المحلية

الأربعاء 29 تموز 2020 - 02:00

"اليونيفيل"... تطبيق الحصار على الأرض؟

"اليونيفيل"... تطبيق الحصار على الأرض؟

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

هل باتت قوات اليونيفيل جزءًا من أدوات تطبيق قرار الحصار الأميركي المفروض على لبنان؟ الأجواء منذ مدة توحي بذلك.

الموضوع لم يعد محصوراً بطلب إدخال تعديلات على القرار رقم 1701 الذي فوّض اليونيفيل العمل في نطاق الجزء الواقع إلى شمال نهر الليطاني. عناصر القوة الدولية بدأت منذ فترة تمارس على الأرض سلوكاً يتجاوز قواعد عملها المنصوص عنها في القرار الدولي، والممارسة العسكرية على الأرض والتي تؤدي دورها بعض الكتائب الأوروبية، توحي أن السياق العام بات ينزلق صوب تأمين ظروف تطبيق التعديلات الذي يُحكى عنها ميدانياً في حال لم يجرِ تأمين إدخالها في النصوص. معنى ذلك أننا أمام تطبيق مضمون البنود بالممارسة. شيء من هذا القبيل في حال حدوثه سيؤدي حكماً إلى تطورات دراماتيكية وردات فعل عكسية لن تحمد عقباها، اولاً بالنسبة إلى المقاومة وثانياً على صعيد موقف الجنوبيين من القوات الدولية.

تصرفات تلك الكتائب تزامنت منذ مدة طويلة مع بدء الحديث عن محاولات لإدخال تعديلات، وصفت في الآونة الأخيرة بـ"المريبة وغير البريئة"، ومعظمها كانت مسؤولة عنها القوة المسماة "احتياطي القيادة العامة"، وهي قوة فرنسيّة صرف يرفض الفرنسيون أن تأتمر بأوامر قوات أخرى، وقد منحت هامش من حرية الحركة شمالي الليطاني.

كان نشاط هذه القوة تحديداً يستدرج ردات فعل عنيفة من قبل الأهالي. يُقال أن تلك التصرفات كانت مقصودة، بمعنى أن اليونيفيل كانت تتقصد إزعاج المدنيين بهدف القول أنها تتعرض لاعتداءات او تجابه بالعنف، وهذا، يأتي تبريره في سياق إستخدام تلك الذرائع في مشروع تعديل مهام اليونيفيل بحجة وجود خطر على جنودها أو مهامها.

صحيح أن دولاً مشاركة في القوة الدولية لا تجد مصلحةً في إدخال تعديلات خشية منها على جنودها كحال الفرنسيين منهم، لكنها وفي مكانٍ آخر، قد تجد الظروف ملائمة لإدخال بعض التغيرات على السياق العملاني على الأرض من دون المرور في الأقنية الرسمية، وبشكل مستتر. والمقصود هنا تحرير نفسها من بعض القيود، ما يتيح لها حرية العمل بشكل أكبر. شيء من هذا القبيل مرفوض سواء من جانب المقاومة التي لن تقبل أن تصبح تلك القوة بمثابة "قوة احتلال معادية او قوة ذات قدرات تجسسية"، وتقدير الجيش اللبناني أيضاً يقوم على رفض أي إجراءات مماثلة، بل انه اعاد الطلب إلى قوات اليونيفيل قبل فترة وجيزة، ضرورة مخابرته قبل خروج أي دورية، والزامية وجود جنود لبنانيين ضمنها، ما يعني ان الجيش حريص بل مصرّ على عدم إدخال تغييرات حتى بالممارسة على الأرض.

ثمّة قراءة تقول أن خشية المقاومة من إدخال تعديلات في الممارسة نابع من ملاحظتها تطور مسار الأمور فى منحى مشبوه. وقد لوّحظ ذلك لدى اكثر من كتيبة عاملة ضمن اليونيفيل، بحيث يظهر تفرداً لديها في إعتماد إجراءات مختلفة عن الكتائب الاخرى، وهذا بالطبع يفرض على المقاومة إجراءات جديدة، ومن حقها ان تخشى التجسس عليها بين الشوارع وفي الأحياء.

ما حدث عصر الأحد في الوزاني من محاولة القوة الاسبانية منع رعاة من الدخول إلى إحدى المناطق بالقوة ومن ثم إطلاق النار فوق السائق، يندرج ضمن السياق نفسه، "تطبيق تعديلات بالممارسة". هذا رتّب قراءة جديدة للأحداث، كأننا امام محاولات تثبيت بنود جديدة، وهو السبب وراء حالة التأهب التي حدثت فور شيوع الخبر.

اللافت، ان الكتيبة الاسبانية المسؤولة عن التجاوز، تنفرد بعلاقة ممتازة مع المحيط في الجنوب، وثمّة من كان يرجّح أن التطبيق في الممارسة في حال حصل، سيتولى تأدية دوره الفرنسيون والايطاليون أكثر من غيرهم، فماذا حدث؟

مصادر أممية تملك رواية أخرى، تعتبر في إتصال مع "ليبانون ديبايت"، أن ما جرى في الوزاني "لم يكن محسوباً أو ناتج عن أوامر جديدة"، محملةً الحادثة إلى "حداثة عهد الجنود في الخدمة في لبنان". هؤلاء، على ذمة المصادر "قدموا مؤخراً إلى لبنان ضمن إطار عمليات التبديل الروتينية، وقد اخطأوا في ترجمة الاوامر التي صدرت لهم او تلك التي درّبوا عليها"، لتستخلص أن ما جرى "أتى من خارج السياق"، كاشفةً أن "قائد القطاع الشرقي في القوات الدولية زار المنطقة وقدم اعتذاره عن ما حصل". وفي معلومات "ليبانون ديبايت" أن الجيش طلب تبريراً لما حدث، فأتاه مذيلاً باعتذار.

لكن هناك من يشكك في الرواية الاممية، ينسب ذلك إلى تزامن ما حدث في الوزاني مع ما يبحث في أقبية مجلس الأمن وأدوار السفير الأميركي السابق في بيروت جيفري فلتمان، الذي يسوّق لفكرة التعديلات، وتكرار التجاوزات منذ ان دخل الحديث عن التعديلات إلى الضوء يثير شكوكاً حول الدوافع.

هذا يحيلنا إلى أمر آخر، له صلة بالضغوطات الاميركية الممارسة لادخال الأوروبيين عنصراً في برنامج الحصار على لبنان او سوريا ما دام انه لاعباً في مجال القوات الدولية، أو محاولات واشنطن زيادة منسوب الضغط على لبنان.

قبل أيام، مارست مقاتلات قِيل إنها أميركية تحرشاً واضحاً بطائرة ركاب إيرانية فوق الاجواء السورية. صحيح أن موقع الحادث كما قيل كان منطقة تعتبرها واشنطن "منطقة عمل لها" وأن الطائرة التي جرى التعرض لها إيرانية، لكن ركابها لبنانيون بمعظمهم ووجهتها كانت بيروت، ما يأخذ القضية إلى بعد آخر مرتبط بالسياسة الاميركية المستجدة تجاه بيروت، بما يوحي أن واشنطن في صدد إعتماد سياسة جديدة في بيروت ودمشق على السواء، سياسة تندرج تحت خانة إما تطبيق بنود "قيصر" او العقوبات المالية غير المباشرة على لبنان، ويشبه الى حد ما الأسلوب الذي كانت تعتمده بحق العراق سابقاً. وحادثة الطائرة الإيرانية فوق الأجواء السورية ايضا، تشير بأن واشنطن لن تسمح باستمرار الخط الجوي المفتوح بين طهران وبيروت.

سبق ذلك معاناة من الحصار تعيشها الحكومة اللبنانية. صحيح أن رئيسها حسان دياب يتجنب الحديث أو الاشارة عن ذلك بالمباشر، إلّا ان ما ينقله زوار السراي يدل أن الاجواء هناك مائلة إلى الظن أننا نقع تحت حصار أميركي مشدّد. ينسحب ذلك على الدولار المقنن الذي ينعكس بدوره على الاقتصاد من مواد غذائية حتى المحروقات.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة