Beirut
16°
|
Homepage
أكبر من سليم عيّاش!
عبدالله قمح | الخميس 27 آب 2020 - 2:38

ليبانون ديبايت-عبدالله قمح

من على منبر لاهاي، كان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري واضحاً، طلب من حزب الله التضحية، والتضحية في قاموس الحريري أدرجت كمعبر للتعاون! كان ذلك قبل إعلان "رئيس المستقبل" أنه في حلٍ من التسمية لرئاسة الحكومة.

الظرف الذي حضر فيه الخطاب، اوحى أن المطلوب بعبارة التضحية، أن يُسلّم الحزب القيادي "المتهم" من قبل المحكمة الدولية باغتيال الرئيس رفيق الحريري. طبعاً الحزب لا يعترف بالمحكمة ولا بدورها وهو كان قد أعلن عن ذلك مراراً وتكراراً ومن دون قفازات أو خجل، ولا بد هنا من أن الحريري يدرك ذلك ويفهمه تماماً ويعلم مسبقاً ان الحزب لن يقدم على أي خطوة مماثلة، فهل يكون قد قصد بالتضحية أشياء أخرى أكبر من سليم عيّاش؟


ثمة إعتقاد يذهب صوب واقعية إسقاط مقولة "اشتدي يا أزمة تنفرجي" على وضعنا الحالي، أي أن الحريري أرادَ عبر "بيان الثلاثاء" أن يفتح كوّة في جدار الازمة. بهذا المعنى، قد يكون تركَ عبر بيانه البابَ موارباً لأي صفقة ممكنة، ومن الجدير القول أن الحريري لم يقطع "شعرة معاوية" مع أحد، ولعل بيانه قد ألمح إلى ذلك.

على الطرف الآخر هناك من أخضعَ "إعلان نوايا الحريري" للتدقيق والتمحيص، وقد بدأ البحث يدور منذ أول من أمس حول الخلفيات الحقيقية التي حكمت على الحريري الإدلاء ببيان الانسحاب في اثناء خوض المبعوثين غمار التفاوض المضني وعلى أكثر من جبهة. ثمة أكثر من فرضية. هناك جانب يحيل المسألة برمتها إلى عدم نيل الحريري لـ"ضوء أخضر خليجي" مصدره السعودية وإلى نصيحة عربية مصدرها مصر بضرورة الابتعاد عن "كثبان السراي الرملية".

في المقابل، يعثر آخرون على آثار لعدم تجانس حكمَ المفاوضات التي خيضت قبل ساعات من الاعلان، وقد إقتنعَ الحريري أن لا إمكانية للتعاون، لا مع العهد ولا مع ممثله السياسي داخل الادارة، لطبيعة أنهما لم يجريا تعديلاً على مفاهيمهم السياسية. لهذا ضمّن بيانه بنداً فيه إنتقادات لاذعة للطرفين.

على الرغم من كل ذلك، يبدي متابعون لمسار الاتصالات التي دارت، أن الحريري كان في إمكانه تجاوز "العوائق العونية" متى نال التفويض من الخارج، وهنا كان "الثنائي الشيعي" قد تبرّع لأداء مهمة تجريد العونيين من "فيتوياتهم" سنداً إلى ما لمسه الرئيس نبيه بري من تعاون لدى القصر خلال زيارته رئيس الجمهورية، أي أن "الثنائي" مستعداً للتعاون. بناءً عليه، كان المطلوب من الحريري إذاً أن ينال تنازلات من الجانب الآخر تخدم فكرة تفويضه للمهمة!

من هنا، ثمة من يعتقد أن الحريري وجه إلى حزب الله رسالة ما من لاهاي، وفي بالهم، أن الثمن الذي طالبَ به لم يكن من قبيل تسليم "متهم" وحسب، بل أن الحريري سعى خلف ثمن سياسي أكبر يلقاه مقابل تعامله مع مسألة المحكمة، وفي ذلك تخطياً لمفاعيل قرار المحكمة ما دام ان هذا القرار برّأ في الأصل قيادة الحزب من اي دور لها، وبالتالي، فتح المجالات أمام الحريري. وعليه، هل يكون الحريري قد قصد بالتضحية، الخروج الكامل لحزب الله من معادلة تشكيل الحكومة الجديدة بالمعنى السياسي وترك الامور إلى غيره و "تقليم" نفوذه في السلطة التنفيذية على أن يترك تسمية الوزراء إلى الرئيس نبيه بري مثلاً؟ وهل يمكن أن يقبل الحزب بالتخلي عن مقعد شيعي في حال كانت حصة الشيعة 4 لصالح "تكنوقراطي شيعي كامل"، وأن يخضع المقعد الآخر لتمثيل يخلو من الدسم السياسي؟!

أمر من هذا القبيل، تقول أوساط متابعة أنه يحتاج إلى توافق في الاساس بين ركني "الثنائي الشيعي"، ثم أن "الثنائي" الذي تبرّع للتدخّل لدى العونيين، لن يقبل أن تختصر "معمودية النار" به، وتبعاً للظروف الراهنة، من غير المنطقي أن يقبل الحزب بأي أمر مماثل وهو يعلم أن على رأسه "مصقلة"، وهو الذي تكلف ما تكلف من أجل تثبيت حقه في الحضور داخل السلطة لدوافع ذات صلة بتحصين الذات.

والآن، مع دخول العامل الدولي صفة المقرّر في السلطة التنفيذية، من البديهي أن يكون الحزب قد تصلب أكثر، أي أنه ليس في وارد منح الغرب ما لم يمنحه سابقاً بل وما لم يستطع هذا الغرب تحقيقه في السياسة.

بخلاف ذلك، تبدو أجواء الرئيس الحريري ميالة صوب الظن باحتمال الوصول إلى تنازلات في المسار الحكومي. صحيح أن الحريري حذر في التعاطي في مسألة الحكومة ولا يفصح عن شيء محيلاً كل الأمور إلى المجهول السياسي، لكن هذا لا يخفي حقيقة أنه قد ارسل إلى الرئيس بري سابقاً بطلب المساعدة في مسألة الحصول على تنازلات من الحزب تخدم موقع الحريري التفاوضي أمام الراعي السعودي.

المقربون من جو المعنيين بالنقاشات الحكومية، يؤكدون ان الامور ليست مقفلة بالكامل ولو طغت عليها التعقيدات الصعبة، مع ذلك ثمة إيجابيات كثيرة لكنها غير مرئية، والتعقيد الابرز يتصل بالدور الدولي الذي استجد مع حصول إنفجار المرفأ الذي رتّبَ على الفئة السياسية قواعد عمل مختلفة. إنطلاقاً من ذلك، قد يطول المسار الحكومي حتى يجري "تخمير التسويات التي يجري طبخها" بمبادرات دولية يُقال أنها تتحضر للدخول على المسار اللبناني من بوابة الزيارة المحتملة للرئيس الفرنسي.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
فرنجية ليس شيطاناً والياس بو صعب خسارة كبيرة... نائب عوني يحذّر من قنبلة ستنفجر ونداء إلى بري! 9 حافي القدمين... نائب سابق يتعرّض لسرقة "من نوع آخر"! (فيديو) 5 بالفيديو: إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في برج حمود 1
صور "تظهر" حجم الأضرار في القاعدة الإيرانية المستهدفة! 10 عصابة "خطرة" تنشط في طرابلس... بطلتها إمرأة! 6 مستجدات فصل بو صعب من التيار! 2
بشأن تعديل قيمة رسوم المعاملات... بيانٌ من الأمن العام! 11 بشار بطل عمليّة نصب كبيرة في طرابلس! (صور) 7 سيناريو "مُقلق" ينتظر مطار بيروت... إنذار خطير وأيام حاسمة! 3
القضاء يهدر جهود القوى الامنية… اخلاء سبيل عصابة خطف 12 "النكزة الأخيرة"... منشورٌ "ناريّ" للسيّد! 8 زياد أسود يكشف خلفيات "فصل" بو صعب وعن "حضانة" باسيل: ما حدا باقي! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر