Beirut
16°
|
Homepage
تيار "كل من إيدو إلو"
عبدالله قمح | الثلاثاء 04 شباط 2020 - 7:50

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

على أبوابِ ذكرى 14 شباط في نسختها للعام 2020، يبدو سعد الحريري 2005 مختلف عن سعد الحريري في نسخته للعام 2020.. ثمة أشياء كثيرة قد تغيرت وتبدلت على الصعد الزرقاء كافة وقد طالت شظاياها أعلى قمّة الهرم.. وأصلاً، "كبير العائلة" خاضَ نماذج على أكثر من محطة تغييرية خلال الاعوام الماضية ما سمحَ بصهر شخصيته أكثر من مرة.

التركة الهائلة التي ورثها "الشيخ سعد" لم تعد كما كانت في السابق، وللحقيقةِ هي مختلفة كليًا، أقرب إلى مفتتةٍ، لم يبقَ منها سوى بعضِ العصبيّاتِ المتولِّدة على الضفافِ المذهبية، حتى أنّ المالَ تجرّدَ منها.


كذلك، فإنّ رجالات الحريري الأب، كلهم تقريبًا، اولئك الذين اعتادَ عليهم واعتادوا عليه، تغيَّروا بدورهم. نهاد المشنوق مثلاً يسبح عكس التيّار. فارس خشّان ابتعدَ ويكفيه الانتقاد من وراءِ البحار. باسم السبع "قبلان" بالحدِّ الادنى من الدور والوظيفة. وفي عصرِ المستقبل 2020 الذي يلامس مرحلة الافول، شخصيات نشأت على المائدة الحريرية، مزقتها الخلافات وفكَّكَتها التباينات ولم يعد يجمعها أيّ شيءٍ حتى ولو اجتمَعت تحت سقفِ آل الحريري سوى "نهش التركة".

بإختصارٍ، باتَ تيار المستقبل اليوم يعاني من حالةِ تكلّسٍ مزمنٍ وتنطبق عليه صفة تيار "كل مين إيدو إلو" أو "تيار الدكاكين" شعار كل منها "كل من فاتح على حسابه".

الموضوع لا يتصل فقط بالقيادة أو رموزها من كوادرٍ وشخصياتٍ ومسؤولين بل يطاول أيضًا القاعدة الجماهيرية المُتَمَوضِعَة في وادٍ آخر سحيق بعيدًا من الخطاب السياسي المستقبلي، وما غذى تلك الظواهر التمايز الذي طبعَ موقف القاعدة مقارنةً مع موقفِ القيادة بما خصّ "حَراكِ 17 تشرين" ما أظهرَ عمق الفجوة بين شارعَيْن يتقاسمهما التيار السياسي ذاته.

وفي الحديثِ عن تضعضعِ المسار القيادي، يبرز الجفاء المستحكم بين رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ومكتبه السياسي إلى حدٍّ أصبحَ من الصعبِ إيجادِ قاسمٍ مشتركٍ يجمع بين الطرفَيْن وبينهما وبين الأمين العام للتيار أحمد الحريري الذي ومنذ تاريخ اندلاعِ احتجاجاتِ الخريفِ إبتعدَ عن المشهدِ واعتمَدَ سياسة "الصمتِ المفيد".

ما يزيد الطين "بلة"، إنعكاس حالة الوهن والتخبّط التي تطبع القيادة على الشارعِ. يبرز في تيار المستقبل حالة من الضياع في تقدير الظروف السياسيّة والمكان الأمثل لتموضع التيار رسميًا، وقد ادت هذه الحالة إلى رفدِ "الأجنحة المتصارعة" داخل التيار الواحد بأحجيةٍ قابلة للاستخدام لصالح عملية القضم الجارية على قدمٍ وساق، العامل السيء والابرز، انكفاء كلِّ جناحٍ إلى تقدير الموقف والخوض والاجتهاد بمعزلٍ عن قرارِ القيادة.

على هذه الأنقاض يتولَّد شيء من الاستقلالية على صعيد عددٍ من النواب "الزرق" يعطي صورةً لحال التيار في زمن القحطِ، وإنطباعًا على ما تخفيه له الايام المقبلة.

أنها استقلالية الأمر الواقع الاشبه بالخروج عن الطاعةِ حيث لا قدرة لرئاسة التيار أو الكتلة على ضبطِ تصرفاتِ نواب يختار ثلاثة منهم بشكلٍ مستقل زيارة وزير الداخلية الجديد لتهنئتهِ بمنصبهِ في حكومة ناصبها الجمهور الأزرق العداء، وآخر يختار الاعتراض على مشاركة الكتلة في مناقشةِ مشروع الموازنة تحت سقفِ ساحة النجمة ثم يختار المغادرة على مرأى من جميع أعضاء كتلته ورئيستها!

لم يعد بالإمكان إخفاء الهرج والمرج الجاريَيْن على سلّمِ القيادة الزرقاء كما في الشارع. أحاديث الغرف المغلقة تشي بتكوّن طبقة سميكة من الجليدِ بين أعضاء القيادة أنفسهم، وبينها وبين القاعدة إلى مستوى بات يحتاج تأمين الحشدِ لإحتفالية 14 شباط إلى زيارات مكوكية تقوم بها أعلى سلطة حزبية في التيار تحت صفة "المعجل المكرّر".

تصوَّروا.. حتى صالات "البيال" باتت تضيق مساحتها على "المستقبل"، وباتت ذكرى "الأب الروحي" تحتاج الى تخصيصِ دراساتٍ حول سُبلِ تأمين الحشد والاستعانة بقدرات اصحاب الابتكار من أجل اقناع الجمهور، بأنّ تيار المستقبل ما زال "ينبض" وما زال تيار الرئيس الشهيد!

على المستوى الشعبي، ثمة نفورٌ بين القيادة والقاعدة، وهذا النفور تلخِّصه الصعوبات التي تعتري حركة أحمد الحريري الذي يبذل جهودًا على صعيد تحفيز التنسيقيات وحث القاعدة على المشاركة بفعالية، كما في السابق، ولو يعلم أنّ الحشدَ مؤمنٌ، لما استنسخَ أدواره زمن الانتخابات، الاصلية والفرعية، ليعكسها على اداء "ذكرى الشهيد".

على صعيد الحضور حدث ولا حرج. البلاء هو نفسه، جولات القتال التي خاضها الرئيس سعد الحريري على جبهاتِ الحلفاء والشركات لها انعكاساتها طبعاً على الوسط. الحديث يدور الآن حول وجود عوائقٍ كبيرةٍ قد تجعل في حضور الصفِّ الاول باهتًا ما سينعكس سلبًا ليس فقط على صورة الذكرى بل صورة التيار.

ليس سرًا، أنّ المنظمين إنكفأوا طوال الفترة الماضية على مقاربةِ طريقةِ التصرفِ حيال الدعوات لـ"الصف الرسمي الأول" في ظلّ نفاذِ إحتمالاتِ التلبية عقب دخول التيار في موجة من الخلافات السياسية بين حلفائه وشركائه، تباعد على مستوى القوات اللبنانية، وشبه عداءٍ مع التيار الوطني الحر، ونفور واضح مع رئاسة الجمهورية، وعدم توازن في العلاقة مع رئاسة مجلس النواب، وطلاق مع رئاسة الحكومة، ما قد يجعل إحتمال إرسال دعوات وتلبيَتها شبه معدومةٍ.

ثمّة من يعتقد، أنّ صورة تيار المستقبل في احتفال عام 2020 ستكون إنعكاس للصورة السلبيّة الأقرب الى الإضمحلال التي بلغتها "الحريريّة السياسيّة"، وآخرون يعتبرون، أنّ تلك الصورة، بتفاصيلها كافة، هي خلاصة ما جنته أيادي السياسات الملتوية، ولعلَّ أكثر المتشائمين باتوا يدركون اليوم أكثر من ذي قبل، أنّ ما بُنِيَ قبل 30 عامًا تقريبًا بدأ يسلك طريقه نحو الانهيار.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
واشنطن تكشف دورها في "الضربة الإسرائيلية" على ايران 9 بشار بطل عمليّة نصب كبيرة في طرابلس! (صور) 5 حادثة رئاسية فضحت "الثنائي الشيعي" 1
بشأن تعديل قيمة رسوم المعاملات... بيانٌ من الأمن العام! 10 عصابة "خطرة" تنشط في طرابلس... بطلتها إمرأة! 6 مستجدات فصل بو صعب من التيار! 2
تقريرٌ يكشف مصادر تمويل حزب الله 11 حافي القدمين... نائب سابق يتعرّض لسرقة "من نوع آخر"! (فيديو) 7 سيناريو "مُقلق" ينتظر مطار بيروت... إنذار خطير وأيام حاسمة! 3
"التيار معجون عجن بالغش"... جعجع يستنكر! (فيديو) 12 كليب "يُرجح" ما قد تبلغه فرنسا لِميقاتي اليوم! 8 "النكزة الأخيرة"... منشورٌ "ناريّ" للسيّد! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر