"ليبانون ديبايت" - المحامي جوي لحود

لم يَكن حزب الله ليسيطرَ على البلد طوال 15 سنة لولا ورقة التفاهم التي أمّنت له الغطاء المسيحي الذي سنده داخلياً، نيابياً وحكومياً، وخارجياً تجاه المجتمع الدولي.

أمّا اليوم، وبعد 15 سنة، ومع سقوط الهيكل على الجميع في عهد ميشال عون، بدأ جمهور التيار الوطني يظهر تململاً وتخبّطاً وضياعاً، بحيث فرغت جعبته من الحجج والمبررات وهو يجد نفسه أمام الأزمة الاقتصادية والنقدية والعزلة والحصار، عاجزاً عن الدفاع عن خياره السياسي وغير قادر على تبرير تجاوزات وتصرفات حزب الله كما فعل بإستمرار منذ الـ 2006.

نشاهد ونسمع مؤخراً بعض قياديي التيار يعبّرون عن امتعاضهم من حزب الله لكن المسألة عندهم لم تتخط الانتقاد و"التلطيش"، فما الذي يمنع من أن يُترجم هذا التمايز عن حزب الله، بالسياسة؟

هي حسابات جبران باسيل، فهو من دون شك يعلم أن القارب الذي اختاره قد بدأت رحلة غرقه، وأن العقوبات الأميركية قد تطاله اذا ما استمر بالالتصاق بحزب الله، ورغم ذلك لم يبادر حتى الساعة إلى فك ارتباطه، لماذا؟
ّ
لعدّة أسباب، ومنها الاستمرار في الرهان على تبدّل المشهد الإقليمي لصالح إيران اذا ما حصلت صفقة مع ترامب، فيصبح مشروع باسيل الرئاسي ممكناً.

أكثر من ذلك، لقد سلّف حزب الله باسيل وتياره كثيراً في السياسة، وغير السياسة، منذ الـ 2006، ومن الطبيعي أن يكون الحزب ممسكاً على باسيل بكثير من الخفايا التي لو تسرّبت، من شأنها أن تنهيه سياسياً.

وبعد، باسيل يدرك أن قفزه من القارب وسحبه الغطاء عن حزب الله قد يعرّضه إلى "الخطر".

هذا من ناحية البيت الداخلي للعهد ومحور حزب الله، لكن ماذا عن الأحزاب السيادية المعارضة؟

الأنظار تتجه نحو القوات اللبنانية التي تشكل القوة السيادية الاقوى في الشارع وفي المجلس النيابي، فقاعدة القوات الشعبية تنتظر من قيادتها موقفاً أوضح وأقوى في ما يتعلق بحزب الله، أي بمعنى آخر هناك جهات عديدة تنتظر من القوات اللبنانية أن تطلق معركة استرجاع السيادة المسلوبة، من خلال العمل على لمِّ شمل أصحاب الفكر السيادي في إطار معارضة شعبية ونيابية واسعة.

لكن حتّى الساعة، تظهر القوات على أنها بحالة ترقّب سياسي لما يدور في الإقليم من تطورات، لتقرر على ضوئها كيف ومتى تعلن موقفها النهائي، فتارة تهادن نبيه بري وتارة تستبعد نشوء معارضة شاملة.

نفهم من هذا المشهد أن قيادة القوات تعمل من جهة وفق حسابات سياسية متعلقة بانتخابات الرئاسة المقبلة، ومن جهة اخرى تسعى إلى تجنّب الوقوع في سيناريو الاستفراد بها كما حصل عام 1994، لذلك نجدها تبحث عن ضمانات وتأكيدات داخلية وخارجية.

وبالتالي، بين حسابات باسيل وترقّب القوات، يجد حزب الله نفسه مرتاحاً في الساحة السياسية اللبنانية، فلا حليفه يتجرأ على الانقلاب، ولا خصمه جاهز لخوض مواجهة سياسية حاسمة.

على ضوء ما تقدم، يبقى الأمل الوحيد لإنجاح معركة السيادة بمواجهة هيمنة محور المجاعة على لبنان، أن يكتمل نضوج الثورة الشعبية سياسياً، وأن يجتمع أصحاب الفكر الواحد من مجموعات الثورة ومعها ما تبقى من نواب احرار. الفراغ السياسي الحالي سيستمر، بانتظار اجتماع اصحاب الفكر السيادي ضمن إطار تحالف أو تنسيق، بهدف الدفع نحو جبهة سياسية وشعبية تعمل داخلياً ومع الاغتراب اللبناني، لفكّ العزلة وتحرير لبنان واسترجاع سيادته، عبر إسقاط حكومة حزب الله وعهده، ليصار بعدها إلى إجراء انتخابات والشروع في ورشة بناء لبنان جديد.

للأحزاب حساباتهم وأطماعهم ... وللشعب الحر حساباً واحداً: لبنان حرّ وكفى!!