Beirut
16°
|
Homepage
الإستشارات: القوات تتّجه شرقاً!
عبدالله قمح | الثلاثاء 20 تشرين الأول 2020 - 5:00

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

كل المعطيات تجمع أن رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري أضحى رئيساً مكلفاً تشكيل الحكومة إنفاذاً للأمر السياسي الآتي من الخارج، سواء عُقدت الاستشارات النيابية الملزمة في موعدها المحدد يوم الخميس المقبل أو لم تنعقد.

مبدئياً، حُدّد الخميس موعداً ثابتاً للاستشارات على جدول أعمال كافة المرجعيات. ما يحول دون الموعد أمران: "فذلكة دستورية" تقف خلفها الدائرة القانونية في القصر الجمهوري، وهو "إجراء إنتحاري" لن يقدم عليه سوى مجنون، أو حدث إستثنائي له القدرة على قلب صورة التفاؤل إلى جمود.


بمعزل عن ذلك، إننا أمام عرفٍ سياسيٍ جديد اسمه "التكليف قبل الاستشارات" ابتكرته مجموعة المرجعيات السياسية وّثبتته بالتكافل والتضامن فيما بينها، معطوفاً على مدٍ خارجي كان كفيلاً بوضع الدستور الذي اقسمَ رئيس الجمهورية صونه "على الرّف". بالتالي، نحن أمام مقدمة لاعادة حياكة الدستور ولو عبر الشروع بتطبيق بعض البنود المعدلة جينياً بالممارسة، تمهيداً لترتيب جو عام يسمح ربما بطرحه على الطاولة لاحقاً.

طبعاً، ما دامت القوى السياسية عينها المسؤولة عن تركيز دعائم الانهيار في البلاد، مسؤولة ايضاً عن إعادة صياغة وترجمات مستحدثة للدستور، معنى ذلك أننا أمام إستمرار للحالة الشاذة القائمة، وهذا يقود إلى أن أي تغيير محتمل في النظام من الداخل محكوم بتكرار انبثاق السلطة نفسها وإعادة انتاج الطبقة ذاتها، لكن بآليات مختلفة وتحت رعاية دولية لا تختلف كثيراً عن تلك التي رعت النظام نفسه سابقاً.

إذاً، وفي زمن السعي وراء إصلاح ذات البين في المبادرة الفرنسية، تحولت الاستشارات النيابية الملزمة إلى إجراء تقني "تحصيل حاصل" بفعل إتمام القوى السياسية مراسم تنصيب الحريري رئيساً مكلفاً تأليف الحكومة لكن مع وقف التنفيذ حتى يجري تأمين التفاهمات مع الشق المعارض في السلطة، لاتمام عودة الحريري بنسخته الجديدة، والذي يبدو أن الاعتراض على عودته يقوم على مزيجٍ من الخلاف السياسي والشخصي. حتى ذلك الحين سيبقى التكليف معلقاً.

تمسك الحريري بترشيحه فرض معطيات جديدة على المعارضين سواء من التيار الوطني الحرّ أو القوّات اللبنانيّة. استلال سيف الميثاقية وإسقاطه على الطاولة السياسية لعبة لم تعد تنفع. كل التقديرات تقود إلى أن قصر بعبدا فقد الذريعة لتأجيل الاستشارات موعداً إضافياً. أضف إلى ذلك أن الضغط الذي مورس من قبل "الرباعي" المؤيد للحريري المحسوب ضمناً على 8 آذار، جعل من قدرات قصر بعبدا في التأجيل محدودة وباتَ محكوماً بسقف السير في الموعد لا محال.

بالنسبة إلى التيار الوطني الحرّ، يجد أن عودة الحريري إلى السراي أمر مفروغ منه، ومعارضته اللانهائية لتلك العودة، لن تُسقط التسمية ولا تصلح إلا في تأخير الموعد. لذلك يجد في مصلحته، الرهان على نتائج "التأخير المحدود" من أجل تعزيز شروطه لاستثمارها لاحقاً في الدخول إلى مسار التفاوض بسقف عالٍ تعزيزاً لموقعه في الجزء الثاني من التسوية في البلاد.

الطرف الثاني (أي القوات)، تُدرك أن محاولة إيقاف "قطار التكليف" سيرتّب عليها أضرار بالجملة، لذلك عادت إلى صلب الواقعية السياسية مبديةً تفهماً للحالة السياسية الراهنة مع موافقة مبدئية على عودة الحريري "مرشح 8 آذار" عملياً، ولكن من دون أن يكون لها أي موقف مباشر يؤيد تلك العودة. كلام عضو كتلة الجمهورية القوية النائب ريشار قيومجيان أمس يوحي بهذا الاتجاه بقوله أنه و "بمجرد مشاركة نواب كتلة الجمهورية القوية في الاستشارات النيابية يعطيها الميثاقية المطلوبة سواء سمّى التكتل الشخص الذي سيكلف أو لم يسمه".

"القوات" بموقفها هذا تكون قد سلّفت الحريري موقفاً "نصف إيجابي منه" بمجرد حضورها في الاستشارات. يُعاد ترتيب العلاقة بين معراب وبيت الوسط أم لا هذا حديث آخر.

السؤال الآن: ما هو الدافع الذي حتّم على القوات "إعادة ادلجة" مفهومها السياسي تجاه الاستشارات؟ للأمر صلة بأكثر من جو خارجي، يبدأ بفرنسا التي نقل عنها رغبتها بإنجاز تكليف الحريري سريعاً، ولا ينتهي بالولايات المتحدة الاميركية وكلام مساعد وزير خارجيتها لشؤون الشرق الادنى ديفيد شينكر في بيروت الذي أدرج في خانة "الايجابي"، فهل قرأ "الحكيم" الرسائل الاميركية حتى بنى عليها في قراره تليين موقفه السياسي قليلاً؟

عملياً، حسابات معراب دقيقة في هذا المجال. هي لا تريد التراجع الكامل عبر إعلان موقف صريح يقوم على القبول بعودة مشروطة للحريري مخافة ان تفقد مصداقيتها أمام شارعها، في الوقت عينه لا تريد إظهار نفسها بصورة أنها تسير بعكس إتجاهات الرياح الدولية في لبنان، لذا وجدت التخريجة الاسهل والاقل ضرراً، في تأمين الميثاقية للاستشارات.

في المقابل، فعل كهذا يمكّن معراب من تسجيل نقطة في شباك بعبدا. في الدرجة الاولى ستنتزع من رئاسة الجمهورية الاهلية في تأجيل الاستشارات للسبب ذاته التي اجلت على اساسه في المرة الماضية، اي غياب الميثاقية المسيحية. عملياً تسحب معراب هذه الذريعة من القصر الجمهوري وتثبت موعد الاستشارات وتحرج بالتالي التيار الوطني الحرّ الذي لم يعد لديه سوى محاولة واحدة: عدم المشاركة في إستشارات التكليف لتسجيل موقف.

لكن ذلك، بشهادة أكثر من مصدر، لن ينسحب على "مشاورات التأليف" النيابية المرجّح ان لا تكون سهلة. منذ الآن بدأت الاتصالات لتكوين نواة إلتقاء بين الحريري ووفد "تكتل لبنان القوي". لا بدّ في حال بحث وجهة نظر "التيار" من الحكومة أن يحكم ذلك تواجد شخصي للوزير جبران باسيل. فهل يحدث ذلك؟

معظم التسريبات حتى الآن توحي باحتمال حدوث ذلك. البداية تبقى في تأمين "تفاهم سياسي" بين عون والحريري يجري ترتيبه على هامش الاستشارات. مثل هذا التفاهم هو الممر الالزامي لتليين مواقف "التيار" الذي تلقّى نصيحة بعدم الوقوف أمام قطار "يسير بأقصى سرعة".
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
بعد قطعه جثة زوجته ودفنها في الحديقة... قوى الامن توقف القاتل 9 القضاء يهدر جهود القوى الامنية… اخلاء سبيل عصابة خطف 5 بالفيديو: إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في برج حمود 1
"خلافا للشائعات"... صواريخ "العراق" تكشف خفايا الهجوم على ايران! 10 "بالشتم والضرب"... كاهنان يعتديان على المهندس رولان غسطين 6 إقامة دائمة لـ "السوريين" 2
"جزءٌ مهمٌ من منظومة الدفاع الجوي"... تقريرٌ عن اضرار الهجوم الإسرائيلي 11 فرنجية ليس شيطاناً والياس بو صعب خسارة كبيرة... نائب عوني يحذّر من قنبلة ستنفجر ونداء إلى بري! 7 هجوم مسلح في الاشرفية... اليكم التفاصيل! 3
ثاني رائد فضاء عربي يفارق الحياة! 12 صور "تظهر" حجم الأضرار في القاعدة الإيرانية المستهدفة! 8 زياد أسود يكشف خلفيات "فصل" بو صعب وعن "حضانة" باسيل: ما حدا باقي! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر