Beirut
16°
|
Homepage
فرص عمل في إثيوبيا
روني الفا | الاثنين 30 تشرين الثاني 2020 - 3:00

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

كالنارِ في الهشيم انتشرَ فيديو عاملاتٍ منزلياتٍ إثيوبياتٍ يتندّرنَ ويتنمَّرنَ على بناتِ جنسهنَّ اللبنانيات. وجَّهنَ لهنَّ دعوةً للعملِ المنزليِّ في أديس أبابا على خلفيةِ تدهورِ عملتنا الوطنية إزاءَ الورقةِ الخضراء. بالفعل صارَ الشغلُ الشاغلُ لأربابِ ورباتِ البيوتِ الذين شملتهم حظوةُ استخدامِ عاملاتٍ منزلياتٍ في بيوتهم تجميعُ ما تبقّى لهم من أعصابٍ والوقوفُ في الصباحِ الباكرِ أمامَ محلاتِ الصيرفةِ لتبديلِ ليراتهم بدولاراتٍ طازجةٍ تُسلّمُ الى العاملةِ المنزليةِ أو إلى أحدى شركاتِ تحويلِ الأموال.

مثيرةٌ لجدلٍ سوسيولوجيٍ سيكولوجيٍ رداتُ فعلِ العديدِ من اللبنانيين على التهكّمِ الذي تعرضوا له ممن يُعتَبَرُ بنظرِ أغلبِهم عرقٌ وُضِع بسليقته وسببِ وجودِه برسمِ تجارة الرِّق. كثيرٌ مما قيلَ على لسانِ اللبنانيينَ واللبنانيات تركّزَ على الخير الذي أغدقته البيوتُ اللبنانيةُ على أشخاصٍ " أبوريجان " يصحُّ تشبيهُهم بالهنودِ الحمر في أميركا وقبائل المندروكو الأصليين على حوض نهر الأمازون. هؤلاء لم يُعتَقوا من عبوديةِ شظفِ عيشهم إلا في بيوتنا ولم يسلكوا درب الحضارةِ والتمدّنِ إلا عندنا. كنا لهم بمثابةِ طريقِ الحرير وها هم يبادلوننا نكرانَ الجميلِ ويبتزوننا في عقرِ دارنا.


ليسَ أدقُّ من " البارانويا " في علم الباثولوجيا النفسية لتشرَح أصلَ وفَصلَ هذا الخطاب المتأصّلِ في العنصرية. لطالما اعتبرنا أنفسَنا نحن اللبنانيين عِرقاً هو الأقربُ الى الآريّةِ منه إلى الأعراقِ المتبقية. فصيلةٌ من النبلاءِ والشرفاءِ فيهم من بأسِ الرومان نطفةً وحكمةِ اليونانِ خزعةً وتفوّقِ الجرمان جرعةً . هذا دون أن نضيفَ على هذا الخليطِ الإستثنائيِّ جذورَنا الفينيقية الهجينة. باختصار نحنُ كل ما من شأنه أن يحلّلَ لنا الإنتفاضَ على عقدِ العملِ الموحّد الذي أنجزته وزارةُ العمل مؤخراً فأعتقتْ بموجبهِ أَسرَ العملِ المنزليِّ وأدرجته ضمنَ مندرجاتِ قانونِ العمل مع صَونِ كاملِ حقوق هؤلاء الذين ما تَزالُ تُحتَجَزُ جوازاتُ سفرهم وأوراقهم الثبوتية لدى مخدوميهم من دونِ أي وجهِ حق. مرّةً جديدة تتغلبُ العنصريةُ على الحق وتناصرُ العبوديةَ في جَورِها على الحرية ومرة جديدة تسحَقُ مصالحُ مكاتبِ الإستخدام جهودَ وزارةٍ تواكبها منظمةُ العملِ الدولية ومنظماتٍ إنسانية. نحن شعبٌ مفلِسٌ حضارياً نمارسُ بغاءً أخلاقياً بحقِّ شعوبٍ تحملُ في جيناتها حضارةً ضاربةً في التاريخ.

في إحدى التجلياتِ الوقِحَةِ لسلوكنا الطائفي " يوصّي " العديدُ مِنّا على العاملاتِ وفقَ مواصفاتٍ لا تتناقضُ مع خاناتنا الطائفية. إثيوبيةٌ أو إفريقيةٌ من هذا الدينِ أو ذاك تِبعاً لطقوسنا ولاهوتنا وناسوتنا. إذا حدثَ أن كانت " البضاعةُ " التي نطلبها مقطوعةً نتوكّلُ على الله ونقولُ بعد فترةِ تجربةٍ ناجحةٍ " مسلمة بسّ آدميّة " أو " مسيحيّة بسّ آدميّة ". هذا ما نحنُ عليه في قرارةِ بيوتِنا ونفوسنا ولذلك لا يُرجى منا إصلاحٌ ولا تُبتَغَى مِنّا مواكبةٌ لأيِّ حلمٍ وطنيٍ مدنيٍ إنساني.

نلومُ حكّامَّنا وننسى أنه كما نكونُ يُوَلّى علينا. ننتخبُ الحَرامي لأننا مفطورونَ على عوائده مقلّدونَ لأسلوبه مفتونون بنجاحاته ومتأثّرون بدهاءِ السارقين وشطارةِ قُطّاعِ الطرق. باتوا هم أيضاً مثالاتُنا العليا. حريٌّ بِنَا أن نقتنعَ مرّةً واحدةً وأخيرة أننا إن لم نصطَلِح في داخلنا لن يقومَ لنا إصلاحٌ في الخارج وأن دولتُنا تشبهُنا فلماذا عليها ان تتغيرَ فيما نبقى نحنُ على ما نحن عليه؟ دولتُنا تحتجزُنا وتسطو على جوازاتِ سفرنا تماماً كنا نفعلُ نحنُ مع العاملينَ لدينا. نتسلّطُ كما السلطة. لذلك من المستحيلِ ان نثورَ حقيقةً عليها مخافةَ من أن نثورَ على أنفسنا. كل ما نقومُ به هو " پارانويا " تخطّت العصابَ وصارتْ ذهاناً. ذهانُ من لم يعد يعرف ماذا أصابه وصارَ لعبةً بيدِ الآخرين. نستحقُّ التندّرَ والتنمّرَ أكثر بكثير مما وردَ على لسانِ إثيوبياتِ العذابِ والتعتير.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
تحذيرٌ "عاجل" من اليوم "الحارق" المُرتقب... وهؤلاء عرضة للخطر! 9 صدمةٌ بين الأهالي... بلدة لبنانية تستفيق على مأساة! (صورة) 5 يخضع منذ الصباح للتحقيق... والتهمة صادمة! 1
اسرائيل تحضّر لـ "اقتحام برّي" في الجنوب والجولان! 10 هذا ما يحصل متنياً 6 "رسائل خطيرة على الهواتف"... وتحذير جدّي إلى المواطنين! 2
أسعارٌ جديدة للمحروقات! 11 بعد فصل طالبة لبنانية من جامعة أميركية... دعوةٌ من إعلامي لبناني! (فيديو) 7 "إجتياح من نوع آخر" لمدينة لبنانية! 3
ممارسات إسرائيلية تشكّل تهديداً لمطار بيروت! 12 المهندس "أبو علي" ضحيّة جديدة للإعتداءات الإسرائيلية! 8 "الثمن مُكلف جدًا"... لافتة تُثير الإستغراب في الغبيري! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر