Beirut
16°
|
Homepage
الثورة على سيجار خِزيٌ وعار
روني الفا | المصدر: ليبانون ديبايت | الجمعة 04 كانون الأول 2020 - 16:25

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

بشيءٍ من الحيرةِ الممزوجةِ بغصّةٍ نكتب عن الإهانة التي تعرّضَ لها عدنان القصّار فيما كان يدخّنُ سيجارَه متأملاً بسنّيِه التّسعين. رجلٌ شقَّ طريقَ الحَرير منذُ ما يقاربُ السّبعينَ عاماً. شقَّ معها ازدهاراً عرفَه لبنان في الستينيات من القرن الماضي. بصمتٍ يكادُ يكون نموذجيّاً تبرَّعَ بملايين الدولارات في السنوات العشرين الماضيَة أتاحَت لآلاف الطلّاب اللبنانيين إكمال دراساتِهِم في أرقى جامعات لبنان. مجموع المؤسسات الدينية والتربوية والإنسانيَّة التي استفادَت من مساعداتِه ومساعدات أمثالِه سمحت لها بتوفير آلاف الخدمات الإجتماعيّة لشعبٍ تركته دولته والتهَت عنه بالإثراء غير المشروع وبالصفقات والتنفيعات والتوظيفات الإنتخابيَّة وما سواها من آثامٍ وخطايا أفقرَتنا وهجّرَتنا وأفلَستنا. مجموعُ الشركاتِ الصغيرةِ والمتوسّطةِ التي أعانَها مصرفَه ومصارِفَ عديدةً أخرى تُعَدُّ هي أيضاً بالآلاف. دولةُ محنّطةٌ بالفساد كان عدنان القصّار وأمثالُه يقومون بدورها الذي لم تَقُم به. أن يأتي أرعن ويصفه بلصّ المصارِف مخجِل ومخزي ومهين ومنحطّ.

المصارِف مُتعَبَة ومُنهَكَة وموجوعة مثلها مثل المودِعين. لم يكن لها يومٌ علماً أو دِرايَةً أو شأناً بما حاكتهُ الطغمة الحاكمة. ذنبُها أنها نفّذَت تعليمات ربّ عملِها الإداري وساهَمت دون أن تَدري بالدّرك الذي وصلنا إليه. أسأل: هل يُعقَل أن تَكون المصارفُ شريكةً في إفلاسِ البلد عن سابِق تصوُّرٍ وتصميمٍ وهي التي تُعاني ما تعانيه اليوم؟ هل يمكنُ أن تُديرَ المسدس إلى جبهتها وتضغطَ على الزناد وتصيبَ في نفسها مقتلاً؟ حريٌ القول، مع علمنا المسبَق أنَّ كلامَنا سيثيرُ حساسيّةَ المودعين المقهورين ونحن منهم، حريٌّ القول أنَّه يجدرُ بالمصارِفَ أن تكون هي أيضاً في طليعَة الثورة الحقيقية على الطغمة الحاكمة. عدنان القصّار يمثّل مثلُه مثل آلاف المودِعين وجعَ الناس وخيباتِهِم. أن تَثرَى من عرق الجبين ليس تُهمَة وأن تُدَخِّن سيجارَك بعد ذلك وأنتَ تتغزَّل في سنِيِّكَ التسعين يرقى إلى نيشان ووسام إستِحقاق منه إلى تهمَة.


عَيب. سمِعنا ورَأَينا. أحدُ أقرباء مقتَحِم المقهى استفادَ بالتأكيد من عدنان القصّار ومن أمثالِه. عَيب. ثوروا أيها الحَمقَى على الطبقة السياسية التي سرقَتكُم وأفقرَتكُم. الثورةُ على سيجار خزيٌ وعار. عَيب. اليوم عدنان القصار وغداً العشرات ممن ساهموا في نهضة إقتصاد لبنان سيكونون في مَرمَى الرُعّاع. توجّهوا يا جَهَلَة إلى بيوتِ رؤساء الميليشيات. إلى ملوكِ الطوائِف إذا تجرّأتُم. ما زلتم حتى إشعارٍ آخَر أزلامَهُم وأُجراءَهُم وحَمَلَةَ حقائبَهِم المحمّلة بِجنى أعمارِكم. كلما نَيشَنتُم على الهدفِ الخطأ كلّما أَخَّرتُم إنعتاقَكُم من عبوديّتِكُم. ستستمرون والحالة هذه في مديح جلّاديكُم.

إبحَثوا عن ملفِّ فسادٍ واحِدٍ بحق عدنان القصار. ملفّ واحِد واطردوه. أداؤكم مشبوه والشبهةُ التي كانت تحيطُ بكم بأنكم ثورة ملوّنَة تصبِح تهمةً دامِغَةً بهكذا إداء. شبعِت الناسُ منكُم ضَلالاً وخفّةً وتسطيحاً. معركتُكُم الأولى والأخيرة هي ضدَّ أنفسِكم. ثورةٌ على المقاهي والكراسي تثيرُ البلبلةَ وتنتهكُ النظامَ العام. خِطَطُكُم مشبوهةٌ وجاهلَةٌ وأغلبُكُم مرتزقة. الثوار الحقيقيون هم القابعون في بيوتهِم الخائفون من نهار غد. الصامتون والمتعذّبون والمنتظرون فرجَ الخلاص منكم ومن الطغمة الحاكمة.

أطالِبُ بموتِ ثورتِكم. أطالبُ بعاميّةٍ لبنانيَّةٍ حقيقية. عاميّةٌ يكونُ المصرِفُ والمعملُ والجامعةُ والشركة محدودة المسؤولية والعمّال في طليعَتِها. عاميّةٌ لا تُشتَرى من السفارات. لا تبيعُ الثورةَ بسيجارٍ كوبي. ثورةٌ لا تطيلُ بعمرِ الأحزاب التي قتلَتنا ونحن على قيد الحياة. نَكتب بِحبرِ الفقر مثل السوادِ الأعظم من فقراءِ هذا الوطن. الفرقُ بيننا وبينَكم أنكم تثورون على سيجار. نحن نثورُ على تَبغِ التبعيّةِ وتنباكِ الإرتزاق. تحيّة إلى عدنان القصّار وكثرٌ يشبِهونَه. تحيّة من على رأسِ السّطح لا من الأقبيَة حيث ظُلمَتُكُم وظلامُكم. والله عَيب!
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
كليب "يُرجح" ما قد تبلغه فرنسا لِميقاتي اليوم! 9 حافي القدمين... نائب سابق يتعرّض لسرقة "من نوع آخر"! (فيديو) 5 بالفيديو: إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في برج حمود 1
واشنطن تكشف دورها في "الضربة الإسرائيلية" على ايران 10 "النكزة الأخيرة"... منشورٌ "ناريّ" للسيّد! 6 حادثة رئاسية فضحت "الثنائي الشيعي" 2
بشأن تعديل قيمة رسوم المعاملات... بيانٌ من الأمن العام! 11 بشار بطل عمليّة نصب كبيرة في طرابلس! (صور) 7 مستجدات فصل بو صعب من التيار! 3
"التيار معجون عجن بالغش"... جعجع يستنكر! (فيديو) 12 عصابة "خطرة" تنشط في طرابلس... بطلتها إمرأة! 8 سيناريو "مُقلق" ينتظر مطار بيروت... إنذار خطير وأيام حاسمة! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر