Beirut
16°
|
Homepage
حسّان دياب... الضَربةُ الأخيرة
عبدالله قمح | الجمعة 11 أيلول 2020 - 1:00

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

بدأ رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب يحصي ما تبقى له من أيام في السراي. سيمضي الرجل إلى بيته مرتاح البال، على الأقل لن تلاحقه تهم نهب اموال الخزينة العامة والاثراء غير المشروع إلى عتبة منزله الصغير في تلة الخياط. أصلاً لا داعي للهلع! الرجل لم ينزل القصر إلا من مبارح العصر!

سيسلّم الراية إلى مصطفى أديب. يمكث هذا الأخير في السراي أم لا هذا شأنه، المهم أنه سيستلم راية "ممزقة" في دولة تنمو فيها "طحالب" الفساد في مختلف المؤسسات و"تعشعش" في كافة الادارات كالفطر، والاهم أن حسان دياب دخل إلى "عنبر" النادي السياسي الوسخ وخرجَ منه بطقمٍ نظيف!


يعجبك أم لا هذا حديث آخر... اصلاً الرجل حَمل وحُمّلَ أكثر مما يحتمل. البعض رمى عليه ثقل أزمات عمرها ٣٠ عاماً. لا يهم. المهم أنه دخل إلى نفق ظناً منه أن في الإمكان اصلاح ما خرّبته دهور ليكتشف متأخراً عجزه من ذلك، فخرج منه مثقلاً بالجراح السياسية. هنا لا نعلم إذا ما كان الرجل يفكر في السياسية بعد أن تبوأ ثالث أرفع منصب في الدولة لـ"يتبهدل" تاريخه به. أغلب الظن أنه سيغلق آخر صفحة من كتاب "إنجازات" غير مصور ويلعن الساعة!

تجربة يُقال بحقها الكثير ويقع على عاتقها الكثير. هنا نأسف أن تنهار أول تجربة رئيس حكومة "تكنوقراط" بهذا الشكل المريب.

بالنسبة إلى حسان دياب، المهم عائلته الصغيرة. هي تلعن الساعة بدورها. قبل أيام، قام أفرادها بتجميع أغراضهم الشخصية وغادروا السراي نهائياً إلى تلة الخياط. هناك، بدأت ورشة تنظيف المنزل، ولا بدَّ هنا أن تنظيفه سهل، أسهل من السراي الفسيح وأسهل من مطامر السياسة الوسخة التي يستحيل تنظيفها!

حسان دياب بدوره يتحضّر للرحيل. أغلب الظن أنه ليس نادماً. كوته ٧ أشهر في السراي. هذا يكفي. تقاعد الرجل باكراً. لن يعود للتعليم ولا إلى الجامعة، ربما سيتفرّغ للكتابة، لكتابة مذكرات ٧ أشهر قضاها في السراي بكافة شجونها وهمومها. المدة قصيرة لكنها طويلة بالنظر إلى تفاصيلها ويقال في حقها الكثير. لعل هذه ستكون ضربته الأخيرة في السياسة.

قبل أسابيع من إستقالة الحكومة نتيجة إنفجار الرابع من آب حظينا بلقاء مع دياب في مكتبه الواسع بالسراي. كان الرجل يومها لطيفاً ودوداً ومتعاوناً بخلاف غيره من السياسيين أصحاب "الانف المرفوع". كان متحمساً للعمل والانجاز بدليل الملفات والأوراق والمراجعات التي كانت مبعثرة على طاولة مكتبه. كان الرجل يفرغ لكل منها وقتاً محدداً ثم ينتقي المهم منها ليعين موظفاً للمتابعة وأحياناً "لجنة"، وما كثرة اللجان التي تندّر عليها اللبنانيون.

قيل لنا أن رئيس الحكومة يستيقظ عند الخامسة فجراً ويغلق عينيه بعد منتصف الليل. شتان بين هذا وسلفه. أحد العاملين في محيطه كان يشتم الساعة: "يوقظنا من الفجر ولا يدعنا حتى النجر.. أنه كابوس". جيد. اصلاً العمل في السياسة في هذا البلد كابوس!

تحدث دياب أمامنا عن مشاريع "مثيرة". كهرباء ونفط وإعلام وعسكر ومال وأعمال ومصارف وإصلاح قضائي وسياسي وإداري وما شاكل. خلطة عجيبة غريبة. عظيم. قلنا له أن المؤشرات لا تحمل على الاعتقاد باحتمال حدوث أي من هذا. تبسم وأجاب "كلو بدو وقت" تمنينا له التوفيق على كل حال، لكن الوقت كان أسرع، جاء ليطيح به. ما يمكن تدوينه في للتاريخ أن "بعبع الفساد" انتصر على ديناصور إصلاح! اقله، هكذا يراه معاونوه.

رغم كل تلك الاندفاعة، كان حسان دياب يعيش في عزلة سياسية شاملة. قل ما شوهدَ سياسيون يزورون السراي مثلاً. في زمن حسان دياب لم يعد مقر الحكومة محجّة ولا مركز للوشاية على هذا وذاك. حتى الاعلاميين كان قسم منهم يحاذر الدخول إلى السراي، لا من شيء سوى من خلفيات سياسية طبعاً. كان السراي هادئاً جداً، لا صخب إعلامي، لكنه كان مفعماً بالحيوية في الداخل، و"الشركاء القدامى" لحسان دياب يشهدون على ذلك. نقول "شركا"ء لأنهم لم يرتقوا مرّة إلى مستوى "حلفاء". يشكو دياب الغدر والطعن في الظهر، فما شاهده من معظمهم لا بد أن يزيد من شيب رأسه! هنا لا عزاء لمشطه الأسود أن يصلح ما أفسده دهر الشركاء.

في آخر أيام حسان دياب في السراي، ينكب على إجراء بعض المتابعات وتمرير تصريف الاعمال ضمن حدوده الضيقة ثم يهم في الإعداد لبعض الملفات التي يحتاجها سلفه. في النهاية، تقترب الحكومة الجديدة من ان تبصر النور، إن لم يكن اليوم فغداً. حسان دياب نأى بنفسه عن متابعة أي أمر ذات صلة بتشكيل الحكومة بشكل عميق، في الأساس هو ليس هاوٍ جيد للإعلام، بينهما مسافة. مع ذلك، يطلع أحياناً على ما يحصل بغية تحديد موعد مغادرته.

قبل أن يسلم مفتاح السراي خاض منازلة القضاء مع المحقق العدلي في تفجير المرفأ فادي صوّان. كان حسان دياب متعاوناً إلى درجة واسعة. عند مهاتفه من قبل المحقق العدلي لحجز موعد للاستماع إليه بصفة "شاهد"، طلب حضوره فوراً. بالعادة يهرول السياسيون هرباً من اي قاضٍ! عند حسان دياب اختلفت القصة، لا شيء عندي لإخفائه، تحدث بإسهاب حول ما حصل معه وعن مشاهداته والبلاغات التي تلقاها وتنذر بوجود خطر محدق في المرفأ. أجّل زيارته نتيجة "تقرير أمني" ثم كلف وزير الأشغال متابعة الأمر. حصل ذلك قبل أيام من حصول الانفجار.. لكن الموت كان أسرع! هل هي صدفة أم أمر مدبّر؟ للبحث صلة.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
بعد إصابته بجروح خطرة جراء طلق ناري... نقل كينجي جيراك إلى المستشفى! 9 صدمةٌ بين الأهالي... بلدة لبنانية تستفيق على مأساة! (صورة) 5 الضاحية الجنوبية تغلي عسكريًا: تفاصيل ليلة سقوط "السفّاح"! 1
المهندس "أبو علي" ضحيّة جديدة للإعتداءات الإسرائيلية! 10 هذا ما يحصل متنياً 6 يخضع منذ الصباح للتحقيق... والتهمة صادمة! 2
بعد فصل طالبة لبنانية من جامعة أميركية... دعوةٌ من إعلامي لبناني! (فيديو) 11 "رسائل خطيرة على الهواتف"... وتحذير جدّي إلى المواطنين! 7 بالتفاصيل… شعبة المعلومات تفك لغر فرار داني الرشيد 3
الشامي يكشف عن موعد حصول لبنان على دعم مالي! 12 "الثمن مُكلف جدًا"... لافتة تُثير الإستغراب في الغبيري! 8 "إجتياح من نوع آخر" لمدينة لبنانية! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر