"ليبانون ديبايت" - علي الحسيني

كلمح البصر، تخطّى فيروس "كورونا" قدرة الدولة على الحدِّ من انتشاره بعدما لفَّ الوباء غالبية المناطق التي سجّلت فيها اصابات وسط ارتفاع مستمرّ في العددِ ما من شأنه أن يخلق أزمة أسرّة في المستشفيات قريبًا.

كان لا بدّ للأحزاب والجمعيّات والمجتمع المدني في لبنان، كل على طريقتهِ، من مدِّ يد العون للمساهمة في التخفيفِ عن أعباءِ الناس ومدّها بأدنى مقوّمات الصمود، علّها تتمكّن من عبور الأزمة بأقلِّ الأضرار المُمكنة.

من بين الأحزاب التي سعت للوقوفِ الى جانب أهلها وناسها في ظلّ الظروف الصعبة، كان لـ "تيار المستقبل" أكثر من مبادرةٍ، بعيدًا من الاعلام، للوقوفِ عند حاجاتِ الناس وتلبيتها قدر المُستطاع، في ظلِّ هذه الظروف الصعبة.

من عكار المنطقة الأكثر حرمانًا، لاحت مساعدات الرئيس سعد الحريري مع إعلان "خليّة أزمة عكّار" عن تقديمه 500 مليون ليرة لبنانية ‏لمواجهةِ وباء "كورونا"، بالإضافة إلى مئة مليون ليرة للمستشفى الحكومي في حلبا بهدفِ تجهيز مختبر كامل، و400 مليون مخصَّصَة ‏لمعالجة المصابين الذين لا يحتاجون الى دخول مستشفى عبر تخصيصِ فندق "غراسياس" ‏وتجهيزه للحجر الصحي، بكلفةِ مئة مليون شهريًا تقريبًا، وهو من ضمن مجموعة مراكز ‏سيجهّزها الرئيس الحريري في عددٍ من المناطق اللبنانية للغاية نفسها.

لاقت مبادرة الحريري أثرًا طيبًا في نفوسِ العكاريين، ما دامت تؤمن لجهودِ مكافحةِ "كورونا" مقومات الصمود لأشهرٍ، خصوصًا مع ما تكشفه مصادر مقرَّبة من "التيّار الأزرق" عن أنّ المساعدات المخصَّصَة لمركز الحجر الصحي قد ‏تصل الى مليار ليرة، وربما أكثر.

مبادرة رئيس "المستقبل" بالتبرّع لعكار المنسيَّة من قبل الدولة، جاءت لتكمل سلسلة من مبادراتِ "التيار" التي تمت وتتم أيضًا من دون "عراضاتٍ إعلامية" أو "طنة ورنة"، إن في بيروت، طرابلس، صيدا، البقاع، أو الاقليم، ذلك أنّ الحريري، وفق ما تؤكد مصادر بيت الوسط لـ"ليبانون ديبايت"، "ما اعتادَ يومًا على "العراضاتِ الاعلامية" في فعلِ الخير والوقوف مع الناس، حتى في ظلّ أزمتهِ المالية، وهو منذ اللحظة الاولى يواكب التطورات كلّها، ويعطي توجيهاته للكتلة النيابية وهيئات التيار وأصدقائه ببذل كلّ الجهود المُمْكنة لتأمين مقوّمات الصمودِ للناس، والوقوف معهم، والعمل تحت سقفِ التضامن بعيدًا من المنطق السائد في تسجيل النقاط".

لكن ذلك، وعلى حدِّ تعبير المصادر، لم يروِ غليل المزايدين، الذين "لا شغل لهم" سوى انتقاد الحريري ومحاولة التقليل من شأن ما يقوم به "المستقبل" تجاه الناس، عبر شنّ حملات على نوابه ومنسقياته والبلديات التابعة لها، وعلى رأسها بلدية بيروت، التي تؤكد مصادرها، أنها تقوم بواجبها تجاه مساعدة البيارتة، من توزيعِ حصصٍ غذائية على العائلات المُحتاجة ستزداد وتيرتها في الايام المقبلة، وصولًا الى التبرّع بمبلغِ ٧٥٠ مليون ليرة لمستشفى رفيق الحريري الجامعي، وبمبلغٍ مثله يُنتظر أن يصلَ الى الصليب الاحمر بعد الانتهاء من الاجراءات الادارية، كما أعلن رئيس البلدية جمال عيتاني عبر قناة "MTV".

ولأن الحُجّة تواجَه بالحُجّةِ، فإنّ نواب "الازرق" في البرلمان، كانوا أوّل المعلنين عن تبرّعهم برواتبهم ومخصّصاتهم الشهرية لصالح مستشفى رفيق الحريري الحكومي والمستشفيات الحكومية ومؤسسات أخرى معنيّة بالعمل الصحي لمواجهةِ تمدّدِ فيروس "كورونا". وكذلك الأمر بالنسبة إلى "التيّار" نفسه الذي سارع إلى تعليق العمل في جميع مكاتبه، وإطلاق حملة توعية صحية وإرشادات للوقاية، وتشكيل "خلايا أزمة" في المنسقيات، والتشديد على ضرورة تعميم ثقافة التضامن الاهلي والمجتمعي في مواجهة الوباء وتداعياته.

وتشير مصادر "الأزرق" إلى أنّه بتوجيهٍ من الرئيس الحريري، وبالتنسيق مع "جمعية بيروت للتنمية" والجمعيات الصديقة، يتم تنظيم حملات لتوزيع حصصٍ غذائية وتعقيمية للعائلات المحتاجة في بيروت والمناطق. كما يواكب "التيار" لحظة بلحظةٍ التطوّرات الصحية كلّها، عبر آلياته للتواصل عن بعد، من أجل القيام بما يلزم للوقوفِ الى جانب الناس في هذه الظروف الصعبة، وسيكون له في الايام والاسابيع المقبلة المزيد من المبادرات التي تصبّ في خدمةِ الناس وجهود مكافحة الوباء.

واستباقًا لما يُمكن أن يتناوله البعض في ملف "الأزرق" تحديدًا في موضوع مستحقات المصروفين من مؤسسات "المستقبل"، تؤكد المصادر أنّ هذا الملف منفصلٌ عما يقوم به التيار من جهودٍ للوقوفِ مع الناس في أزمة "كورونا"، فلهذا الملف آلية موضوعة منذ أشهرٍ، وهو أولوية لدى الادارة المالية، والتأخير الذي قد يحصل أحيانًا في موعد التسديد الشهري مرده إلى إجراءاتٍ تقنية، نتيجة تعقيدات الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، ولاسيما أزمة القطاع المصرفي والاجراءات المالية الموضوعة.