المحلية

الجمعة 22 أيار 2020 - 07:28

شمعةُ الـ 100 يوم.... طولها

شمعةُ الـ 100 يوم.... طولها

"ليبانون ديبايت" - ميشال نصر

في الذاكرةِ اللبنانية للرقمِ "مئة" مكانةٌ مميّزة. ففي حرب المئة يوم أخرجَ "الانعزال المسيحي" السوري من الأشرفية، وبالمدّة نفسها من عمر الحكومة الحالية عادت دمشق لتحضر بفاعلية. برتقاليو الحكومة السابقة وقّعوا استقالاتهم على أن تكون مقبولة بعد 100 يوم في حالِ فشل مشاريعهم، فاستمروا الى أن سقط مجلسهم، لتنتج الثورة حكومة "تكنو" أطالت المصائب من عمرها حتّى تخطّت المئة خلافاً لكل اعتقاد.

حبلُ جرارها طويلٌ يكاد لا تكون له قيامة ولا نهاية. فكلّما اقتربت عملية إحياء التفاهم بين البرتقالي والازرق، كلما ازدادت التصدعات والتشققات.... وزير يحرد من هنا وآخر يركب رأسه من هناك وثالث يشارع خياله إن لم يجد زميلا يكذّبه.

فقبل أن يطفئوا شمعة المئة يوم من سلطتهم، دون قالب كاتو بسبب التقشف وشمبانيا لمناسبة الشهر الفضيل، خرجت الى العلن المناكفات والخلافات بين مكوناتها، او بالأصح بين الوطني الحر وحلفائه من أحزاب الثامن من آذار الذين طالما حاول نزع صفتهم عنه. واذا كان من الطبيعي أن تكون عليه الاحوال كذلك في الحكومات الائتلافية السابقة، فإن غير المفهوم كيف لجبهة سياسية مضبوط هزة خصرها، ان "يغني" كل من اطرافها على ليلاه؟

خطة اقتصادية للإنقاذ ضُربت من بيت أبيها وتنصّل منها من شارك فيها وإن كان مُعدّها الاول محسوب عليهم، فمن قال إنه لا يخطئ... عشرات الملفات حدّث ولا حرج. رؤية مالية عجز أصحاب الاختصاص في العالم حتى الساعة من تفكيك ألغازها وفهم معادلاتها وأرقامها. في بلاد العالم الارقام والحسابات لا يمكن أن تحمل وجهات نظر...إلّا في لبنان... فالكهرباء "فولتاجها" يلعبُ حسب مواقف جبران ومحاولات تصفية الحسابات معه أو "قرص دينته" ...

هذا على خط محور الحلفاء المفترض. أمّا على خط الخصوم. مستقبل، قوات، اشتراكي،" فـ "إجر بالفلاحة وإجر بالبور"، حتى الساعة، والمواقف عالقطعة وفقاً للمصالح ....

أمّا الخارج، فحفلة تَذاكٍ تكاد لا تنتهي من فرنسا الى الكويت وبالطول والعرض تناقضُ بياناتٍ وتشويش يكاد يضاهي ضبابية أرقام الخطة الاقتصادية بنسختّيها الانكليزية والعربية، وكذلك خلافات أرقامها مع مصرف لبنان ....

وتسألون ماذا بعد؟ حدّث ولا حرج، إسال جرب، تفرح تحزن، "تيتي تيتي متل ما رحتي متا ما جيتي!"، عدة العمل نفسها منذ 20 سنة شيئاً لم يتغير. تكنوقراط هويتهم لبنانية، جنسيتهم أميركية، هَواهم سوري، إنها متطلبات المرحلة ببهارات وملح "مرشدها" الذي أجاد تطييب طبخته، و"الف بقطة" "عمره ما حدا يهضم". حزب يضبط الايقاع من فوق أو تحت الطاولة لا فرق، "وسيط جمهورية" "غبَّ الطلب" جاهز للجولات المكوكية على بساط مديريته لترقيع ما أمكن، صحافي برتبة مستشار مفوّض فوق العادة، مساعدون مختلفون بالشكل نفسهم بالمضمون. إنهم فريق حسان دياب وأدوات عمله بإختصار.

رئيسُها الذي تَحمِل اسمه، هو نفسُهُ بعد مئة يوم، مطلقاً خطاب شعارات كما اليوم الأول، على قاعدة أغنية " parole parole"، التي انتهت بالمطربة داليدا الى الانتحار بعدما لم يحملها عقلها...حسّانها "استطيب" على ما يبدو دخول نادي رؤوساء الحكومات، السابقين لاحقاً، أخذته لعبة الشعبية، لما لا،" سعد بشو أحسن؟"، فبدأ بضرب الأعراف التي قامت عليها حكومات ما بعد الطائف، "بلكي بحصّل كم صوت زيادة."

تغاضى عن صفقة العميل الفاخوري، فغضب حزب الله، حاول تمرير تعيينات نواب الحاكم فحرد سليمان بَيْك، "تَملعَن" على الرئيس عون ممرراً التشكيلات القضائية وفخّ سلعاتا فرفع بوجهه الجنرال القلم، تحدّى مطران بيروت الأكثر شعبية فقامت "أمة الارثوذكس" عن بكرة أبيها تدعو للجهاد في سبيل المحافظة، فهدّد تكنوقراطه بالاستقالة، قبل أن يسدّد "صهر العهد" في شباكه الضربة القاضية.

زار متجر "سبينس" ليطّلع على الأسعار والغلاء ويُعاين بأمِّ العين ما سمعه وقرأه في تقارير مجلس الوزراء، فوقعَ في محظور عدم المعرفة، مكتشفاً أن غلاء الأسعار مقبول. زارت زوجته وزيرة الإعلام فإذا بها تفجّر انتفاضة نسائية كادت تصل عتبة هيئة شؤون المرأة اللبنانية. انتقل للإقامة في السراي لتسهيل أعماله فإذا به يرتاح، تاركاً خلفه جيراناً يلعنون حظّهم كل دقيقة متحمّلين وزرَ الثورة وأصوات ثائريها، على أمل أن يفتحَ المطار.

هفواتٌ بالجملة لا شيء بالمفرق عندهم، وإن جرى تضخيمها في بعض الأحيان، ما هو مشروع في لعبة المعارضة والموالاة، كيف لا والثوار في الشارع. فالكلُّ يريدها على القطعة ولا أحد يرغب بالتعامل معها "قشة لفة". إنه قدر حسان دياب الذي حتّى الساعة لا يبدو أنه لعن الساعة التي قبِلَ بها الانتقال من منصب نائب رئيس الجامعة الاميركية ليحمل لقب دولة رئيس الحكومة.

هو ملفٌ واحدٌ قد تكون نجحت فيه، عنوانه "الكورونا"، بسبب وصاية منظمة الصحة العالمية وإشرافها، دون إسقاط الآداء المميّز لوزير الصحة ضمن حدود إمكاناته، وطبعاً "إرعاب" وزير الداخلية محمد فهمي للبنانيين "القصة فيها عمالة وخدمة لاسرائيل"، "تهمة مش هيّنة !". اللهم، إلّا إذا ما بدّل الله في رأيه تبديل نزولاً عند رغبة يهوى....و"فلت ملق القطيع".....

احتاجت عقارب الساعة 15 سنة لتعود الى حيث كانت، يوم طمأنت "الست بهية" الأشقاء بأن لا وداع إنما الى اللقاء، فصدقت في كلامها بفضل الله أولاً، ومن بعده حنكة إبن اخيها، تغمده الله فسيح جناته السياسية.

أكيد ليست حكومة العهد الاولى، أو أي رقم آخر قد يكون حلم به الرئيس ميشال عون. ففي ميزان السلبيات والايجابيات، الكفّة طابشة، والرزق عا الله...

برأي البعض قد يشفع لها أمرٌ واحد، أنها تبقى أفضل من الفراغ ... إنما في الواقع وفي حساب الانهيار، الأمر سيّان لا فرق....

فزمن "بيت الفرفور يلي ذنبن مغفور"... ولّى الى غير رجعة.... وفقاً لرئيس البلاد وحامي دستورها....

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة