Beirut
16°
|
Homepage
نبيه بري وظلم ذوي القربى
عبدالله قمح | السبت 01 شباط 2020 - 1:05

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

لطالما كان نبيه بري الأفقه والأذكى بين السياسيين، صاحب خفة في اللسان والحركة، "مهندس حلول" حائزٌ على دكتوراه في مجال الإدارة والحنكة. شخصٌ في مقدورهِ تركيب "الذكر على الذكر" كما يُقال في المثل الشعبي الشائع، "أبو الوصفات" لأي أزمة أو مشكلة تطرأ، ليس فقط رئيسًا لمجلس النواب بل يمثل "زنبرك" الحركة السياسية الدائمة وملجأ لكثر بمختلف توجهاتهم السياسية.

بإختصارٍ، هذه الصورة التي كوَّنَها نبيه بري عن نفسه طوال سني حكمهِ بمعزل عن رأينا في التجربةِ وتفاصيلها وما يحيطها من التباسات هي حقٌّ لنا في إبداءِ الرأي فيها، من الحق القول في المقام ذاته، أنّ نبيه استطاع أن يشكِّلَ علامة فارقة في المجال السياسي.


لكن يبدو، هناك شيءٌ ما يحصل، وأمرٌ ما يتغير ويتبدّل من حوله، كأنّ نبيه بري اليوم لم يعد الرجل الذي كان عليه أمس، كأنّ حركة أمل اليوم مختلفة عن "نفسها" أمس.

تلك الصورة المجبولة بطعم اللين والقسوة والاصرار في آن معًا، تتغيَّر لمصلحةِ صورةٍ نمطيّةٍ، بدأت تظهر عن حركة أمل، صورة الخروج عن الانضباطية والنزوح صوب إعتمادِ السلوك المضطرب أو المضرّ. صورةٌ كتلك التي ظهرَت في محيطِ مجلسِ الجنوب كفيلةٌ في الاضرار أولًا وأخيرًا بقيادة حركة أمل وصورتها وإظهارها كعنصرٍ بعيد من متناولِ عناصره أو غائبة القدرة عن ضبطهم. صورةٌ تُنذِر بوجودِ تيّاراتٍ ما ربما تنشأ وتتطوَّر داخل الجسم الحركي بدأت تتخذ سلوكًا مستقلًا عن قرار القيادة التنظيميّة أو تمارس إجراءات بعيدًا من رأيها، أو تتخذ قرارات ربما لا تطلع عليها القيادة ويتبيَّن فيما بعد أنها تضرّ بها.

ما المحَ إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري في تحذيره الموجَّه إلى الحركيين أكبر من مسألة تحذير من فتنة متربصة في الشارعِ أو بمشاريع "صفقاتية قرنية" تُطرَح من هنا وهناك، أو ارتداداتها أو مسعى البعض للمراهنة والمراكمة على أخطاءٍ من أجل استجداءِ وإستدراجِ عناصر الفتنة بين السُنة والشيعة سبق وحذرنا منها في مقالٍ سابقٍ، بل على وجهِ الخصوص، أرادَ الرئيس نبيه بري أن يوجِّهَ اللسان صوب الحركيين تحديدًا في خطابٍ أُعِدَّ بمثابةِ "الإعلان الأخير".

ثمّة من يقول، أنّ الرئيس بري أرادَ كيّ وعي عناصر حركته وتذكيرهم بمبادئها الاساسية، وإعادة جدولة أعمالهم على طريق الانتظام العملاني ضمن الخط الواحد البعيد من التأثيرات المتصاعدة من "الاجنحة الناشئة" التي ما زالت قيادة الحركة ترفض الاعتراف بوجودها.

كلامٌ من هذا الطراز، صدرَ كتعميمٍ داخليٍّ عن اجتماعٍ قياديٍّ موسَّعٍ لقطاعاتِ "الحركة" أداره بري شخصيًا، لا علاقة له طبعًا بدعوة النائب جميل السيد إلى "ضبضبةِ أحمد بعلبكي"، بل إنّ الموضوعَ يتجاوز ذلك بكثيرٍ ويعود الى إدراك بري سهولة إستدراج حركة أمل إلى إشتباكات أهلية كنتيجةٍ طبيعيّةٍ لإضمحلال الوعي وتراجع قدرات جهاز المناعة.

طبعًا، الرئيس بري يدرك هذا الأمر جيدًا، ويعلم، أنّ استفزاز "الحركيين" واختراق بيئتهم وإفتعال الأحداث واستدراجهم إلى مشكل إن على صعيدِ الساحة الوطنية أو الشيعية أصبح سهل على عكس بيئة شريكه حزب الله التي تحافظ على الحد الادنى من الانضباط، وعلى الأكيد، وجد "أبو مصطفى"، أنّ حالات مماثلة تضرّه وتؤدي إلى تقديم خدماتٍ مجانية لقاء تسعير الفتنة التي يحتاجها الآخرون، أما نبات بعض العناصر الضالة عبر مواقع التواصل الاجتماعي فواضح.

لذا خاطبَ "رفاقه" بلسان الحال، وكان واضحًا حين حذَّرهم من مغبّةِ "الانجرار في الداخل إلى أي موقفٍ يضعّف مناعة الوطن وقوته"، وفي دعوةٍ مماثلةٍ، لفظَ تلك التصرفات التي طبعت جبين ليس فقط مجلس الجنوب بل صور قبله التي بدأت تشهد إنقلابًا شعبيًا وخشية متصاعدة من وجودِ إحتمالاتٍ لـ "استحواذ بالقوة" على رأي الخلق!

صحيحٌ، أنّ الرئيس نبيه بري وخلال المؤتمر الأخير للحركة، أرادَ وضع توصيات من أجل إعادة الانتظام العملاني إلى صفوفِ الحركة وإعادة الاعتبار إلى مسألتَيْن أساسيَتيْن: التثقيف السياسي كما الديني، لكن يبدو، أنّ تطوّرات المرحلة التي تلت المؤتمر حتَّمَت على القيادة الانكباب على الاهتمام بشؤون أخرى، سياسيّة الطابع ممّا أدى إلى وضعِ الإجراءات الداخلية على الرفِّ.

ما يجب أن يعلمه الحركيّون، وربما تجنب الرئيس بري قوله بشكلٍ علنيٍّ، أنّ اللجوء إلى التصرفات الغوغائية وممارسة حرب الإلغاء على كلّ من نختلف معه في الرأي يضرّ الصورة التي يمثلوها كحركةٍ تنطق بلسان المحرومين. وعلى وجهِ الدقة، يمارسون بأفعالهم الخارجة عن المألوفِ أذية بحق رئيسهم قبل أيِّ أحدٍ آخر، ومن الطبيعي، أن أي إجراء يتخذونه له الانعكاس السلبي على تلك الصورة.

أمام ذلك، على الحركيين الاعتراف بكميّةِ الاذى التي يلقونها دومًا على رأس رئيسهم، وعلى الرئيس بري أن يقرَّ ولو غصبًا بوجودِ تغيّراتٍ وتبدلاتٍ تطرأ على الجسم الحركي وقد تصبح كلفة علاجها وإصلاحها أكبر فيما لو ابقيَ على حالة إنكارها، وسيكون عندها الرئيس بري مضطرًا إلى دفع أثمانٍ إضافية قد تأتي على حسابهِ الشخصي إن لم يتخذ قرارًا جرئيًا بل ضروريًا لترتيب وإعادة الرشدِ إلى فريقِ عملهِ والشروع ببرنامجِ المحاسبة الذي وَعَدَ به.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
"إجتياح من نوع آخر" لمدينة لبنانية! 9 يخضع منذ الصباح للتحقيق... والتهمة صادمة! 5 الضاحية الجنوبية تغلي عسكريًا: تفاصيل ليلة سقوط "السفّاح"! 1
تعميم أوصاف جثّة رجل مجهول الهوية... هل من يَعرف عنه شيئًا؟ 10 صدمةٌ بين الأهالي... بلدة لبنانية تستفيق على مأساة! (صورة) 6 الأب إيلي خنيصر يُحذّر من الشهر "المزاجي"... أسبوعان مجنونان بانتظاركم! 2
الشامي يكشف عن موعد حصول لبنان على دعم مالي! 11 هذا ما يحصل متنياً 7 بالتفاصيل… شعبة المعلومات تفك لغر فرار داني الرشيد 3
المهندس "أبو علي" ضحيّة جديدة للإعتداءات الإسرائيلية! 12 بعد إصابته بجروح خطرة جراء طلق ناري... نقل كينجي جيراك إلى المستشفى! 8 "الحالة كانت خطيرة جداً"... الحريري يتعافى 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر