Beirut
16°
|
Homepage
حزب الله بـ"نيو لوك" حكومي
عبدالله قمح | السبت 25 كانون الثاني 2020 - 7:00

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

من الواضحِ، أنّ تجربة تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب طبعت عميقًا في وجدان حزب الله السياسي بل أماطت أمامه النقاب عن عدّة ظواهر موجودة بخاصة ضمن فريقه السياسي ربما كان يتصوّرها ويعلم بوجودها وبمقدار كم هي شائكة لكنه لم يكن يتوقع، أنّها متوافرة بدرجةِ القساوة التي خلَّفَتها المنازلة الحكومية، وأنّ "قطرة" أفاضت الماء من كأسِ الخلافات العميقة ضمن صفوفِ حلفائه.

في الحقيقة، أقرَّ أكثرُ من طرفٍ لصيقٍ بحزب الله خلال فترة تشكيل الحكومة، بوجودِ "ولدنات وتصرّفات صبيانيّة" تطبع جسم الحلفاء، وغالبِ الظنّ أنّها موسميّة وتكتيكيّة بحكم طبيعةِ تشكيل الحكومات، ليتبيَّن فيما بعد، أنها ذات جذور ضاربة في الأرضِ ومستمدّة من صراعاتٍ تحمل في جوانبٍ كثيرة منها طابع "الصراعات الوجودية" كتلك التي ظهرت بين التيار الوطني الحر والحزب السوري القومي الإجتماعي!


وعلى قدر إستغراب الحزب لما جرى ويجري وغضبه منه، حاولَ تذليل العوائق وممارسة نوعٍ من أنواعِ "الوصاية الناعمة المقبولة عند حلفائه" بدافع المونةِ طبعًا، من أجل التخلي عن هذا المطلب أو تلك العقدة، وإن كان ينجح في أمكنةٍ كان يفشل في أخرى، ومع لجوءِ بعض الحلفاءِ إلى اعتمادِ أسلوبِ "تناسل العقدِ" تحوّل حزب الله إلى "قاضٍ لأولادٍ" يتقاتلون فيما ما بينهم.

طبعًا، حزب الله قام بالحدِّ الأدنى والأقصى المُمْكِنَيْن من أجل تحقيق رغبةِ تمثيل حلفائه وتذليل عقبات بعضهم ضمن التركيبة الحكومية التي أُصبِغَت صفة "اللون الواحد"، وقد لجأ في سبيل ذلك إلى كافةِ السياسات والتكتيكات المُمْكِنَة، وحين دقت الحمية وقت تعقَّدت الأمور قبيل ساعات من ولادة الحكومة، لجأ إلى التحرّكِ ضمن قرارٍ مصدره أعلى سلطة في الحزب لكبحِ جماحِ الأزمات المُتناسلة.

صحيحٌ، أنّ حزب الله معروفٌ عنه نفسه الطويل وسِعَة صدره والامكانات الكبيرة التي يتمتَّع بها في مسائلِ التفاوضِ وتدويرِ الزوايا، لكنّ الحق يُقال، أنه وفي غمرةِ انزلاقِ مباحثاتِ تشكيل الحكومة إلى مكانٍ سيءٍ مهددةً بتطيير كل ما جرى تأمينه من مكتسباتٍ، وصلَ إلى مكان لم يعد في مقدوره التحمّل، ولولا حصانته "الايمانية" لكان كفرَ بحلفائهِ وأحوالهِ!

وبهدفِ استدراك ما هو آتٍ، لجأ إلى استخدام لغةٍ لم يكن قد ألف استخدامها سابقًا، أتت على شكل إبلاغ حلفائه بالعزوفِ عن الاستمرار في تقديم مساعيه من أجل تشكيل الحكومة وسحب يده من الملف كليًا، ما أوحى بأنّ الحزب وفي طريقة تعاملهِ الجديدة مع حلفائه يضرب يده على الطاولة ويقول لهم "كفى!".

صحيحٌ، أنّ الاجراء المماثل كان له وقعه إذ دفعَ بقوة مسألة تشكيل الحكومة إلى الامام وأعادَ "تهذيب" بعض الحلفاء ما كفل إعادتهم إلى "رشدهم السياسي" والتموضع ضمن حصصهم السياسيّة المعقولة، لكنه في المقابل مثل تصرفًا جديدًا لم يكن في الحسبان عند الحزب، ولا حتى أقرب المقربين اليه، وفتح النوافذ على رؤية سلوكٍ جديدٍ ظهرَ أنّه سيطبع مساره في المرحلة المقبلة تحت شعار "ولّى زمن الدلع".

حزب الله يعلم جيدًا، أنّ "عليه العين" في المرحلتين الحالية والمقبلة، إن على المستوى الخارجي الاوروبي أو الاميركي، أو الداخلي الممتدّ من الحَراكِ إلى التغيّرات المرشح بروزها ضمن بيئتهِ الداخلية مع تنامي ظواهر الاستثمار الغريب فيها. وبالتالي، فإنّ أولويّات حزب الله الآن هي المعالجة ومنع الانهيار، وعلى درجةٍ من الاهمية، إنهاء الظواهر النامية من الدلع السياسي النابت حوله على شكل محاولات ابتزازه بغطاءٍ من هنا أو هناك.

والغريب، أنّ حلفاء الحزب المُفترَضين، بخاصةٍ اولئك الذين يُحسَبون عليه أكثر من غيرهم، كانوا على علمٍ مُسبقٍ من أنّه اتخذَ منذ فترة قرارًا بـ"تصفير" النزاعات الداخلية حتى إشعارٍ آخر ولو كلَّفه ذلك تطبيق الإجراء من طرفٍ واحدٍ، لطبيعةِ علمه بالمخططِ المرسوم له والذي يُراد ايقاعه به، فبدل أن يكون الحلفاء على قدر المسؤولية نفسها، كانوا يمضون في اعتمادِ سياساتِ التلهي التي تُنذر بإفتتاحِ جولاتٍ جديدة من النزاعات بوجهِ الحزب.

وقد أصبح واضحًا، أنّ حزب الله الذي كان يعتمد في ما سبق تشكيل الحكومة مبادئ الضغوطات المباشرة ذات الجينات الايجابية التي كان يلجأ إلى استخدامها على خطوطِ حلفائه من أجل تأمين تبدّلات على مستوى مواقفهم السياسيّة في لحظاتٍ معيّنةٍ كتشكيل الحكومات مثلاً، ظهر أنّه تخلّى عن هذا الإجراء مقابل لجوئه الى اسلوبٍ آخر بديل مرشح للاعتماد في الأيام المقبلة ويرتكز على الضغطِ العالي ذات الجذور السلبية.

ما أوصلَ حزب الله إلى هذا الاقتناع، ليس دقّة المرحلة فقط وترفّع الحلفاء وتجاهلهم لكثيرٍ من الأمور، بل ملاحظته أنّ "خلفيّات أزماتية" من هذا النوع تحدث في حدائقهِ الخلفيّة، ستؤثر عليه بشكلٍ سلبي كما على عنصر التحالف القائم بينه وبين رفاق دربه.

في بالهِ، أنّ كثرةَ الدق لها قدرة على فك اللحام. وبهذا المعنى اتخذ قراره بتجفيفِ منابع "الدق" وتقليصِ الهوّة بين الحلفاء، حتى ولو اضطرّه ذلك للجوءِ إلى استخدامِ "التصعيدِ السلبي ضدهم من أجل التأثير على مواقفهم إيجابًا".
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
فرنجية ليس شيطاناً والياس بو صعب خسارة كبيرة... نائب عوني يحذّر من قنبلة ستنفجر ونداء إلى بري! 9 زياد أسود يكشف خلفيات "فصل" بو صعب وعن "حضانة" باسيل: ما حدا باقي! 5 بالفيديو: إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في برج حمود 1
صور "تظهر" حجم الأضرار في القاعدة الإيرانية المستهدفة! 10 عصابة "خطرة" تنشط في طرابلس... بطلتها إمرأة! 6 مستجدات فصل بو صعب من التيار! 2
بشأن تعديل قيمة رسوم المعاملات... بيانٌ من الأمن العام! 11 بشار بطل عمليّة نصب كبيرة في طرابلس! (صور) 7 سيناريو "مُقلق" ينتظر مطار بيروت... إنذار خطير وأيام حاسمة! 3
"التيار معجون عجن بالغش"... جعجع يستنكر! (فيديو) 12 "النكزة الأخيرة"... منشورٌ "ناريّ" للسيّد! 8 حافي القدمين... نائب سابق يتعرّض لسرقة "من نوع آخر"! (فيديو) 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر