ليبانون ديبايت- روني ألفا

جو بايدن جاهزٌ لقيادةِ العالم على ما صرّح. أخيراً لمّحَ دونالد ترامب بأنه مستعدٌ لنقلِ السلطة. كادَ ترامب يتحوّلُ إلى مستأجرٍ غير قانوني لمأجورٍ رئاسيٍ في واشنطن. النموذجُ اللبنانيُّ تستأنسُ به أقوى دولةٍ في العالم. وزارةُ ُمهجّرين لم تنجحْ بعدَ ثلاثينَ سنةٍ من إخلاءِ منازلَ مُصادَرةٍ في الجبل بعد أن وضعَتِ الحربُ أوزارها بحججٍ متعددة. مصادرةُ البيت الأبيض كادت تتسببُ بإختراعِ وزارةِ مهجرين أميركية. المهم أن ترامب سيرحلُ من دونِ دعوى إخلاء. إخلاءٌ للمأجور بالتراضي.

متى يخلي أهلُ السلطةِ في بلدنا المأجورَ الذي صادروهُ منذ عقودٍ ثلاثة؟ البعضُ بدأَ مِن قبيل السخرية يعوّلُ على الله سبحانه وتعالى من حيث هو قاضي القضاة. أن يستَرِدَّ الله أمانَتَهُ وأن نتأكّدَ بالدليلِ الداغمِ وبالكَشفِ على الجثةِ بأنَّ الوفاةَ غيرُ مزيّفةٍ أقربُ وسيلتَين للتصديق أن احتلالَ لبنان من الطبقةِ الحاكمةِ انتهى.

على سيرةِ الإخلاء. نظارةُ بعبدا خالية. كادَ المساجينُ يودعونَ الحرّاس زنازينَهُم ويقفلونَ عليهم قبل الهروب. تعرفتُ على وجهٍ سَموحٍ من بين الموقوفين قيل أنه متخصصٌ بفتحِ الغالاتِ والأقفالِ وأنه خبيرٌ دوليٌ بسرقةِ السيارات. سماحته سيكونُ مفيداً للبلد اذا نجحَ في فتحِ الأقفال التي توصدُ أبواب السراي الحكومية أمام الحكومةِ المنتظرة. أن يتعلّمَ بعضُ أَهْلِ السلطة سرَّ المهنةِ من صاحبِ الوجهِ السموح هذا هو أن يتعاونوا مع زميل عزيز.

بالإمكان أيضاً إذا تآلفتِ الرؤى وتوافقتِ الأطباعُ أن يؤلفوا معه نقابةَ فاتحي الأقفال. هو يُفتَحُ السجون وهم يفتحونَ الخزنات. سجناءٌ طلقاءٌ في بعبدا ربما أكثرُ أخلاقاً وآدميةً من طلقاءٍ يديرونَ سجناً فيه شعبٌ بأكمله. بالطبعِ سيتمُّ إلقاءُ القبضِ على أغلبِ الحراميَّةِ الصغار الذين هربوا . من يلقي القبض على الحراميَّة الكبار؟ هؤلاء يسرقوننا كل يوم وبدلَ أن يودعوا السجون تقامُ لهم الولائم.

لبنان مقفلٌ بغالٍ سميك. كلُّ مبادرةٍ فيه قنبلةٌ موقوتة. ممنوعٌ في لبنان المسّ بنظامٍ أثبتَ أنه مَطليٌ بالجنزار. لبنان موصَد بقفلٍ مِن دون فتحة. لا مكانَ فيه لدخولِ المفاتيح. صُنِعَ بالأساس لِيُكسَر. بالكسر والخلع فقط يمكنُ إصلاحُ لبنان. داحس والغبراء اليوم على قانونِ الإنتخاب. مطلبُ الثورةِ كان قانوناً انتخابياً عصرياً خارجَ القيد الطائفي. تمَّ اقتراحُ الدائرةِ الواحدة فقامتِ القيامة. فجأةً صارَ القانونُ العصريُّ قانونَ عصرٍ لطموحاتِ الأحزابِ الطائفية. دولةٌ مدنية أم دولة طوائف؟ عبثاً. في لبنان رغبةٌ انتحاريةٌ دائمةٌ بالتغيير مع التفجير. أيُّ تغييرٍ يمرُّ بالمؤسساتِ الدستوريةِ لا يراعي نَهَم حرَّاسِ الطوائف وحصصِ أمرائها يدخلُ في الحَجر. دون لبنان ودونه الغالُ نفسُه. غالٌ بِلا مفتاح.

في هذا الوقتِ المستقطعِ بين زعيمِ نظارةِ بعبدا وبعضِ زعاماتنا بدأَ اللبنانيون يشترونَ الخضارَ والفاكهةَ بالقطعة. كنّا نتندّرُ أيامَ العزِّ عند تجوُّلِنا في أسواقِ أوروبا على شعبٍ يشتري نصفَ موزةٍ وربعَ تفاحةٍ وجزرةً واحدة . دخلنا اليوم بسببِ إرتفاعِ أسعارِ الخضارِ والفاكهةِ عصراً جديداً. انتهى عصرُ الكيلو وبدأَ عصرُ الحبَّة. أن ترى جاطَ فتّوشٍ على المائدةِ فذلك إحدى علاماتِ العائلاتِ الميسورة. أحدُ الأصدقاءِ فاتَحَني بمشروعٍ تجاريٍ مبنيٍ على بيعِ فضلاتِ السوبرماركات للمستهلك. قرمياتُ الجانبون والحبش والمرتديللا وبقايا الخسِّ وفاكهةِ كعوبِ الصحاحيرِ التي كنا نأخذها معنا لكلابنا وسلاحفنا ستكونُ معروضةً على تطبيقٍ عصريٍ للإستهلاكِ البشري. فايسبوك وإنستاغرام سيساهِمانِ في التسويقِ لهذا الإقتصاد الجديد. إقتصادُ الفقر المدقِع.

الفقرُ المدقِعِ نفسُهُ دفعَ بإيلي وليوناردو من الدفاع المدني الى القبولِ بمهمةِ تنظيفِ بئر في بلدَةِ الجيّة. ماتا اختناقاً. أرادا تقاسم مبلغٍ زهيد لأن الزعماء قطعوا عنهم الهواء. كان البئرُ أشد فتكاً. خنقهما معاً وهما في عزِّ ريعانِ الشباب. إيلي وليوناردو نموذجانِ عن آلافٍ من الشباب الذين دفَعَهُم المسؤولون إلى قعرِ البئر كما قدرُ يوسف. بئرٌ ليته يتّسعُ ليبلعَ الطغمةَ التي نزعتْ لحمنا عن عظمِنا ولم تترك لنا فسحةَ أملٍ إلا واحتلّتها. مِن قاعِ البئرِ شعب يصرُخ: هل من يدٍ إلينا تُمّدّ؟