Beirut
16°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
بلديات
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
رياضة
صناعة الوطن
توقعات 2021: انفجار اجتماعي وفوضى أمنيّة
بولس عيسى
|
السبت
05
كانون الأول
2020
-
3:00
"ليبانون ديبايت" - بولس عيسى
إن كل قارئ في السياسة وفي ظل الوضع الضبابي الذي نعيش داخلياً وإقليمياً ينصرف اليوم الى عرض مختلف الاحتمالات والخيارات للمرحلة المقبلة انطلاقاً من المتغيرات الكبيرة في المعطيات وارتفاع منسوب الهواجس المتبادلة في البلاد.
فقد أتت من جهة ثورة 17 تشرين لتغيّر الصورة في الداخل من دون أن تفلح بعد في تغيير موازين القوى، إلا أنه من الناحية الأخرى فقد قلبت المتغيرات الأخيرة في الشرق الأوسط موازين القوى رأساً على عقب بعد "ستاتيكو" دام أشهراً طويلةً الأمر الذي حوّل الوضع ضبابياً ومفتوحاً على احتمالات كثيرة.
لناحية الداخل، فقد انكفأت التحركات الشعبيّة لمئة سبب وسبب، إلا أن النقاشات ما تزال مفتوحة إن كان في المنتديات وحلقات الحوار الفكريّة أو في الصالونات الاجتماعية أو في الغرف المغلقة والأروقة السياسيّة وهذا ما يدل على أن ما حصل في الشارع يستكمل اليوم في مكان آخر، الأمر الذي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تغيير موازين القوى في البلاد مُدخلاً بعض التعديلات على الخارطة السياسيّة، ولِمَ لا الحزبيّة في بعض الحالات، باعتبار أن الشارع قد أسقط جميع الأقنعة وغيّر المزاج الشعبي العام في البلاد.
كل هذا يدل على أننا أمام ولادة طبقة سياسيّة جديدة على أنقاض جزء من الطبقة الحالية، ونتائج انتخابات الجامعة اليسوعيّة أبرز دليل على تبدل المزاج العام وعلى أن جزءاً من الطبقة الحاليّة، أي أحزاب الأكثريّة الحاكمة، قد استنفد الثقة الشعبيّة به.
هذه الانتخابات هي مؤشر فحسب وغير كافية للارتكاز إليها لتحديد، أو الأصح لاستشراف شكل الطبقة السياسيّة الجديدة التي لم تصل إلى مخاض الولادة بعد المتمثل بالانتخابات النيابيّة المقبلة، مبكرة كانت أم في موعدها. ولكن الثابت الوحيد بعد تجارب الانتخابات كلّها بعد ثورة 17 تشرين في مختلف الأمكنة، جامعات كانت أم نقابات، أن الحزبين الوحيدين في لبنان اللذين لا يزالان محافظان على حضورهما الشعبي والثقة الشعبيّة بهما يقفان على طرفي نقيض وهما حزب "القوّات اللبنانيّة" و"حزب الله".
بالعودة إلى احتمالات وخيارات المرحلة المقبلة، فالأكيد أن هناك خشية معمّمة في البلاد عند جميع الأطراف من أن الأزمة ستتفاقم والكل مجمع على أننا أمام تفاقم الانهيار ومتجهون نحو الأسوأ، وذلك بسبب تعذر تشكيل الحكومة العتيدة بعد أن أرخت المتغيرات الإقليميّة بثقلها على الداخل.
وهناك أكثر من ذلك، فثمة من يتكلمون على مسار داخلي معاكس للمصلحة الوطنيّة التي تقتضي في هذه المرحلة تشكيل "حكومة مهمّة" مكوّنة من اختصاصيين مستقلّين، بحسب المبادرة الفرنسيّة، من أجل استئناف المفاوضات مع البنك الدولي والعمل على إقرار الإصلاحات المطلوبة، المنصوص عنها في الورقة الفرنسيّة وغير المنصوص عنها، الأمر الذي من شأنه فتح باب المساعدات الدوليّة للبنان بهدف انتشال اقتصادنا المتهاوي جراء الركود القائم فضلاً عن تحريك دورته الاقتصادية ولو بالحد الأدنى.
وبعد إتمام ذلك تقتضي المصلحة الوطنيّة الذهاب باتجاه انتخابات نيابيّة تقوم بترجمة التبدلات في المزاج العام في صناديق الاقتراع لكي تولد على أثرها أكثريّة نيابيّة جديدة في مجلس النواب تتحمّل مسؤولياتها وتكلّف رئيس حكومة يشبهها ليعمل على تشكيل حكومة سياسيّة من هذه الأكثريّة تقوم بمتابعة المسار الإصلاحي لـ"حكومة المهمة" لانتشال البلاد من الهوّة التي هي فيها اليوم. وبطبيعة الحال ستعمل الأكثريّة الجديدة عندها على الدفع باتجاه انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة يمثلها ويجسّد طروحاتها إن كان بشكل مبكّر عقب استقالة محتملة أو في الموعد الدستوريّ وبذلك تكون قد ولدت طبقة سياسيّة جديدة تمثل حقاً إرادة وطموح اللبنانيّين وتحظى بثقتهم وتأييدهم.
هذا هو المسار الوحيد الذي من شأنه ايصالنا إلى الخواتيم المرجوّة السعيدة. إلا أنه، وللأسف، ليس هذا هو المسار الذي نسلكه اليوم، أو بتعبير أدق ليس هذا هو المسار الذي تجبرنا الأكثريّة النيابيّة الحاكمة على سلوكه، فنحن نتقدم ولكن في الاتجاه المعاكس تماماً.
إن جميع المعطيات تدل على استحالة في تأليف الحكومة العتيدة وهذا يعني أن لا إمكان لوضع المبادرة الفرنسيّة قيد التنفيذ، علماً ان هناك إجماعاً على أنها الفرصة الأخيرة للإنقاذ، كما يعني ألا إمكان لعقد أي مؤتمر لجمع المساعدات الدوليّة للبنان. وهذا كلّه يأتي في ظل تدهور مالي يكاد يصل إلى حد الإفلاس وتدهور اقتصادي يكاد يصل إلى حافة الجمود الكامل. اضف إلى كل ذلك أننا قادمون على كارثة اجتماعية بعد رفع الدعم الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من الفقر والعوز والجوع والبطالة وهي عوامل بدورها تجعل الاحتمالات مفتوحة لفوضى أمنيّة وانفجار اجتماعي وعصيان مدني.
أما بالنسبة للهواجس، ففي ظل التباينات في الآراء ولو همساً حتى الساعة حول مستقبل النظام السياسي في لبنان، فهناك إجماع ضمني على أن جوهر وعمق المعضلة هو انتمائي وسياسي والازمة الاقتصادية – الماليّة التي نعيشها هي من إفرازاته. والهواجس هي سبب التباين في الآراء حول المستقبل السياسي، حيث هناك من لا يزال متمسّكاً بـ"الطائف" ويعتبر أنه لم يطبق بالشكل المطلوب وبشكل كامل وبالتالي لا يمكن الحكم عليه بأن تبديله واجب، فيما هناك من يتلطى وراء حجّة أن "الطائف مليء بالثغرات وتجاوزته الأحداث" للدفع باتجاه البحث عن نظام سياسي جديد.
من جهة أخرى، وعلى مستوى أدنى من الهواجس، هناك من يطالب بالانتخابات النيابيّة المبكّرة كما هناك من يرفض ذلك، وهناك بعض يذهب إلى حد العمل على التمديد للمجلس الحالي والذريعة متوافرة غب الطلب ولا يصعب إيجادها وهي الأوضاع الأمنيّة. وهذا أيضاً مردّه لارتفاع منسوب الهواجس لدى بعض الأطراف من خسارة مشروعيتها الشعبيّة.
في النهاية، إن كانت سنة 2019 سنة التغيير في المزاج الشعبي وإن كانت سنة 2020 هي سنة التدهور المالي - الاقتصادي، وإذا ما استمرت الأمور على ما هي عليه اليوم، ومن دون أن تتحمّل الأكثريّة النيابيّة مسؤولياتها، فإن سنة 2021 ستكون حتماً سنة الانفجار الاجتماعي والفوضى الامنية.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان،
اضغط هنا