"ليبانون ديبايت" - وليد الخوري

الزمان :مساء الاول من آب.
المكان: وادي نهر الكلب الأثري.
المناسبة: عيد الجيش اللبناني الـ 75.

احتفال ضخم من تنظيم جمعية "لبناني وافتخر"، وحّد الشاشات اللبنانية، كما قلوب اللبنانيين، في ومضة امل وسط الليل الاسود الذي تمر به البلاد. انتاج ضخم، تقنيات حديثة، "ديكور" طبيعي زادته الاضاءة روعة، فنانون من "الصف الوطني الاول"، 80 عازف وعازفة وكورس استثنائي.

يوم تقرر السير باحتفال "نهر الكلب" لم يغب عن بال المنظمين ان ثمة من سيطلق سهامه مشككاً منتقداً رافضاً، ما طرح معضلة اساسية حول مصير هذا الحدث الذي بدأ التحضير له منذ قرابة العام، يوم أقرت "خطة" الاحتفال باليوبيل الماسي للجيش اللبناني، وبعد نجاح اليوم الطويل الذي اقامته جمعية "لبناني وافتخر" بالتعاون مع قيادة الجيش، والذي لاقى تجاوباً لافتاً وتفاعلاً كبيراً من المواطنين.

كان التحدي الاول، هو في ايجاد الحدث الذي يتلاءم مع ضخامة المناسبة، في اطار يخرج عن الاحتفالات التقليدية. لم يتأخر الامر قبل ان تولد الفكرة التي سرعان ما تحولت الى امر واقع، مع ايجاد التمويل اللازم بما يليق بالمناسبة، والتي "تسابق" اللبنانيون المقيمون في الخارج لتقديم الدعم لانجازه. خصوصاً ان اختيار منطقة نهر الكلب يحمل الكثير من الرمزية ويختصر في وادٍ تاريخ دولة وامة، مؤرخاً لمراحل ألم انتهت بفسحات امل، وهو ما اراد المنظّمون اظهاره، في لحظة يعيد فيها التاريخ نفسه فوق تلك الارض التي يعاني ناسها الفقر والجوع والالم، مع فقدانهم اي بارقة امل في دولة تتحلل مؤسساتها المختلفة.

قد يكون من حق البعض الاعتراض، من خلال اضفاء "الطيف القانوني" على ما حصل من باب الحديث عن حقوق الملكية الفكرية، ولكن أوليست المناسبة و"ضخامة" الحدث اكبر واهم من الوقوف عند "خطأ" غير مقصود ولا يحمل اي ابعاد؟ واذا ما عدنا في الذاكرة قليلاً الى الوراء هل احتج الرحابنة او ورثة زكي ناصيف يوم انشد "كورال الفيحاء" في احد برامج الهواة العربية معتمدين نفس "التقنية"، محققين اعجاب 400 مليون عربي؟ والاغرب من كل ذلك اليس من المعيب علينا كلبنانيين التشكيك والتصويب على مناسبة، اطل من خلالها فنان الخليج حسين الجسمي ليغني حبّه للبنان ويوجّه تحياته الى جيشه؟

عليه وبكل بساطة يمكن الاخذ بالبيان الصادر عن المنظمين، والذي قطع الشك باليقين، بتأكيده" أنه لم يتم حذف أي مقطع من أغنية "يا بيروت" للفنانة القديرة ماجدة الرومي والتي قامت فرقة كورال بتأديتها خلال الحفل بتقنية الصوتَين، أي أنه قام نصف الكورال بإنشادها وقام النصف الآخر باستبدالها بإيقاع صوتي. كما تؤكد جمعية "لبناني وأفتخر" أنه لو كان الهدف حذف أي مقطع من الأغنية لما تم إدراجها أصلاً ضمن الريبرتوار الغنائي. وتذكر الجمعية أن الحفل هو تحية للجيش اللبناني وشكر لدوره الوطني في حماية لبنان والحفاظ على سلامة شعبه".

في كل الاحوال، ولمن اراد ان يقرأ الامر في السياسة، فإن خطأه مضاعف، سواء كان عن معرفة او جهل، اذ تكفي مراجعة مواقف قائد الجيش العماد جوزاف عون والموثقة بالصوت والصورة، مضافاً اليها بيانات قيادة الجيش الرسمية، وسلوك الوحدات العسكرية على الارض منذ 17 تشرين الاول ،لمعرفة ان الجيش الى جانب تلك الثورة والثوار المحقين في مطالبهم يسهر على حمايتهم وضمان حقوقهم في التعبير السلمي عن اوجاعهم والامهم التي هي اوجاع ابناء المؤسسة العسكرية وآلامهم.

فلمن تناسى ان الجيش اللبناني من الشعب، وللشعب ومع الشعب، أن يعيد حساباته من جديد، وان يقلع عن رهانه بالفصل بين اللبنانيين وجيشهم لاسباب معروفة. فالجيش والشعب شريكان على الدوام، يقدمان معا، ينتصران سوياً، او يسقطان معاً. هكذا كان واقع الحال دوما، و"الكليب" الاخير بمناسبة عيد الجيش الاخير، والذي كسر المحرمات التقليدية بجرأته وفكرته، خير دليل.

في عيد الجيش الـ 75، وبعيداً عن اي مزايدات أيا كان نوعها، ثمة نقطة ضوء ايجابية تتمثل في اجماع المعارضين كما المؤيدين، الثائرين كما المنتفضين، ان الامل بنهاية الالم يختصر "بالبدلة المرقطة" ومدرستها التي من صفوفها خرج رجال ابطال ما تأخروا يوماً في تلقف كرة النار، فأقدموا حيث تخاذل كثيرون.