Beirut
16°
|
Homepage
الحريري يفتتح موسم الانتخابات
عبدالله قمح | السبت 15 شباط 2020 - 3:00

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

بصرفِ النظرِ عن الأخطاءِ اللغويّةِ والحضورِ الهزيلِ والضياعِ لناحيةِ تنظيمِ الحضورِ وإستياء بعضِ الوزراءِ والنوابِ والشخصيّاتِ من الإزدحامِ والخللِ في تحديدِ مقاعدِ الشخصيّاتِ بطريقةٍ تُظهر قلّة الإهتمامِ، يُمكِن القول، أنّ رئيس الحكومة السّابق النائب سعد الحريري خرَجَ بأقلِّ الأضرارِ المُمكِنة من الاحتفال بالذكرى السنوية الـ١٥ لإغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، التي أرادها "حالة تأسيسيّة" مُستجِدَّة لتيار المستقبل.

"جردة الحساب" التي وعَدَ التيّار الأزرق بأن يتلوها سعد الحريري على مسمعِ الجميع، كانت أقرب إلى تلاوةِ فعلِ الندامة على "عمرٍ" مرَّ في أحضانِ تسويةٍ رئاسيّةٍ، يبدو أنّ الشيخ سعد رمى أزمات لبنان كلّها عليها وحاولَ إخراج أو تجريد نفسه منها ومن آثارها السلبيّة متمسِّكًا بذريعةٍ تقول، أنّه "لم يُسمَح له أن يعملَ!".


العراضة الكلامية ذات الصوتِ المتقلِّب بين خافتٍ ومرتفعٍ أرادها الحريري مطحنةً يرمي بها أثقاله، فمن جهّةٍ، تطحن تراكمات سنين مَضَت ومن ناحيةٍ أخرى، تُبادِر إلى طحنِ الخصومِ، ولما لا بعض الأصدقاء القدامى من الخارجين عن الشور الذين اختارَ نعتهم بـ"الانتهازيين"، في عمليّةِ تصفيةِ حساب جرَّدَ الحريري نفسه وتياره وتاريخ عائلتهِ منها. وكأنّه بإشارتهِ إلى الانتهازيين والمُتَسلِّقين يكون قد منحَ "البراءة" لتاريخٍ طويلٍ محفوف بالانتهاز!

... وهكذا، مضى الحريري في تبرئةِ نفسهِ من ساحاتِ الوغى كلّها ومرَّ على جميعِ الصفقاتِ، المعلوم منها وغير المعلوم، التي وُقِّعَت بالتراضي بينه وبين شريكهِ "البرتقالي" السّابق في الحكمِ وكأنها لا شيء وكأنه يريد من اللبنانيين نسيان أو تجاهل ما جرى معتمدًا طبعًا على ذاكرتهم القصيرة.

من الواضحِ، أنّ الحريري أرادَ لخطابهِ في ذكرى إغتيال والده أن يكون منصّة للتحوّل من حالةٍ إلى أخرى، ويبدو أنّه نجحَ في ذلك. وعليه، يكون وريث "الحريريّة السياسيّة" قد دشَّنَ بالفعل مرحلة مواجهة عهد الرئيس ميشال عون في الجزءِ الأخير المُتَبقّي من عمرهِ كمشروعٍ للاستثمار بهدفِ تأمين مرحلةِ ما بعد عون على صورةٍ تأتي مختلفة على ما يدور في عقل "سادة بعبدا".

ممّا لا شك فيه، أنّ خطابَ الحريري استبطن نفسًا إنتخابيًا واضحًا. من هنا، ثمّة من بدأ يلمِّح إلى أنّ هذا الخطاب سيُجيز ادخالنا خلال الفترةِ المقبلة في مدار تهيئةِ الظروفِ لانتخاباتٍ نيابيّةٍ مُبكرة أو على الأقلّ وضعَ المسألة قيد التداول.

من الواضحِ، أنّ موضوع الانتخابات النيابيّة المُبكرة هو مشروعٌ غير مُدرجٍ على لائحةِ اهتمامِ غالبيّةِ القوى السياسيّة التي تعي جيّدًا وجود عوائقٍ تقنيّةٍ وغير تقنيّةٍ تحول دون إنضاجِ ظروفهِ، وأغلب الظن، أنّ الإستحقاق الذي قصد الرئيس الحريري تلاوته قد يكون مرتبطًا بالجولةِ الدوريّة المتوقّعة عام 2022 أو أنّه يأتي ضمن إطار المشاغبةِ السياسية الهادفة إلى رفعِ معدّلاتِ الضغطِ على العهدِ.. لكن في العمق، يمكن القول أنّ الحريري افتتحَ موسم الانتخابات منذ الآن.

من دون أدنى شك، يحتاج الرئيس الحريري إلى تسويةِ أوضاعهِ الداخلية ضمن تيّاره لكي يؤمِّن مسار عبورٍ ثابتٍ نحو هذه الانتخابات وهذا ما قد تفسِّره الدعوة إلى إعادة هيكلةِ تيار المستقبل ضمن ورشةٍ سيفتتحها الحريري خلال المؤتمر العام كما أوحى، وهذا يزيد الاعتقاد بأنّ إعادة البناء المرشحة لا تعني افتتاح ورشة انتخابات نيابيّة مُبكرة بقدرِ ما تعني فتح موضوع الانتخابات مبكرًا.

ثم أنّ الرئيس الحريري ربطَ العبور إلى تلك الانتخابات بتأمين قانون إنتخابٍ أفضل، مشيرًا، الى أنّ كتلته تعمل على إتمامِ مراسم مشروعهِ قبل تقديمه بصفةٍ قانونيةٍ. هذا الكلام، سيُرفع إلى مستوى فتحِ نقاشٍ حول البحثِ عن قانونٍ إنتخابيٍّ بديلٍ. ما يعنيه ذلك، أنّ أيّ انتخاباتٍ مقبلة، وفق أجندة الحريري، لن تُجرى على أساسِ القانون الانتخابي النسبيّ المعمول به حاليًا.

من غير الصعب إدراك أنّ الحريري خرجَ عن مدار القبول بالقانون النسبي بدليل بدءِ كتلتهِ بصوغِ قانونٍ قال عنه أنّه يحمل "جينات اتفاقِ الطائفِ". ما يُمكِن تفسيره وكأنّ الحريري ادركَ ولو متأخرًا، أنّ أيّ قانون ضمن ظروفِ النسبيّة لن يحمل إليه سوى إنكساراتٍ على مستوى الحضور الشعبي. لذا يبدو واضحًا، أنه عادَ إلى التموضعِ ضمن خياراتِ القوانين الاكثريّة، في خطوةٍ تكون بمثابة ذوبان اضافي في مسار استيلاد أزماتٍ هجينةٍ قد تؤدي في حالِ عدم الاتفاق إلى تطيير الانتخابات.

وليس سرًّا، أنّه خلال الفترة الماضية، سادَ حديثٌ حول وجودِ رغباتٍ لدى البعض في تأخير الانتخابات النيابية بسبب تزامنها مع استحقاقَيْن آخرَيْن: الانتخابات الرئاسية وتلك البلدية والاختيارية، وطبعًا تفسير التأخير هو التمديد.. فهل فتح الحريري النقاش منذ الآن؟

أصحابُ هذا المذهب يقولون بضرورة أن لا يصوّت نواب المجلس الحالي على إنتخابِ رئيسٍ جديدٍ. بهذا المعنى لا بدّ لواحدةٍ من اثنتَيْن. إمّا تقريب الانتخابات كي يُصار إلى تأمين ظروفِ إنتخابِ رئيسٍ من خارج حضور الاكثرية الحالية، أو خلق جوٍّ نقاشيٍّ حول قانون الانتخاب يؤدي دور تطيير الانتخابات ولاحقًا تطيير الاستحقاق الرئاسي بالاعتمادِ على خيار تعطيل المجلس.

في الخلاصةِ، نحن أمام دخولٍ في أزمةٍ أعمق وأوسع.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
كتاب يُثير الجدل ولافتة "تحذيرية" في الضاحية الجنوبية: احذروا المرور! 9 تحذيرٌ "عاجل" من اليوم "الحارق" المُرتقب... وهؤلاء عرضة للخطر! 5 "رسائل خطيرة على الهواتف"... وتحذير جدّي إلى المواطنين! 1
ذهبوا لمصادرة "أغلفة تبغية" مزورة... فكانت المفاجأة! (فيديو) 10 الحزب يبدأ "معركة الداخل" ويطلب وضع الجيش "رهن إشارته"... مخطّط سريّ! 6 "الثمن مُكلف جدًا"... لافتة تُثير الإستغراب في الغبيري! 2
رد "نوعي" على استشهاد هادي... هل يشكّل حجّة إسرائيلية لاجتياح لبنان؟! 11 اسرائيل تحضّر لـ "اقتحام برّي" في الجنوب والجولان! 7 ممارسات إسرائيلية تشكّل تهديداً لمطار بيروت! 3
جعجع "يعترف": حزب الله هو الأقوى... ولكن! 12 تصلّبٌ مفاجئ! 8 سرقة أسلحة وذخائر من إحدى فصائل قوى الأمن… حاميها حراميها 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر