"ليبانون ديبايت" - وليد الخوري
كما كان متوقعاً، ومع انفراط عقد المجتمعين الى طاولة بعبدا، التي ضمّت فريق الثامن من آذار، فريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، والمعارضة "ممثلة" بالرئيس السابق ميشال سليمان، انفجرت موجة التعليقات السياسية وتحميل المسؤوليات المتبادلة وسط ترداد حكومة الدياب لمعزوفة مسؤولية حاكم مصرف لبنان ،دون ان تقدم على اي اجراء، و"استخفافها بمسألة سعر الـ 7000 ليرة لصرف الدولار، واضعة الامر في اطار الاشاعات بما فيها تقرير "رويترز" الذي تحدث عن فقدان الليرة اللبنانية لـ 80٪من قيمتها في ثمانية أشهر، خلافاً للوقائع، معتمدة الخيار الامني-العسكري الفاشل لفض الاحتجاجات وتثبيت سعر الصرف، رغم قناعة الجميع بعدم جدواه، والمترجمة حركة احتجاجية في الشارع.
واذا كانت" المقررات " بديباجتها العربية المنمّقة صالحة بعمومياتها لكل مكان وزمان لبناني، إلّا أنها في الواقع تجاهلت أمراً أساسياً، يتمثل في خروج الشارع عن سيطرة القوى السياسية التقليدية، التي باتت أسيرة الناس، بعدما بلغت قياداتها تقارير واضحة عن نقمة المحازبين والمنتمين والمؤيدين، نتيجة ما وصلت اليه الامور، وهو ما بدأ يظهر في اكثر من نقطة، بداية من الشمال وصولاً الى الجنوب وبينهما بيروت والبقاع. وهنا يكفي للدلالة على تفلّت الامور أن الموقوفين في أحداث التخريب والحرق هم "خلطة" من مختلف الاحزاب من أقصى اليمين الى أقصى اليسار، ما يؤكد على "فلتان الملق"، من جهة، ويسقط نظريات المؤامرة الكونية، من جهة ثانية، ليترك المجال واسعاً امام فرضية فشل الحكومة الذريع بكل مكوناتها، ما كان كافياً "لتوحيد وتكتل" الجميع ضدها.
خلال الاسابيع الماضية ، وبعد ان كادت الفتنة التي لم يعد خافياً ابداً من هز عصاها، واختبر ساحاتها، لتفعل فعلها في اخراج شعارات "لا شيعية ولا سنية اختك طائفية"، معيدة تعويم الشيخ سعد، ظهر خلال الساعات الماضية انها عادت "بالمقلوب" هذه المرة، مع نزول اهالي برجا ومحيطها وقطعهم شريان" المقاومة" الحيوي، ما أثار حزب الله غير المرتاح لما يحصل على الارض من اداء وتساهل، و"عدم قمع وحزم"، وصل بحارة حريك حدود اطلاق طائرة من دون طيار استطلعت الطريق الساحلي، في رسالة واضحة لمن يعنيهم الامر وفي مقدمتهم الدولة اللبنانية.
مبادرة الحزب جوا، اذا ما تأكدت، دفعت بعدد من السفارات في بيروت الى استطلاع حقيقة الامر وجمع ما توفر من معطيات، لمعرفة الخلفيات، مع ما قد تعنيه تلك الخطوة من تطور غير مسبوق، كانت مهدت لها "تهديدات" أطلقها امين عام حزب الله في فترات سابقة، قد يدفع بحكوماتها الى التحرك في مرحلة قريبة، خصوصاً أن العديد منها يملك معلومات استخباراتية تتحدث عن نهاية اسبوع "حامية" وموجة احتجاجات تحضر لها الثورة في بيروت والمناطق، وسط توقعات ان تكون حاشدة وتمتد الى الاسبوع المقبل. وما زاد من ريبة الدبلوماسيين التعتيم الكامل من قبل "قيادات الثورة" التي جرت مراجعتها، وغياب اي جواب لدى الاجهزة الامنية حول دقة المعلومات المتوافرة.
بكل الاحوال تشرع "مرصاد" الصفراء الباب على الكثير من التساؤلات. ما هي رسالة الحزب من وراء ذلك واهدافه؟ ولمن هي موجهة؟ لأجهزة الدولة ام لأميركيو الداخل؟ ولماذا احراج العهد بتلك الخطوة؟ هل هي تهديدية بحتة أم بداية لتحرك أشمل وتدخل مباشر؟ من أعطى الامر وبناء على اي معطيات؟ وهل من رابط بين هذا التطور وتحذير رئيس الجمهورية من الانزلاق الى الفوضى والاقتتال؟
صحيح أن اهالي الاقليم محقون بتحركهم ووجعهم وحقهم ايصال صرختهم، إلّا ان بعض ما جرى ويجري يضر بالصورة العامة للتحركات، لجهة اطلاق شعارات ذات طابع طائفي طالت أناساً لا يعادون الثورة. فمن قال ان كل من يستخدم طريق الجنوب هو حزب الله؟ ومن أعطى الحق للبعض في الاعتداء على أموال وأملاك لبنانيين ذنبهم الوحيد أن قدرهم فرض عليهم العبور على الاوتستراد الساحلي؟ وهل بتكسير سيارات الأبرياء تحل الازمة الاقتصادية وينخفض سعر الدولار؟
اسئلة كلها مشروعة وواجبة الطرح، إلّا أن الأهم يبقى في خلفيات ما يجري، وهو ما اختصرته بعض الشعارات والمشاحنات الكلامية التي حصلت وخلاصتها "لولاكم لما وصلنا لهون" والمقصود لولا حزب الله. قد يكون ذلك صحيحاً انما صندوقة البريد بالتاكيد خطأ.
الأيام القادمة حبلى بالتطورات، التي يبدو انها أعادت وصل العراق بلبنان... والخوف ان تكون بوابة الجنوب... بوابة تغيير المعادلات القائمة...
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News