Beirut
16°
|
Homepage
عن خروج حتي وانقلاب حسان دياب
عبدالله قمح | الثلاثاء 04 آب 2020 - 2:00

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

منذ أن أدارَ أذنه الطرشاء إلى تعليمات السفيرة الأميركية، حُكمَ على حسان دياب كرئيس لمجلس الوزراء بالموت السياسي! بالنسبة إلى الأميركيين، القضية لم تعد قط مسألة مرتبطة بشخصية الرئيس بل في تموضعه السياسي.

صحيح أن الجلسات والولائم قد دعيَ إليها على نية تطييب الخواطر بين الجانبين بعد "جولة" من النقد الجارح والمواجهة شبه الناعمة، وكإحدى موجبات المائدة السياسية، لكنها وبشهادة زوار السراي، لم يكن لها أي أثر واضح ولم تسفر عن أي تغير أو تبديد للهواجس أو الشوائب التي سجلت على خط بيروت – عوكر – واشنطن. جل ما حدث أنها خفّفت من منسوب المواجهة وأحالت الجانبين إلى منصة حوارية محدودة، قبل أن تتلاشى بفعل صراحة دياب.


منذ مدة، بدأت تلاحظ ميول دياب تجاه "القواعد السياسية" للثامن من آذار. لهذا التحول تفسيراته، لا يرتبط بتبني وجهات نظر سياسية، بل يُرد إلى موقف فريق أساسي من دياب كرئيس. تتوسع التفسيرات حين تجري مقارنتها بفترة دخول دياب السراي. بدا يومها شديد البعد عن أجواء حزب الله السياسية، حتى قيل في صالونات ضيقة أنه قد يكون "مزعجاً" للحزب، أو انه أقرب إلى "نسخة ميقاتية".

أحد زوار السراي الدائمين، يجزم أن دياب الآن، بات ميالاً أكثر صوب حزب الله عن غيره من الفرق السياسية، وهذا مرده على الأرجح إلى التجربة والترجمة التي ترتبت عن التجربة عينها. للانضواء إلى جانب الحزب تفسيراته، تبدأ بمصداقية الحزب السياسية تجاه دياب ثم الحرص عليه وتولي فرائض مساعدته الدائمة والوقوف إلى جانبه. لم يعد سراً أن دياب، يجد من بين وزرائه أن الأكثر فعالية منهم هما وزيرا حزب الله، قالها وأعلنها أكثر من مرة وأمام أكثر من شخص: "أنهما الانشط من بين الوزراء"، ولهذا الكلام مدلولاته السياسية ايضاً.

وعلى قدر ما مثّل هذا الكلام تفهماً لدى شريحة وزارية وسياسية واسعة نظراً للادوار الملقاة على كاهل الوزيرين، مثل في المقابل إنكساراً لدى فئة أخرى. هؤلاء يوصفون داخل البيت بالرماديين المتأثرين بالخطاب الأميركي، ورماديتهم "الحيادية" دفعتهم إلى التوجس، بخاصة حين بات "السوء" يطبع العلاقة بين دياب والأميركيين. السبب يعود إلى تموضعات دياب المستجدة وبروز عدم رغبة للاميركيين به، فكان أن مال هؤلاء أكثر صوب الغرب، وبدأ يظهر بوضوح دخول تعديلات على تموضعاتهم السياسية داخل الحكومة يقابلها تموضع آخر بدأ يتضح لدى دياب، بحيث بات يقال أننا أصبحنا أمام محورين في السياسة يتمظهران بشكل صريح على طاولة مجلس الوزراء.

من هنا، لم تكن مصادفة ابداً "محاولة التأديب" التي تولتها زينة عكر بصفتها نائباً لرئيس مجلس الوزراء خلال الجلسة الماضية. كادت أن تكون تلك اللحظة أشبه في تبنيها للانتقادات التي كالتها، إلى "طينة" الرابع عشر من آذار حين كان يتولى الرئيس لحود إدارة جلسات الحكومة. منذ تلك اللحظة، بدأت تتردد معلومات عن سوء دخل على خط علاقة دياب – عكر، معطوف على إعادة جدولة لحشد من الوزراء سواء على خطاباتهم أو تموضعهم.

