Beirut
16°
|
Homepage
حزب الله وتيار المستقبل... خلاف النفوس والنصوص
علي الحسيني | الجمعة 10 نيسان 2020 - 2:01

"ليبانون ديبايت" - علي الحسيني

إنهارت العلاقة بين حزب الله وتيار المستقبل وضُرِبَت في الصميمِ، غداة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في شباط عام 2005 لأسبابٍ لا تُخفَى على أيّ جهةٍ لعلّ أبرزها العلاقة التي كانت وما زالت تجمع بين "الحزب" والنظام السوري الذي كان أبرز المتّهَمين بالقضية قبل أن تعود وتسكن أحضان حزب الله.

وعلى منحى من التوتر المتصاعد بين الطرفين، عادت العلاقة لتستقرّ نوعًا ما في صيفِ العام نفسه للإغتيال بتوقيتِ موعدِ الانتخابات النيابية التي جمعت "أولياء الدم" بـ"حلفاء القاتل" ضمن توليفةِ مصالحٍ سُمِّيَت يومها بـ"الاتفاق الرباعي".


بَقِيَ التباعد سيّد الموقفِ بين "الأصفر" و"الأزرق" وسط ازدياد اهتماماتهما ونشاطاتهما المتباعدة مع خط احمر عريض ما زال يفصل بين النهجَيْن ويرسم حدود العلاقة بينهما حتّى اليوم، لكن من دون إسقاطِ المساعي التي قامَ بها رئيس مجلس النوّاب نبيه بري لإصلاح ذات البين والتي امتدت ثلاثة أعوامٍ من العام 2014 حتى سنة 2017 تخلّلها 42 جلسة حوار في مقر الرئاسة الثانية، انتهت بإعلان نوايا معقودة على "ربط النزاع". لكن السؤال هو، هل فعلًا رُبِطَ النزاع بين الطرفَيْن، وهل انعكس إيجابًا على الشارعَيْن؟

من نافل القول أنّ لـ"حزب الله" و"المستقبل" التأثير الأكبر على الشارعَيْن الشيعي والسُنّي في لبنان يصل في كثيرٍ من الأحيان إلى حدِّ تهديدِ السلم الأهلي، لدرجةٍ يُمكن أن تتحوَّلَ العديد من المناطق والأحياء إلى ما يُشبه خطوط تماسٍ أو مواجهة، في حال احتدام الصراع السياسي بينهما ووصول النقاشِ إلى طريقٍ مسدود، وهذا ما تعوَّد اللبنانيون عليه بين الفينة والأخرى، لدرجةٍ أصبحت فيها جولات النزاع بين "الأصفر" و"الأزرق" علامة مُسجَّلة بإسم الفريقَيْن تندلع في مواسمٍ مُعيَّنة ومحدَّدَة، إمّا على خلفيّةٍ إنتخابيّة أو لأسبابٍ لها امتدادات خارجية، على سبيل المثال ما جرى ويحصل في سوريا وما خلَّفَته الحرب هناك من أضرارٍ طاولت العمق الشيعي والسُنّي على حدٍّ سواء.

في ما يتعلّق بأخطاءِ حزب الله والتي يعتبرها "الأزرق" وجمهوره أنها فاقت الخيال والإحتمال، فهو بحاجةٍ إلى أكثر من "الاعتراف" لكي تُقبَل توبته قد يصل ربّما إلى الإقرار أو الاعتراف الخطّي مع وجود نيّة خالصة بالتوبة وعدم العودة إلى الخطيئة، ما يعني أن طريق عودة "الحزب" عن كل ما قام به من وجهة نظر "المستقبل"، لن تكون معبَّدة بالورود والأهازيج وقصائد الغزل. وقد خبر "الازرق" هذا الأمر مرّات عدّة كان أعلن فيها "الحزب" عن إنتهاءِ دورهِ تمامًا في سوريا وعودته إلى لبنان بمقولة "أنجزت المهمّة".

التدخل في سوريا إلى جانب النظام في سوريا ودعمه في مواجهة الشعب السوري وثورته، بالإضافة إلى الإتهامات العديدة التي طاولته خصوصًا المتعلقة بارتكاب جرائم حرب في مناطقٍ عدّة واستخدام أسلحةٍ كيماوية على غرار ما حدث في حلب وحمص والغوطة، مع الدور الذي يقوم به اليوم في اليمن والعراق ووقوفه إلى جانب النظام الإيراني في مواجهة السعودية وبقيّة الدول العربية، جميعها بالنسبة الى السواد الأعظم من الشارع السُنّي في لبنان، تؤدي إلى زيادة رفع حالة التأهب داخل الشارع السُنّي وتأهبه ظنًّا منه أن المقبل من الزمان قد يشبه السابع من أيّار 2008، إن لم يكن أسوأ منه.

بالنسبة إلى "المستقبل" أيضًا، فإن الأمور تزداد سوءًا مع حزب الله في ظل النظرة المختلفة لكل فريق منهما حول لبنان، إذ أن "الأزرق" يرى أن مشروع "الحزب" يتخطى البلد ويتماهى مع المشروع الإيراني الهادف لفرض سيطرته على كل المنطقة وجعل لبنان منصّة متقدمة على البحر المتوسط ولمواجهة إسرائيل. وأكثر من ذلك يأخذ "المستقبل" الكلام السابق للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله "أفتخر أن أكون جنديًا في ولاية الفقيه" على محمل الجد ليدل من خلاله على حقيقة مشروع "الأصفر".

أما في ما يتعلّق بـ"حزب الله" ونظرته إلى تيار المستقبل، فتؤكد التجارب والأحداث التي مرّ بها الطرفان أنّ الأول يتعاطى مع الثاني على أنه مشروع وُلد في زمن الحريري الأب هدفه ضرب "المقاومة" ومن ثم تفريغه تنظيميًّا وشعبيًّا وذلك على مراحل كان بدأ فيها الصدام الأول بينهما في 13 أيلول عام 1993 تحت جسر المطار وذلك عندما جرى إطلاق نار على تظاهرة كان يُقيمها الحزب ضد "إتفاقية أوسلو"، يومها اتهم حزب الله حكومة الحريري الأب بالوقوف وراء تحريض الجيش وقد ظلّ مثابرًا طيلة أعوام على إحياء ذكرى الذين سقطوا تحت عنوان "المجد لأيلول الشهداء".

وقد عبّر نصرالله المفجوع يومها بمقتل ولده هادي نصرالله بقوله "لقد كانت محاولة لخلق شرخٍ داخليٍّ وقد تخطيناها بحكمةٍ وصبرٍ، وأخذنا أكثر المواقف شجاعة في تاريخ الحزب، لأن أسهل الأمور كانت إعطاء الأوامر بالردّ، ولكننا أبينا وارتضينا حمل الجراح".

حتّى في عهد الرئيس سعد الحريري، ظلّت الخلافات والمناكفات بين حزب الله والأخير تتحكّم بطبيعة العلاقة وبقيَ الشارع المُعبّر الأبرز عن تلك الحالة والطريقة الأفعل لتصفية الحسابات بينهما وكثيرًا ما كان هذا الشارع شاهدًا على دماءٍ سقطت من الجهتين وكثيرًا ما كان الحماس على الأرض، يظهر بالهتافات المذهبيّة والسياسيّة، وبألوان الأعلام الإيرانية والسعودية، وهو تعبيرٌ واضحٌ حول الشرخ المذهبي الخطير بين الشيعة والسُنّة والمتجذّر في النفوسِ، وذلك لأسبابٍ عديدة أبرزها إطباق "الحزب" اليوم على مفاصل البلاد، وفرض الرئيس حسّان دياب رئيسًا للحكومة من خارج الإجماع السُنّي.

اليوم، وعلى الرغم من توصيفِ الحالة القائمة بين حزب الله والرئيس الحريري على أنها تمرّ بمرحلةِ مساكنة أو صداقة عن بُعدٍ، أو تفاهمات مُسبقة الدفع، إلّا أنّ الواقعَيْن الميداني والسياسي، يؤكدان أن ما يُفرِّقَ بينهما هو أكثر بأشواطٍ مما يجمعهما خصوصًا أنّ لكلّ طرفٍ منهما مرجعية إقليمية لا يُمكن لهما أن يرسما خطوط هذه العلاقة ولا يُمكن تجاوز هذه الخطوط، إلّا بإذن من الخارج.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
ابن الـ 24 عاماً يُفجع زغرتا! 9 تصلّبٌ مفاجئ! 5 "الجنون" يضرب نيسان... خنيصر يتحدّث عن أمرٍ نادر ويكشف "مفاجأة"! (فيديو) 1
ابن الـ12 عاماً يروج المخدرات... ماذا جرى في إحدى مدارس لبنان؟ (فيديو) 10 بشأن تسديد الفاتورة سواء بالدولار أو الليرة... بيان من "كهرباء لبنان"! 6 سرقة أسلحة وذخائر من إحدى فصائل قوى الأمن… حاميها حراميها 2
سيناريو يهدد دولار الـ 89 ألف ليرة.. خبير اقتصادي يكشف معلومات مهمة عن الخطة المقبلة! 11 بسبب الإيجار... إقتحمت وابنها منزلاً وقتلا إثنين! (فيديو) 7 سعر ربطة الخبز إلى ارتفاع كبير... كم سيبلغ؟! 3
"القادم خطير جداً"... العريضي يتحدّث عن "زحطة" كبيرة للقوات! 12 طارد مواطن بهدف سلبه عند أنفاق المطار... هل وقعتم ضحيّة أعماله؟ 8 "حربٌ أهلية"... هذا ما تنبّأ به ماسك! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر