Beirut
16°
|
Homepage
أين انطونيو؟
ملاك عقيل | الخميس 02 تموز 2020 - 3:00

"ليبانون ديبايت"- ملاك عقيل

خامس اجتماع تعقده خلية الأزمة الوزارية المكلّفة متابعة الأوضاع المالية... والأزمة لا تعرف قعرًا. عمليًا بات الحديث عن مصير خطة الحكومة وآفاق التفاوض مع صندوق النقد الدولي ورزمة الإصلاحات المفترضة ومسار خطة الكهرباء مجرد ترفٍ أمام ما هو أخطر بكثير: ثمّة من يمصّ دمّ اللبنانيين بوقاحة والحكومة عاجزة تماماً عن لجم الفاعلين!

إنها الفوضى. هذا أقلّ ما يمكن أن يقال حين يطلق العنان لمصّاصي الدماء في استباحة الدولة ومواطنيها. هؤلاء ضحية متنقلة بين المصارف والمحال التجارية والتجار والأفران ومحلات تصليح السيارات وقطع الغيار... والأسوأ آتٍ!


كل هذا الجحيم يخفي حقيقة واحدة: ناهبو المال العام في منطقة الآمان يحتفون بانتصارهم على قطوع الإنكشاف أمام من تبرّع لمحاسبتهم. ونحن الأغبياء نتلوّى على الرفوف الفارغة في المحال التجارية وإن امتلأت تبدو كمعروضات ثمينة في متحف للقطع النادرة!

كان ينقصنا أنطونيو واحد. قد يكون على شكل رئيس جمهورية أو رئيس حكومة أو قاضٍ... نحن نحتاج الى أنطونيو دي بيترو آخر. القاضي الايطالي الذي خاض حملة شرسة وجريئة عام 1992 أفضت الى اعتقالات لألاف السياسيين والحزبيين ونواب ووزراء ورؤساء حكومات سابقين وموظفي دولة كبار ورجال أعمال ورؤساء بلديات... أمسك "القبضاي" بأول رأس اشتراكي فاسد وكرّت سبحة حملة "الأيادي البيضاء" التي أطاحت برؤوس كبرى.

كان ذلك بمثابة ترجمة حرفية لشطف الدرج من فوق. الفاسدون آنذاك كشفوا بعضهم. من وقف أمام المحققين وثبُتت عليه الاتهامات لم يرمَ في السجن إلا بعدما تكفّل بجرجرة أكثر من رأس فاسد معه. يمكن تخيّل "ريتز" لبناني يستعيد الأموال المنهوبة والمحوّلة الى الخارج والى قوس العدالة درّ.

الكشف عن فضائح الفساد في أكبر كرة ثلج المحاسبة في تاريخ الشعوب أمّنت انتقال ايطاليا من مرحلة الجمهورية الاولى الى الجمهورية الثانية بعدما أطاحت بالنظام والمافيات الحاكمة بكافة رموزها.

الصيت لمافيات ايطاليا والفعل لمافيات لبنان، ومع ذلك أنطونيو لبنان لم تظهر ملامحه بعد. ثمّة حكومة حاول رئيسها مع فريق عمله، على علات بعض أعضائه وتبعيتهم المقيتة لمرجعياتهم السياسية، أن يفعلوا شيئًا ما. لكن أخطبوط المنظومة الحاكمة يبدو قابضاً على الأنفاس والأرواح. تعيينات غير مشرّفة تشبه تعيينات غازي كنعان وتشكيلات قضائية عرقلتها السلطة السياسية "براحة ضمير" من دون أن يرفّ لها جفن. قضاء يفترض أن يحاسب ويفتح ملفات الفاسدين وجد نفسه أمام سلطة تستولي على صلاحياته. ويصدف أن على رأس مجلس القضاء الأعلى قاض يحظى بإجماع على مناقبيته وكفاءته، لكن ذلك لم يشفع له... "وعمرها ما تكون تشكيلات". وها هي أبواب القصر الجمهوري تقفل أمام أعلى سلطة قضائية تريد الدفاع عن "مولودها" الأول في مشروع التنقية الذاتية والمناقلات المتحرّرة من التبعية السياسية!

كان يكفي للعهد أن يطبّق القوانين التي أكلها غبار "الاستخراء" كي يفضح المستور ويرمي بكثيرين في السجون. فضّلت الدولة العميقة أن تسنّ مزيد من القوانين للتعمية والتضليل وتضييع المسؤوليات هي العالمة بأننا نجرف كالسيول نحو الهاوية. قوانين كفقاعات صابون لم تكشف فاسدًا واحدًا، ولم تحاسب ناهبًا واحدًا للمال العام ولم تعد دولاراً واحدًا الى الخزينة الفارغة.

في السياسة. يا ويلنا. مصيرنا مرتبط بصناديق دونالد ترامب الرئاسية وبتسوية اميركية ايرانية لم تفحّ رائحتها بعد. وحكومة تلهث وراء إنجازات لم تقرّش حتى اليوم سوى بـ "إنجاز" الإطاحة بخطتها المالية للإصلاح بمباركة القوى السياسية الحاكمة بأمرها. أما باقي الانجازات فتأتي على شاكلة أسعار كافيار فوق علب حليب الأطفال والحبوب واللحوم والمعلّبات، وربطة خبز قد تحجب عن الفقراء بعدما رفع "الدعم" عنها، ودولار يتراقص بين "دولة الصرافين" والسوق السوداء الى حدّ الهذيان... وأنطونيو لم يطلّ برأسه بعد.

لكن باعتقاد كثيرين الآوان لم يفت بعد. الفرصة لا تزال سانحة ليقلب أحد ما الطاولة على "المافيا" اللبنانية. فالحكومة باقية بحكم الأمر الواقع وغياب البديل، والمليارات الموعودة لن تأتي، والمنظومة إياها "مرتاحة على وضعها"، والشارع لم يتمخّض ثورته بعد... يحتاج الأمر فقط الى قلب شجاع لا شئ لديه ليخسره!
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
بالفيديو: محامية تتعرّض للضرب على يد زوج موكلتها 9 200 ألف مقاتل سوري يهددون لبنان.. ناجي حايك يتحدث عن "أمر كبير" طُلِب من الحزب! 5 "الإتفاق حصل"... بو صعب سيبلغ بري بهذا الأمر! 1
بعد الإعتداء على محامية وتحرُّك القضاء... إليكم ما فعله الزوج! (فيديو) 10 مع ارتفاع درجة الحرارة... نمر يوضح امكانية "حدوث هزّات أرضية"! 6 "المخابرات السورية تتواقح في لبنان"... إيلي محفوض يكشف عن مؤامرة خبيثة تُحضر! 2
إنخفاضٌ في أسعار المحروقات! 11 "نساء المخابرات" الى الواجهة بين ايران واسرائيل: خداع جنسي وفتاوى تبيح "تسليم الجسد"! 7 إلى القوات وحلفائها… حان وقت الإستقالة 3
أحزمة نار وتدمير بلدات... تطور جهنمي في الجنوب اللبناني! 12 عن الشهيد "حيدر"... حزب الله ينشر فيديو بِعنوان "يستبشرون" 8 "بسحر ساحر تتصل غادة عون"... اليسا تستنكر: "هيدي بأي بلد بتصير"! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر