ليبانون ديبايت- ملاك عقيل

جلسة استثنائية بكل المقاييس لمجلس الوزراء اليوم في قصر بعبدا. فعلى جدول أعمالها الطارئ بند "استقالات الوزراء" والانتخابات النيابية المُبكرة التي أدار العهد كما الحكومة الظهر لها طوال مرحلة ما بعد 17 تشرين.

وهو بندٌ سيطرح كمبادرة إنقاذية من رئيس الحكومة الذي يجزم معنيون أنّه لم يتوافق في شأنها بالكامل مع رئيسيّ الجمهورية ومجلس النواب. والدليل، برأي مطلعين، الجلسات المفتوحة لمجلس النواب التي دعا اليها الرئيس نبيه بري ومن ضمنها مساءلة الحكومة في شأن إنفجار المرفأ، وأخذ العلم باستقالات النواب.

الحكومة برمّتها باتت في عين عاصفة اقتلاعها... إما بتسوية "بعقل بارد" أو بضغط الشارع المنفجر، وربما بتلازم المسارين. وفي كلا الحالتين ستكون جلسة مجلس الوزراء اليوم مصيرية، فإمّا تقود دياب وفريقه الى "الصمود" أكثر في السراي أو تتحوّل الى حكومة تصريف أعمال!

ومع مثول عدد من رؤساء الأجهزة الأمنية الكبار قبل ظهر اليوم أمام المحامي العام التمييزي القاضي غسان خوري بالتزامن مع استمرار الشرطة العسكرية في الجيش في الاستماع الى المسؤولين الأمنيين في المرفأ، فإن لجنة التحقيق المعنية بكشف ملابسات الانفجار والإشراف على مساره يفترض أن تعرض تقريرها أمام الوزراء في جلسة بعد الظهر والذي سبقته توقيفات لكبار مسؤولي المرفأ، وذلك بعد انتهاء مهلة الخمسة أيام لإنجاز مهمتها.

كانت ساعات "سبت الحساب" وليل الأحد شديدة الوطأة على قاطني السراي. سيناريو 6-6 في حزيران الفائت يتكرّر بعنف أكبر، وإن بمناخات مغايرة أبقت "الشارع الآخر" تحت السيطرة. على الأرض، الإجراءات الأمنية المتخذة كانت كفيلة بمنع المحتجين من التقدّم الى المنطقة المحظورة، لكن مصير الحكومة من الآن وصاعداً بات مرهوناً بتطورات تتسارع كعصف الانفجار الذي ضرب بيروت.

وها هو الرئيس حسان دياب للمرّة الأولى منذ تكليفه مهام رئاسة الحكومة يضع مهلة لحكومته ولنفسه: "أدعو كل الأطراف السياسية للإتفاق على المرحلة المقبلة. ليس لديهم الكثير من الوقت. أنا مستعد لتحمّل هذه المسؤولية لمدة شهرين، ليتفقوا"، رابطاً مهلة الشهرين بضرورة "عدم الوقوف ضد إنجاز إصلاحات بنيوية حتى ننقذ البلد".

الترجمة الحرفية لهذا الإعلان تختصر بالآتي: التوافق على الانتخابات النيابية المبكرة ورزمة الإصلاحات المُلحّة شرطان لبقاء دياب في موقعه، وإلا الاستقالة. في المقلب الآخر، ثمّة من يردّد "قد يجد دياب نفسه مصرّفاً للأعمال قبل مهلة الشهرين. يكفي تهاوي أحجار الدومينو داخل فريقه الوزاري الذي بدا بعض أعضائه غير معني بمبادرة دياب إضافة الى ضغط الشارع".

ويبدو وفق المعطيات المتوافرة أن مشروع القانون في شأن الانتخابات النيابية المبكرة الذي سيطرح اليوم لم يُتوافق على صيغته بعد.

وقد كان لافتاً بُعيد إعلان دياب عن نيته طرح الاقتراح على مجلس الوزراء مسارعة وزيرة العدل ماري كلود نجم الى استثمار هذا الأمر لمصلحتها عبر تسريبات من جانب فريقها تفيد بأن نجم تسعى لإضافة بند الى جدول أعمال في شأن الانتخابات النيابية المبكرة عبر طلب مجلس الوزراء من مجلس النواب تقصير ولايته، مؤكدة في "التسريبة" أنها هي من تولّت صياغة مسودة مشروع القانون مع أسبابه الموجبة!

وبموازاة النزاع الشكلي بين رئيس الحكومة ووزيرة العدل على أبوّة المشروع تخشى مصادر السراي أن "لا يحصل توافق سياسي على هذه الخطوة التي تعتبر من أهم مطالب الشارع المنتفض".

لكن "ما تبقى" من حكومة دياب لن يستسلم بسهولة. وفق المعلومات، ومن ضمن الاقتراحات على جدول الأعمال الطارئ والتي ترى فيها الحكومة تخفيفاً من وطأة المصيبة إعداد مشروع يساوي أهالي المواطنين الشهداء في تفجير المرفأ بالعسكريين عند استشهادهم في كل ما يتعلّق بالتعويضات والرواتب. أما لناحية الجرحى والمعوّقين فمن خلال تطبيق القانون220/2000 الخاص بالمعوّقين باستفادتهم من الضمان الاجتماعي مدى الحياة... وسيطرح مشروع قانون يتعلّق بالإعفاءات الجمركية لكل المساعدات التي ستصل الى الجمعيات.

وفيما من البديهي أن يكون هذا الأمر خارج النقاش كون المساعدات تحمل طابعاً إنسانياً، إلا أن معنيين بالموضوع في السراي حذّروا من تجربة جمعيات وشركات مستوردة استفادت من ظروف استثنائية (كحرب تموز مثلاُ) وتلقّت مساعدات مع إعفائها من الرسوم الجمركية ليصبح الاستثناء قاعدة، وتعمد الى تحقيق أرباح غير مشروعة من خلال إعادة بيع هذه المواد مستفيدة من الإعفاء! فكانت هناك اقتراحات بربط هذه المساعدات المرسلة بوزارة الشؤون الاجتماعية.