"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

لا أدَّعي معرِفَة كارلوس غصن. قضيّته عرّفت عنه بما يكفي. تسنّى لي الحَديث في تَكريمِه في لبنان بمناسبَة إصدار طابِع خاص يحمِل صورَتَه منذ سَنَتين تَقريباً. لبنان إستعادَ اليوم طاقَة كبيرَة من طاقاتِه المبدِعَة. مُواطِن عالَمي يَعود إلى بيتِه. ينقل إبداع العالَم إلى مكان إقامَتِه. مدعاة للغضب أن يحقق غصن مليارات الدولارات للعالم ثمَّ يُرمَى في سجن إنفرادي.

تجربَة غوانتانامو تدخل في السياق نفسه. لا تَعني الإتهاماتُ شيئاً بالنسبَةِ لِرَجلٍ أحدَثَ ما يشبِه المعجِزَة في إحدى أكبَر الشركات العَملاقَة المتعثِّرَة في العالَم. لعبةُ الدول لعبت بمصيره. كثيرٌ مِن الحبر صُرِفَ في تَحليلِ أدائِه. مِن نظريَّة المؤامرَة إلى نظريَّة التهرّب الضّريبي. نظرية الضحية تبقى الأكثر واقعية في وصف ما تعرّض له الرجل. يَبقى أنه عاد إلى بلدِه وعادَ بلدُهُ إليه. بلِقاء غصن رئيس الجمهوريَّة بدا واضِحاً أن لبنان هو البلد الأم. البلد الحاضِن . مسقِطُ الرّأس المشرِّف. موقف شجاع لرئيس الجمهورية. يضمّ أبناءَه إليه ويقدّمُ الحماية والرعاية إلى المبدعين منهم الذين زرعوا العالم نجاحاً وإبداعاً. أوَّل عَريضة دِفاعيَّة عَن غصن صَدَرَت مِن بعبدا. نرفع قبّعة كبيرة للرئيس. الموقف الفرنسي من غصن قَطَع نصف الطّريق بالتصريح أنه سيستفيد من الخدمات القنصليَّة كُمُواطِن فَرنسي. أما جنسيّته اللبنانية فتبقى أهمّ وثيقَة تَحميه.

أدعو للإستِفادَة من هذه القامَة. إلى احتِضان لهذه الخبرَة الوطنيَّة التي غَزَت العالَم. إلى التعاملِ معه كَبَطَل عائِد من الأَسر. ما حدث مع كارلوس غصن أشبَه بإعتِقال. عومِلَ كأسير حَرب. لَم يعُد مهمّاً كيف عادَ هذا الرّجل إلى بلادِه. في صندوقٍ موسيقي أو في علبَة هَدايا. الروايات البوليسية هامشية. رواية الإيقاع بغصن أهم. المهمّ أنه مدعو للمشاركة في إعادة بناء بلده. رجلٌ كان يتحكم بميزانية تكاد توازي ميزانية دولة يجب أن يدخل الخدمة الإلزامية لبلده.

المتوقّع أن تَنجَلي تفاصيل أقرب إلى الفضيحة منها إلى المحاكمة العادلة في قضية كارلوس غصن. أداء السلطات اليابانيّة مع رسائل وزارة الخارجية اللبنانية في الفترات الماضية كان مُهيناً. دولة بحجم اليابان تمتنع عن الردّ على رسائل دولة أخرى وفق أبسط قواعد التعامل مع الدول هي دولة ملتبسة. سلوك أمبراطوري فَوقي. نِظام مقفَل يخاف من بيان أو توضيح أو رَدّ. الدبلوماسية اللبنانية شجاعة. لا بدّ اليوم أو غَداً من إستدعاء سفير الإمبراطورية واستيضاحه عن ظروف إعتقال كارلوس غصن.

في جعبة غصن معلومات قد تهزّ أنظمة. هذا ما قرأناه عن ظروف التوقيف يومها. تحليل ليس بحاجة إلى تنجيم ولا إلى حفلة توقعات. مُنِع من حقّ بديهي هو حقّ دفاعه عن نفسه بكشف المعلومات التي في حَوزَتِه. صودِر لسانُه وقلمُه وصوتُه وحاسوبُه وهاتفُه. مُنِعَ من مقابلة عائلته ووُضِع في الإقامة الجبرية. يَصعب كثيراً أن نصدّق أن أي ديمقراطية في العالَم تمارِس هذا النّوع من الإرهاب النفسي. صودِر نجاحُه وحُكِمَ عليه قبل صدور الأحكام. أن يتّخذ كارلوس غصن قراراً بحجم الهروب يعني أنه كان معتقلاً. بكل بساطة.
حماية كارلوس غصن من واجبات الدولة وهي لم تقصِّر. كارلوس غصن استحقَّ طابعه التكريمي. ننتظر منه أن يكون مدافعاً شَرِساً عن نفسه من لبنان. القضية على وشك أن تبدأ.