Beirut
16°
|
Homepage
إحذروا السّلمون الإسكتلندي
روني الفا | الاثنين 06 تموز 2020 - 3:03

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

أتساءلُ عما إذا كان المسؤولُ ينام. نومةٌ سحبة واحدة أو نومٌ متقطّع. ينامُ كالأطفال ويحلمُ بالفراولة أو يغفو بعينٍ واحدةٍ خوفاً من شيطانِ القصاص يخرجُ إليه من شبابيكِ غُرَفتِه؟ هل يتناولُ أقراصاً منوّمة؟ فناجين بابونج للإسترخاء؟ كيف تكون صَلاته قبل أن يخلدَ إلى الفراش يا ترى؟ هل يتقبَّلُها الله؟ أينامُ على ظهره أو بطنِه؟ ينامُ متخَماً أو بإمعاءٍ خاوية؟ هل يهلوِسُ ليلاً ويكزُّ على أضراسه أو يستسلمُ للرقاد بصمتٍ وسلام؟ نومُ المسؤول أحجية. أن ينامَ السارقُ بهناءٍ ظاهرةٌ لا تحدثُ إلا في بلدنا. في كل بلدان العالم يسهرُ السارقون خوفاً من العقاب. فقط في لبنان يخاف العقاب من السارق.

كيف يستيقظُ المسؤول؟ يتجدّبُ على رائحةِ القهوة والكرواسان الفرنسي. تأتيه عاملةُ المنزل المتأنقة بالجاكيتة وتساعده في إدخال يديه في ثقبَيها. يُدخِلُ المسؤولُ زرّ سترته في العروة ليبدأَ نهارَه المشمس. في طريقه إلى مكتبه الفخم يصمتُ سائقهُ إلا حين يُطلَبُ منه الكلام. سائقُ المسؤول يقودُ لسانه كما يقودُ السيارة، بحذرٍ شديد. يعاينُ المسؤولُ الواتساب. أجملُ الواتساب أيامَ الخميس. " هَلا بالخميس " تفشُّ خلقَ المسؤول بعد أسبوعٍ من النضال الوطني والقومي. صدرٌ عارمٌ يتأهلُ بالخميس. لا يُخفي المسؤولُ ارتياحه لهذا اليوم المبارك. يتصفّحُ أخبار الخميس على الأجسادِ العارية قبل أن يسترعي انتباهه رجلٌ قاتلَ الجوعَ فقَتَلَهُ الجوع. النساءُ العاريات عند المسؤول أكثر ظرفاً من أصواتِ الجِياع.


كيف يأكلُ المسؤول ؟ بشهيّةٍ أو قلّة قابليّة؟ كيف يمضغُ ويبلعُ ويهضمُ طعامه؟ يتوحّمُ على البيض برِشت والتوتِ البرّي على الفطور. على الكمئ والعكّوب على الغداء وعلى السلمون الإسكتلندي مساءً. يتعجّبُ المسؤول من رخصِ الأسعار في لبنان. يعترفُ أمامَ وسائل التلفزة أن لبنان صار من أرخصِ بلدان العالم. على مقربةٍ من منزلِ المسؤول أربعُ حاوياتٍ للنفايات تتوزعُ عليها أربع قِطَطٍ متخَمَةٍ ورَجُلَين جائعين . في لبنان القططُ أوفر حظاً من الناس. لم يقترب المسؤول يوماً من هذه الحاويات. ضميره مرتاح. عندما يقلقه ضميره، يضعه المسؤول في كيس ويربطه بإحكام ثم يطلبُ من الخادمة رميه في أقرب حاوية. ضميرُ المسؤول لا يحتاج سوى إلى مكبٍ أو محرقة.

كيف يتحمّمُ المسؤول ؟ كَمْ غسلة تنظّفُ أفعاله الشائنة؟ كَمْ ليتر ماء يحتاجُ لشطفِ ارتكاباته؟ يستعملُ المسؤول أكثرَ من ليفةٍ خشنَة لنزعِ طبقةٍ سميكةٍ من الفساد غطّت مسامَ جلده. يمضي ساعات طويلةً في فركِ بقعِه. الفساد مادةٌ تُصنَعُ منها جلودُ التماسيح. يخرجُ المسؤول نظيفاً من الخارج ويزيدُ وسخه من الداخل. فاسدٌ وسارقٌ وناهبٌ أكثر ما يرعبه أن يدقِّقَ أحدٌ في حساباته. أن تتحوَّلَ السرقاتُ الى أرقامٍ أكثر ما يخيفُ الفاسد. تدقيقٌ يكشفُ كيف استغل السلطة وكيف أكل مال اليتيم وفلسَ الأرملة. كيف بنى قصره بأحلام الشباب المتعلّم وكيف فرش أثاثه بدمعهم ودَمِهِم وأجسادهم العارية. يتعطّرُ المسؤول بعطرٍ فرنسي ويُصَوبِنُ بصابونةٍ إيطالية. تشمّهُ فتَقرف. ليسَ بالعطرِ وحده تطيبُ رائحةُ الإنسان.

كيف يهربُ المسؤول؟ على متنِ أي حافلةٍ أو مركبةٍ أو غواصة؟ في بارجةٍ أو باخرةٍ أو طائرةٍ أو تابوت؟ . قريباً ويكون الهروبُ على وجه السرعةِ أفضلُ ما يمكنُ أن يفعله المسؤول. نومه سيُصبِحُ مستحيلاً. أرَقُهُ سيكون عصياً على المنوِّمات. ستحاصره أصواتُ الناس تحت النافذة. حتى الآن ما زال مقتنعاً أن من يهتفُ له من تحت البيت هو روميو المغرَم والمتيَّم وما زال يرى نفسه في المرآة جوليات التي يحبها ويهواها الجميع. قريباً سيكونُ فطوره وغداوُه وعشاؤه محمّصاً بالخوف ومقلياً بالقلق ومسخّناً بغضب المارّة.

أينَ يختبئ المسؤول "إذا زلزلتِ الأرضُ زلزالها وأخرجتِ الأرضُ أثقالها( ...) يومئذٍ يصدرُ الناسُ أشتاتاً ليُروا أعمالهم فمَن يعملُ مثقالَ ذرةٍ خيراً يَرَه ومَن يعملُ مثقالَ ذرة شرٍ يَرَه".
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
واشنطن تكشف دورها في "الضربة الإسرائيلية" على ايران 9 بشار بطل عمليّة نصب كبيرة في طرابلس! (صور) 5 حادثة رئاسية فضحت "الثنائي الشيعي" 1
بشأن تعديل قيمة رسوم المعاملات... بيانٌ من الأمن العام! 10 عصابة "خطرة" تنشط في طرابلس... بطلتها إمرأة! 6 مستجدات فصل بو صعب من التيار! 2
تقريرٌ يكشف مصادر تمويل حزب الله 11 حافي القدمين... نائب سابق يتعرّض لسرقة "من نوع آخر"! (فيديو) 7 سيناريو "مُقلق" ينتظر مطار بيروت... إنذار خطير وأيام حاسمة! 3
"التيار معجون عجن بالغش"... جعجع يستنكر! (فيديو) 12 كليب "يُرجح" ما قد تبلغه فرنسا لِميقاتي اليوم! 8 "النكزة الأخيرة"... منشورٌ "ناريّ" للسيّد! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر