"ليبانون ديبايت" - ميشال نصر

يوم اتّخذ قائد الجيش العماد جوزاف عون قراره، بأنَّ الجيش مسؤول عن إستعادة عسكرييه ولن يقصر في بذل أيّ جهد في سبيل تحقيق ذلك، لم يخطر بباله أبدًا أن قواعد الحرب ضد داعش والنصرة، ستفرض نفسها على اليرزة مرة جديدة.

فكما وحَّد الارهاب التكفيري العالم لمواجهته عبر حلف دولي واسع، كذلك فرض وباء العصر، فيروس "كوفيد-١٩"، نفسه كتحدٍ جديدٍ على الدول جميعها، متقدمة أو متخلفة مواجهته، وفقًا لإمكانات كل منها، في ظلِّ عجز الكثير منها عن تقديم المساعدة لشقيقاتها الاصغر، مع فرضها خيار العزلة الطوعية على مواطنيها وقاطنيها، أملاً في احتواء العدو الجديد الذي لا يرحم.

أمام هذا الواقع، وفي ظلِّ الاجراءات الوقائية التي اعتمدتها الدول، ومع الجدل الذي شهدته الساحة الداخلية حول مسألة إعادة اللبنانيين الموجودين في الخارج، كان لا بدَّ لقيادة الجيش أن تتحرك وبسرعة لإعادة عسكرييها الموجودين في الخارج لمتابعة دورات تدريبية، أقلّه حيث تسمح الامكانات الذاتية بذلك، وهو ما انطبق على حالة الضباط العشر والرتيب الموجودين في جمهورية مصر العربية.

هكذا اتَُخذ القرار بسرعة وحُسم وكُلِّفت القوات الجوية بتنفيذه، حيث وقع الاختيار على السرب التاسع بوما لتنفيذ المهمة. فتمَّ تجهيز طوافتين بكل ما يلزم، خزانات وقود اضافية تسمح بالوصول الى مطار القاهرة في رحلة تستغرق ثلاث ساعات، حملت على متنها من بيروت طاقمًا طبيًا لمعاينة العسكريين وفقاً للاجراءات المتبعة.

نقطة الانطلاق من قاعدة بيروت الجوية في الثامنة صباحاً، باتجاه البحر، مروراً بالأجواء القبرصية، ففوق البحر مجدداً قبل الوصول الى الاجواء المصرية، وفق المسار نفسه الذي تقطعه الطائرات المدنية بحوالي 45 دقيقة. اتمام الاجراءات في مطار القاهرة، كما اجراء معاينة فنية سريعة للطوافات استغرق بعضاً من الوقت قبل أن تقلع الطوافتان عائدتان الى بيروت، التي وصلت مطارها عند التاسعة مساء اليوم نفسه، لينتقل بعدها العسكريون الـ 11 الى الحجر الصحي تنفيذًا لتعليمات السلامة العامة وحرصًا عليها.

هكذا تُثبت المؤسسة العسكرية أنها على قدر الأحداث والآمال المعقودة عليها، جاهزة دومًا ووفقًا لإمكاناتها وطاقاتها الفردية على تحدي المعقول وانجاز المستحيل، حيث الخطأ ممنوع والاتكال على الله اولاً واخيرًا، وعلى جهود عسكريي القوات الجوية الذين اثبتوا مرة جديدة كفاءة وخبرة ومهنية عالية تُعزِّز الثقة بدورها في حماية الوطن... فلبيّك سماء لبنان ولبيّك جيش لبنان...