مسألة "إنزعاج" وزير الخارجية ناصيف حتي ثم مبادرته إلى تقديم إستقالته لاحقاً ومن ثم الموافقة عليها سريعاً وإصدار مرسوم تعيين الخلف، مرتبطة بهذا التغير ولا يمكن قراءتها بمعزل عن المواجهة التي خيضت على المستوى الدبلوماسي، بخاصة مع الاميركيين. هم، وبحسب ما ينقل عن واشنطن في بيروت، وجدوا في حسان دياب شخصاً يختلف في السياسة عن "البورتفوليو الاكاديمي"، منزوعاً من أي قيمة لها صلة بما يقال أنه "تكنوقراط"، بل أنه يتمتع بتموضع سياسي صريح إلى جانب رئاسة الجمهورية والثنائي الشيعي بخاصة حزب الله.

من هنا، كان على حتي، ووزراء من طينته، ان يحددوا موقفهم من السفينة المخطط لها أن تغرق، إما البقاء على متنها إما القفز منها، وفي القفز إحتمال أكبر للنجاة.

حتّي كان المبادر إلى رمي نفسه أولاً، على أساس أنه قد يكون "الشرارة الاولى" ومن بعده ستكرّ السبحة ولربما يوضع حد لـ"وزارة دياب".

لوزير الخارجية المستقيل أسباب عديدة متراكمة، على الأكيد، أنها ليست شخصية وموضوع جبران باسيل ليس سبباً رئيسياً ولا هو من ضمنها، وما إقحام باسيل في القضية إلا سبباً يُراد به باطل واستثمار في مزيد من التشويه لمسيرته وصورته واستدراجاً لمزيد من الحرتقة عليه. مسألة استقالة حتي ببساطة، تتوزع بين المتغيرات التي دخلت على رئاسة مجلس الوزراء وتموضعاتها والخلاف على وجهة وتوجهات لبنان الدبلوماسية وصلاحية الجهة المخولة تمثيل البلاد.

وفي الاصل، حتي كان صريحاً في أكثر من مناسبة حين تحدث عن التبدلات التي تعصف بتوجهات رئيس الحكومة وميوله صوب "المحور الشرقي"، وهذا الكلام ردده في مجالس خاصة وعامة وقد وصل إلى مسامع دياب وغيره من الوزراء.

ثم أن حتي، وبشهادة أكثر من مرجع، لم يستطع استثمار نجاحاته المتراكمة طيلة أعوام خلت. في قصر بسترس، بدا مكبلاً أمام متطلبات المهمة وامام الموقف السياسي المطلوب وصعوبة موائمته مع ادبياته السياسية، التي اعتمدَ فيها كثيراً على منطق "الحياد المصطنع" أو "الدبلوماسية الفائقة" إلى حد تبنيه وجهات نظر دبلوماسية "جامحة" أو محل خلاف واختلاف محلي.

ولمحدودية دوره أو حركته للحد من العقوبات قصة أخرى، بل أن تعاطيه مع هذه المسألة تحديداً، بدا ملتبساً، وعدم لجوئه لأي تحرك زاد من الالتباس والتشكيك بدوره. الشيء نفسه ينسحب عن مواقفه من الانفتاح على العراق والتحرر تجاه سوريا ومسألة اليمن والدور الصيني والحضور الروسي والتحديات الاميركية... كل هذا بدأ في المواقف أقرب إلى خطاب الرابع عشر من آذار! هنا بالضبط، أدركَ حتّي ولو متأخراً صعوبة "المساكنة" بين توجهين سياسيين متنافرين فإختار الرحيل.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
"إنجاز هائل" لحزب الله... إعلام إسرائيلي يكشف! 9 الرواية الحقيقية لـ "إنفجار دورس"! 5 طائرة تهبط في مطار بيروت وعليها عبارة "تل أبيب"! 1
رواتب القطاع العام في خطر هذا الشهر! 10 أرسل صوراً لـ"القبة الحديدية"... هكذا خدعت طهران جندي إسرائيلي! 6 صوت قوي "يوقظ" سكان الجديدة... ماذا حصل عند "ABDO"؟! (فيديو) 2
"بهدف التستر"... الأقمار الصناعية تظهر ما قامت به إيران! 11 مرة جديدة... الجيش الإسرائيلي يستهدف بعلبك! (فيديو) 7 تشريح عقل جنبلاط وكشف ما في داخله... "دمار وخراب بانتظار اللبنانيين"! 3
عملية للحزب في عمق اسرائيل... صقور متفجرة تدك القاعدة العسكرية الأكبر! 12 الإثنين يوم مفصلي... هل يحمل البشرى؟! 8 الأمور لم تعد تحتمل... "الخطر" يُحيط بـ "بلدة شمالية"! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر