Beirut
16°
|
Homepage
أبعدُ مِن "مَعركة أشباح"...
عبدالله قمح | الجمعة 28 آب 2020 - 3:00

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

ما قامت به إسرائيل في الأسبوعين الماضيين جنوباً، من افتعال مناوشات عند الحدود، فضلاً عن أنه ناتج عن حالة الهلع التي تحتل نفوس قيادته من إحتمالات تنفيذ المقاومة لتهديداتها رداً على إغتياله المقاوم علي محسن في محيط دمشق، كذلك، تنطوي عنه قضية أخرى بأبعاد أخرى لا تقل أهميةً وقائمة من الأهداف تريد تل أبيب تحقيقها.

مناسبة هذا الكلام، تزامن الفعل العدائي وموعد طرح التجديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان سنة إضافية (تريد واشنطن وتل أبيب أن يخضع التجديد لقائمة شروط كل 6 أشهر). لإسرائيل مصلحة في نقل مهام اليونيفيل من حالة مراقبة وتسجيل إلى بحث وتنقيب عن أسلحة المقاومة ودهم أماكن يشبه بوجودها فيها، كما لها أهدافاً بعيدة المدى، أبعد من قضية اليونيفيل على وجه التحديد. وفي ظل فشل كافة المحاولات المدعومة أميركياً في السنوات الأخيرة، ارتأت هذه المرّة إدخال تعديلات جوهرية على سياق عملها، علّ ذلك يؤمن لها مطلبها، معتقدةً أن الظرف العسكري في الجنوب يؤمن لها ذلك.


الهجمات التي شنّت في بداية الشهر الجاري ومعركة "الأشباح" التي افتعلتها تل أبيب ليل 25 – 26 الجاري وما تخلّلها من عمليات استهداف وقصف طالت الأراضي اللبنانية، تصب في هذا الاتجاه بل في أكثر من إتجاه. تريد تل أبيب أن تقول أنها مهددة بسلاح حزب الله، لذا يتحتّم على الجانب الدولي التعامل مع الموقف كما تمليه مفاهيمه، اي اعتبار حزب الله مصدر خطر. لذا فإن أي تعديل في جوهر القرار يمنح الاسبقية لإسرائيل التي سيُتاح لها التعامل مع سلاح الحزب بأريحية أكثر، كما سيمكن اليونيفيل من الوصول إلى نقاط لم تكن قادرة على الوصول إليها سابقاً، وهذا يسجل ضمن لائحة المكاسب الاسرائيلية، أقله هكذا تظن! لكن ما حمله مشروع قرار التجديد المقدم فرنسياً، لم يرتقِ إلى ما تأمله إسرائيل، ولو أنه تضمن في بندٍ منه توسيع المهام كأن تصل اليونيفيل إلى شمال الخط الأزرق بشكل كامل وتجري عمليات بحث بالتنسيق مع الجيش اللبناني.

ولو أن الترجيحات تصب في إتجاه تمرير المشروع كما ورد، ولو أن التصويت لم يحصل بعد، الا ان تمرير بند من هذا النوع يُعد مفارقة لا يجب أن تكون مقبولة لبنانياً كي لا تصبح السابقة عرفاً.

ومع عدم تبني المقاومة لأي دور فيما جرى عند الحدود، يسود الاعتقاد أن ما حدث قد يكون فعلاً مدرباً من تل أبيب يتجاوز قضية التجديد لليونيفيل، كأن الهدف من ورائه تمرير أهداف تحت مظلة ردّ حزب الله وتزامن موعد التجديد، ليس في المقدور تمريرها في الحالات العادية.

الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وفي خطبة الليلة السابعة من عاشوراء، مرّر رسالةً من هذا النوع، أو بالاحرى لمّح إلى شيءٍ ما حين اعتبر أن ما حصل في الجنوب "أمر مهم وحساس لدينا لكن لن أعلق عليه الآن وسأترك ذلك إلى وقت لاحق"، معنى ذلك أن إسرائيل كانت ترمي إلى شيء أكبر من السياق الذي برّرت فيه عملها، وعلى الأرجح "دقّت" بمواضيع حساسة للمقاومة.

بيان قيادة الجيش أفصح عن جزء من الرغبات الاسرائيلية المستترة، حين بيّن أن "مروحيات تابعة للعدو الإسرائيلي إستهدفت بعد منتصف ليل 25 ـ 26 آب/أغسطس 2020 مراكز تابعة لجمعية" أخضر بلا حدود" البيئية داخل الأراضي اللبنانية، وذلك عبر إطلاق ثلاثة صواريخ في خراج بلدة راميا وثمانية صواريخ في خراج بلدة عيتا الشعب، وهو الأمر الذي برّره الاسرائيلي ووضعه في إطار الرّد على إطلاق نار "من الجانب اللبناني"، لم يحدث سواء لدى الجيش او اليونيفيل، أن توفّر إثبات حوله حتى اللحظة، ما عرّضَ الرواية الاسرائيلية إلى الشك، كمثل الرواية الأولى حين جرى الادعاء باستهداف دورية بمحيط مزارع شبعا مطلع الشهر الجاري.

أكثر من مصدر متابع، لا يتقبّل فكرة ربط الحادث الأخير تحديداً وإستخدام عينة نارية بشكل واسع من قبل إسرائيل، بحالة الهلع أو درجات الوهم التي يشعر بها العدو وسببها يعود إلى الضغوطات المتراكمة من تأخر رد المقاومة، بل الفعل الذي وقع ذات أبعاد أخرى ومحضّر له تريد تل أبيب تظليلها بهذا الجو لتمنح نفسها الذريعة، الذريعة في تحقيق أهداف –في ظنها- قد لا يتوفّر تحقيقها في زمن مختلف، منها إدراج "أخضر بلا حدود" على لوائح إستهداف اليونيفيل إنطلاقاً من بند "التفتيش"، وقد يكون نصرالله قد ألمح إلى ذلك في سياق كلامه الاخير. هذه الرغبات تفصح عنها حقيقة التعليقات التي قدمها معلقون إسرائيليون حيال الحادث والتي حظيت بتغطية واهتمام واسع من جانبهم، إذ كان تركيزهم محدداً صوب إستهداف "نقاط مراقبة تابعة لحزب الله منتشرة تحت غطاء جمعية "أخضر بلا حدود" مع تشديدها على فرضية "القنص" غير المثبتة، لا من جانب الجيش اللبناني ولا من جانب اليونيفيل، بل أن تل أبيب، ما زالت حتى اللحظة تتهرّب من تقديم دليلها الذي يدعم روايتها.

ما يستدعي الشك حول الرغبات الاسرائيلية تركيز إعلام العدو على قضية "إستهداف نقاط لحزب الله"، لكنها في الحقيقة نقاط لجمعية بيئية تقول تل أبيب أن المقاومة تستغلها في أعمال مراقبة الحدود، ما يعني ان إسرائيل قد تكون في طور نقل نشاطها الأمني والعسكري نحو منح نفسها حصرية إستهداف نقاط الجمعية على طول الحدود، وفق الذريعة أعلاه، وبتغيطة أميركية صريحة بدأت حين ساد التهديد بإدراجها على لوائح العقوبات.

ما يعد لافتاً، تبني أطراف لبنانية لوجهة النظر الاسرائيلية كما هي، والتركيز في اليومين الماضيين على إستهداف الجمعية بمقالات تحوم حولها الشكوك وتدور كلها حول نقطة واحدة "استغلال الحزب لاسم أخضر بلا حدود ونشاطه تحت اسمها"، وكأنها تستدرج أسباباً لتبرير أي نشاط عدواني مستقبلي لتل أبيب . هنا عودة إلى إشارة السيد حسن نصرالله حول "الأمر الحساس والمهم"...
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
هذا ما يحصل متنياً 9 سقطة غير مبرّرة لنائب التغيير... من أنتَ؟ 5 الضاحية الجنوبية تغلي عسكريًا: تفاصيل ليلة سقوط "السفّاح"! 1
تعميم أوصاف جثّة رجل مجهول الهوية... هل من يَعرف عنه شيئًا؟ 10 لاعادة النازحين وكشف خبايا جريمة سليمان... تعاون بين الدولة اللبنانية والسورية! 6 الأب إيلي خنيصر يُحذّر من الشهر "المزاجي"... أسبوعان مجنونان بانتظاركم! 2
الشامي يكشف عن موعد حصول لبنان على دعم مالي! 11 مذكرةٌ من ميقاتي بشأن عطل رسمية... اليكم التفاصيل 7 بالتفاصيل… شعبة المعلومات تفك لغر فرار داني الرشيد 3
الحلبي يعلن أيام العطلة في عيدي العمل والفصح الأرثوذكسي 12 بعد إصابته بجروح خطرة جراء طلق ناري... نقل كينجي جيراك إلى المستشفى! 8 "الحالة كانت خطيرة جداً"... الحريري يتعافى 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر