"ليبانون ديبايت" - علي الحسيني
بمجهود غير مسبوق من السلطة الحاكمة، تحوّل لبنان إلى بلد مفتوح على كل الإحتمالات، فما فعلته هذه التوليفة السياسية حتّى اليوم أنها وضعت البلد على حافّة الإنهيارات المتعددة وراحت تتفرّج عليه وهو يسقط من دون حتّى أن يرفّ لها جفن ولا ان تسقط لها دمعة أقلّه على الجرم الذي اقترفته يدها في وصول الوضع الاقتصادي الى هذا الحد، أو على ضريح طفل سقط نتيجة إهمالها وإجرامها في ما يتعلّق بتفجير المرفأ.
لا بوادر أمل ولا حلول تُرتجى في الوقت الراهن، حتّى المبادرات التي كان يُعوّل عليها لإخراج لبنان من محنته، ضاعت هي الأخرى في دهاليز المصالح الطائفية والمذهبيّة والحزبيّة، وبات الرهان على أعجوبة سماوية تُنهي عهود التسلّط، الرجاء الوحيد للتخلّص من المرض السياسي المُعدي الذي تفشّى في المؤسسات وإدارات الدولة، وبات يُهيمن على الحياة بكل جوانبها ويتحكّم بكافّة مفاصلها، لدرجة أنه تحوّل إلى شرط أساسي للنجاح في مؤسّسات الدولة.
العلّة جمعاء وقوامها موجود لدى جميع الأطراف السياسيين والحزبيين، لأن أهم الأُسس التي يُشترط أو يُفترض تواجدها لبناء الدولة وهي قيادة موصوفة بالصدق والاخلاص للوطن وليس للخارج والعمل للمواطن وليس للمحسوبيات، جميعها أمور تفتقدها البلاد في ظل "عصابة" تُهيمن على الرغيف والدواء والغذاء وتتلاعب بسعر صرف الليرة طبقاً لحساباتها المالية والسياسية واستنباط القوانين وفقاً لحساباتها المذهبيّة الضيّقة، بالإضافة إلى تحويلها الطوائف الى متاريس تتلطّى خلفها وبإسمها عند "الحشرة".
كانت ثورة 17 تشرين ربّما الخرطوشة الأخيرة التي امتلكها الشعب في حربه مع السلطة المُمتدة منذ عشرات السنوات لتغيير واقعه المأزوم، حتّى نافذة الأمل هذه جرى إغلاقها على يد العصابة الحاكمة التي حوّلت موجات الغضب البشرية التي امتدت من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، إلى ساحات فرز طائفي ومذهبي تُعبّر فيها كل مجموعة عن مشروعها الحزبي الخاص، خدمة لهذا المسؤول أو ذاك الزعيم، في حين أن الأزمة المعيشيّة والاجتماعية قد أصابت جميع الطبقات بمن فيهم أولئك الذين تكفّلوا بزرع بذور الشقاق داخل أماكن الاعتصام وفي الساحات العامة.
بالإضافة إلى الحرب الاقتصادية التي تشنها السلطة السياسية على شعبها، ثمة حرب من نوع اخر تستجلبها هذه السلطة لتزيد من الأزمات وهي حرب التهديدات الخارجية وتأتي في طليعتها الإسرائيلية بحيث لم يعد يمر يوم من عمر اللبنانيين إلا وتتصدر لوائح التهديدات العناوين على وسائل الإعلام وأخرها تهديد وزير الحرب الإسرائيلي، استعداد بلاده لضرب البنى التحتية للدولة اللبنانية، إذا ما نفذ "حزب الله" أي عملية ضد إسرائيل.
العديد من الشخصيّات المعنيّة بثورة 17 تشرين والتي ما زالت تجهد في سبيل تحقيق أبرز أحلام الثورة وهي إزاحة كل هذه السلطة عن الحكم على الرغم من المعوقات الكثيرة التي توضع في طريقها في سبيل منعها من الاستمرار في حلمها، ترى أن التحرّر من هذه السلطة أصبح حلم كل مواطن، حتّى الذين يُكابرون على هذه الأحلام، هم في مكان ما متضررون من إجرام السلطة بشكل أو بأخر. فعلى سبيل المثال، لا توجد عائلة أو فرد إلا وتأثروا بلقمة عيشهم، أو فقدو قريب أو صديق أو أحد معارفهم خلال تفجير المرفأ.
وبحسب الشخصيّات فإن الثورة مُستمرّة ومكمّلة في طريقها حتّى تحقيق الهدف وهو إزاحة هذه السلطة من مكانها، وعلى الرغم من تراجع الأداء في محطّات كثيرة وذلك نتيجة القهر والضغط الذي تتعرّض له السلطة، إلّا أنها تظلّ حالة معينة بحيث تقوم بين الحين والأخر بالنزول الى الشارع لتذكير الناس بواجباتهم تجاهها وبأسباب الدعوات لنزولهم إلى الشارع والأرباح التي حققتها بالمعنى السياسي لأنه ومن خلال الضغوط التي مارسناها وبتأييد دول الخارج لمطالبنا والاعتراف بحقوقنا، أصبحت هذه السلطة في مكان ما، عاجزة عن القيام بأي خطوة على صعيد تأليف الحكومة، خشية من ردود فعلنا وردود الفعل الدولية، وأبرزها "بطاقة" العقوبات الجاهزة لكي تُرفع في وجوههم جميعهم.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News