Beirut
16°
|
Homepage
"قلوب مليانة" بين الحزب والتيار!
عبدالله قمح | الاثنين 19 تشرين الأول 2020 - 2:00

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

في موسم "الانتقالات الشتوية" بين الأندية واللاعبين في البيت الأبيض ومع دخول "العهد" موسمه الخامس ما قبل الاخير، قرّر التيار الوطني الحرّ إعتماد سياسة "التباعد السياسي" عن حلفائه حتى باتت سمة المرحلة "علاقات على القطعة".

من يراقب العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله في الفترة الاخيرة، لا بدّ له ان يلاحظ الاختلافات الجوهرية التي باتت تنبت كالفطر على ضفة الجانبين. غالباً، يتحمل مسؤولية تظهير هذا التباعد التيار، الذي ابتعدَ منذ مدة، وبشهادة العارفين، عن خطوط التنسيق العالي مع الضاحية ويكاد يتخذ لنفسه منطقة محايدة.


ثمة إدراك واضح لا لبس فيه داخل الضاحية، أن التيار يتخذ لنفسه موقعاً خاصاً، وبات محكوماً بالضغوطات الاميركية. هذا مفهوم من قبل حارة حريك إذ يريد التيار "ترسيم الحدود" في مجال تحييد بيئته عن اي الأخطار المحدقة، لكن ما ليس مفهوماً، اتخاذه خطوة في إطار ترسيم الحدود على مستوى العلاقة السياسية الداخلية في مسائل معينة يفترض أنه قد انجزَ الاتفاق عليها سابقاً.

من طالع مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً ظنّ أن ثمة خصومةً حادة تفصل بين الجمهورين الأصفر والبرتقالي لا حلفاً متيناً عمره ما يربو عن 16 عاماً. التباين في الموقف المتّخذ من تشكيل الوفد المفاوض بشكل غير مباشر إلى الناقورة تحوّل إلى لغة تخوين وتمنين وتحدٍ وإبتزاز من قبل الجمهورَين، خاصة البرتقالي الذي تعامل مع إعتراضات "الثنائي الشيعي" وبيانه الليلي رداً على تشكيل الوفد بمثابة "عدوان على رئاسة الجمهورية".

أن ينتقل حديث "التيارين" إلى التشكيك بمدى صلاحية المقاومة وسلاحها واتهامها بتغطية الفساد في سياق "تباين سياسي"، فيه تجاوز واضح حتى لأبسط قواعد التفاهم وتنظيم الخلاف بين حليفَين، وفيه تقصّد واضح بحكم طريقة تنظيم الاتهامات وتوزيعها، يرى متابعون ان الغاية منها كانت ابعد من إيصال امتعاض لجو سياسي معين من موقف سياسي ما، بل يكاد يبلغ الامر مستوى إبلاغ رسائل أبعد من ذلك بكثير وصولاً إلى التأسيس لـ "قاعدة تباين" مع الحليف أو إظهار "تمايز عميق معه". هذا الجو تتالت فصوله في أكثر من محطة، لا سيما بعد تفجير 4 آب.

في الحقيقة، الكلام أعلاه حفرَ عميقاً في وجدان "بيئة حزب الله" إلى حدود أنها ما عادت تميّز بين خطاب التيارين و "القواتيين"، إلى هذا الحد وصلت الأمور، ومعها بدأ سيل الاسئلة بالتراكم حول الأسباب التي دعت إلى "فتح الأبواب" للنشطاء البرتقاليين للتعبير عن مواقف سياسية "مكبوته" وفتح المنابر الإعلامية البرتقالية لشخصيات مستفزة لهذه للبيئة الحليفة في توقيت مدروس يفتح بدوره علامات الاستفهام.

وفيما جمهور حزب الله كان يتذمّر من الابتزاز الذي مارسه "التيار العوني" على مدى سنوات ومن تمنينه الدائم بالتغطية المسيحية المزعومة التي نال لقائها "التيار" اكثر مما ناله "الحزب"، لم يجد في المقابل من جانب الحليف اي تبرير منطقي لكل ما حدث سوى التجاهل المضاف اليه دخول "مسؤولين مفترضين" على خطّ نشر التغريدات المستفزة والتشكيك بالعلاقة مع حزب الله. كل ذلك قرأ من قبل جمهور الحزب على أنه بمثابة "تعبير صريح عن مواقف مضمرة يخفيها الجانب الآخر عن الحليف" أو انه يدعها متروكة للاستثمار وقت الحاجة بنية إبتزاز الحليف؟

عملياً، ما زال حزب الله حريصاً على إستمرار تنسيقه وتحالفه مع رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يحكم توازن العلاقة مع النائب جبران باسيل، ومن المبكر الآن قبل السنتين المتبقيتين من عمر "العهد" الحديث عن اي تبدل في المواقف. مع ذلك، لا شيء يضمن عدم دخول تغييرات على موقف الحزب بعد إنتهاء العهد، لا سيما مع ملاحظته التبدلات التي تدخل على "خطاب التيار"، فـ"الدين في رقبة الحزب" الذي يريد "التيار" تحويله إلى دفعات بالتقسيط المريح في المسار السياسي كقروض شخصية تُدفع على سعر صرف يختاره هو، بات لها صلاحية في ضوء ما يجري، وكلام أحد نواب "البرتقالي" عن المفاوضات المباشرة مع إسرائيل توقف عنده الحزب وسيؤسس عليه خطوات كبيرة في المستقبل.

في الواقع، لا يمكن لعهد ميشال عون قبل سنتَين من انتهائه وعلى أبواب "تسويق ترشيح جبران باسيل" ان يدخل في حالة صدام مع حزب الله أو أن ينهي عهده في حالة خلاف مع أكبر حزب وجمهور وربما أكبر طائفة لبنانية.

لم يتبق سواء للعهد أو التيار، حليف في هذا الوقت سوى الحزب تبعاً لموقف التيارات والاحزاب والمجتمعات السياسية الاخرى منه، فما هي المصلحة الآن من استعداء الحزب وجمهوره؟ هذا السؤال فتح باب التحليل على مصرعيه وبوشر البحث مالياً عن الاسباب الموجبة لذلك.

من دون أدنى شك، أن منصّات مواقع التواصل تخلق مساحات تفيد الاحزاب في تظهير مواقفها، لكنها في المقابل سيف ذو حدّين، فصحيح أنها توفّر مزيداً من الشعبية لكنه أيضاً وسيلة فعالة لتآكل هذه الشعبية والتأسيس لتباعد بين الجمهور، فهل هذا ما يريده التيار؟ وهل يستحق الفرار من سيف العقوبات والتقرّب من الجهات القائمة عليها بنية ارضائها، التأسيس لتباعد بين حلفاء؟

النصيحة من جمهور حزب الله والمقاومة إلى التيار هي في الذهاب نحو "مصارحة" الحليف في هواجسه وإعادة ترتيب العلاقة معه إن اضطر إلى ذلك بما يضمن لجم الاجواء السلبية التي شهدناها عبر مواقع التواصل لا إتخاذ هذه المواقع كمنطلقات لخلق هوة معه. بالنظر إلى الواقع الحالي، ليس ثمة معلومات تؤشّر إلى إغلاق الحزب لبابه. نظرياً، هو مستمع جيد، وعملياً، التيار أمام خطوة او فرصة لململة ما جرى.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
نائب يودّع العزوبية بعد أسابيع! 9 الرواية الحقيقية لـ "إنفجار دورس"! 5 طائرة تهبط في مطار بيروت وعليها عبارة "تل أبيب"! 1
مرة جديدة... الجيش الإسرائيلي يستهدف بعلبك! (فيديو) 10 عملية للحزب في عمق اسرائيل... صقور متفجرة تدك القاعدة العسكرية الأكبر! 6 "الإتفاق حصل"... بو صعب سيبلغ بري بهذا الأمر! 2
200 ألف مقاتل سوري يهددون لبنان.. ناجي حايك يتحدث عن "أمر كبير" طُلِب من الحزب ويكشف حقيقة جبران! 11 رواتب القطاع العام في خطر هذا الشهر! 7 صوت قوي "يوقظ" سكان الجديدة... ماذا حصل عند "ABDO"؟! (فيديو) 3
بعد إنتحار شاب... نائب يُثير موضوع ألعاب الميسر 12 الإثنين يوم مفصلي... هل يحمل البشرى؟! 8 أرسل صوراً لـ"القبة الحديدية"... هكذا خدعت طهران جندي إسرائيلي! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر