِدَةٍ منها بِسِعر. الشرطُ أن تمضَغَ وتَقطَعَ وتَشطُرَ وتَضحَكَ كما يَجِب. كلُّ من يَحتاجُ إلى ضِرسِ عَقلٍ صارَ بإمكانِه الإستحصالَ عَلى واحِدٍ ذي عقلٍ راجِحٍ مِن أقرَبِ بنكٍ للأسنان. واهِبُ الأضراس سيكون من الوَظائِف الأولَى التي سيَختَرِعُها اللبنانيُّ بعدَ عمليَّة إفقارِه المَنهَجية. باعَةُ الأضراس سريعاً ما سيشكِّلونَ نَقابَة تَحمي حقوقَهُم " الضِّرسيَّة ".
تخيَّلوا كَم سيكونُ هذا التطوّرُ مذهِلاً. لا حاجَةَ بعد اليوم للجسورِ الإصطناعيَّة والرصرصَةِ والتلبيس. لا حاجَة إلى واجِهاتِ المَعادِن والبلاستيك والمطّاط التي تلتفُّ فوقَ اللثَةِ لِتَقويمِ الأسنان. شِراءُ أسنانٍ مستَقيمَةٍ مِن دون عَناءِ الإنتظار. ضِرسٌ طبيعيُّ طازَجٌ مَع شَهادَة منشأ. طاحِنٌ بِحالَةٍ ممتازَةٍ للبيعِ بسعرٍ مُغرٍ. قاطِعٌ مسنَّنٌ مِن فمِ عِملاقٍ للبيع بِداعي السَّفَر. ضِرسانِ من الضّواحِكِ الأماميَّةِ مَع شَهادَةِ ضَحِكٍ معتَرَفٍ بِها للبيع بأسعارٍ تنافسيَّة. أنيابٌ مُعتَنَى بِها سَلفاً بأفضَل مَعجونِ أسنانٍ للبيع فوراً وبالتقسيط المريح. أضراسٌ مستعمَلةٌ صَحيح إنما بِحالَة ممتازَة. هذا سيحفّزُ شرِكاتَ الإعلان والتسويق لتشجيعِ الواهبِ والمَوهوبِ عَلى دخولٍ آمِن في عصرِ الاسنان المستعمَلَة.
بَنكٌ للأسنان يقابِلُهُ بنكٌ للألسِنَة. سيصبِحُ بِمَقدورِنا شِراءُ الألسُن. تَماماً كَما نشتري أيَّ قِطعَةٍ من اللّحمِ الطّازَجِ من برّادِ السوبِرماركِت. ألسِنَةٌ عَديدَةٌ بِمواصَفاتٍ متنوِّعَةٍ سَتكونُ بمتناوَلِ المستَهلِك. لِسانٌ طَويلٌ بِكَلِماتٍ كَثيرَةٍ للثرثار. لِسانٌ دافئٌ بكلِماتٍ قَليلَةٍ للَكَتوم. وألسِنَةٌ مِن دون أي كَلِمَة للذين يؤثِرون الصّمتَ عَلى الكَلام. ألسِنَةٌ عريضَةٌ وأُخرَى رفيعَة. وأخيراً لِسانٌ هوَ الأغلَى. لِسانُ حالِنا.
التطوّرُ الأبرَزُ سيَكونُ إنشاءَ بنكِ المَشاعِر. سيكونُ البنكُ غيرَ مُتاحٍ لِرجال السياسَة. هؤلاء لا تتوفّرُ فيهم الأحاسيسُ حتّى يَتَداوَلوا بِها. عامَّةُ الناس سيَكتَتِبون برأسمالِ البنك. مَصرِفٌ يفتَحُ لَك رَصيداً مِن الأحاسيس على شَكلِ كونتوار لبَيع معلّباتٍ فيها حبوب أو تَحاميل أو حقنات أو جرعات مَشاعِر. حبَّةٌ للشجاعَة وأخرَى للغضَب. حبَّةٌ للحَنان وأخرَى للصّداقَة. حبَّةٌ للضَّحِك وأخرَى للبُكاء. حِقنةٌ للتواضُع وأخرَى للصّبر. جرعَةٌ للسلام الدّاخِلي وجرعَةٌ للغيرَة. وأخيراً تَحميلَةٌ للتساهُل وأخرَى للكَبت. إحرَص على أن تعرِفَ المِقدارَ الذي تريد. تناوَلْ ما تحتاجُ إليه من مصرفِكَ كلَّ صباحٍ وإتّكِل. بَنكٌ مَبنيٌّ عَلى المُقايَضة. تُعطي موظّفَ الكونتوار إحساساً لا تستعملُه. تأخذُ في المقابِل إحساساً جاهِزاً للإستِعمال. حبوبُ الأحاسيس ستجَعَلُ مِن عُلماءِ النفسِ والإطباءِ النفسيين فئَةً على طَريق الإنقِراض... المَوسِم موسِم بُنوك!
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News،
اضغط هنا