Beirut
16°
|
Homepage
دولةٌ بلا أخلاق
روني الفا | المصدر: ليبانون ديبايت | الثلاثاء 29 كانون الأول 2020 - 8:13

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

عندما يطمحُ مُواطِنٌ عاديٌ إلى تبوأ منصبٍ رسمي يخرجُ من الخاص ويدخلُ إلى العام. للمنصب معاييرٌ أهمها النزاهةُ والكفاءةُ وهي من السلوكيات إنما تتعداها الى البديهيات وهي الأخلاق.

من دون أخلاقٍ لا يمكنُ أن تخدمَ قضيةً وشعباً. من دونها تتحولُ الى سمسار. لبنان يعجُّ بالسماسرة. كارُهُم البيع والشراء وهدفُهُم العُمولة. عندما يتحوّلُ السماسرةُ من بيع العقار الى بيع الوطن نكونُ في أزمةٍ أخلاقية.


النماذجُ لا تُعَدُّ ولا تُحصى. مسؤولٌ يتوجهُ الى عاصمةٍ أوروبيةٍ لتمضيةِ عطلةِ الأعياد. لا يمكنُ الجمعُ بين الحاجةِ الى عطلةٍ في قصرٍ مع نبيذٍ فاخر وبينَ وجود مئتي مقبرةٍ تفوحُ منها رائحة نيترات الأمونيوم. رفع الأنخاب يوازي والحالةُ هذه نبشُ قبورِ الشهداء والتمثيلُ بالجثامين. لا يمكنُ للمسؤول أن يحتفي بالعيد داخلَ جدرانٍ مدججةٍ بالتدفئةِ المركزيةِ فيما آلافُ المواطنين يقفلونَ نوافذَهُم المشلَّعةَ بالنايلون والشوادر أو ينامون وشبابيكُ بيوتهم مشرّعةٌ للعاصفةِ والبَرد. من جديد هذه أزمة أخلاق.

يستحيلُ أن تكونَ رجلَ دولةٍ وتكونَ خارجاً عن القانون. رجلُ الدولة يضعُ نفسَه بتصرّف القضاء من تلقاء نفسه ما أن تحومَ حوله الشكوك. بيار دو بيريغوڤوا رئيسُ حكومةِ فرنسا السابق أَطلقَ النارَ على نفسه بمجرّد الإشتباهِ بفساده. استبقَ حكمَ القضاء بمعاقبةِ نفسه. وزيرُ العدلِ المصري السابق صابر محفوظ قدم استقالته عقبَ زلّةِ لسانٍ اعتبر فيها أن أولادَ عمالِ النظافةِ في مصر غيرُ مؤهلينَ للانخراطِ في السلكِ القضائي. هناك في لبنان من هو مستعدٌ للتضحية بلبنان قبلَ تقديمِ استقالتِه اذا ثبتَ عليه إهمالٌ أو تقصيرٌ أو فساد.

لا حصانات ولا نصوص ولا دساتير ولا قانون أسمى من تحقيقِ العدالة. النائبُ والوزيرُ والمديرُ والرئيسُ كلّهم تحت المساءلة مثلهم مثلُ المواطنين العاديين. عيبٌ إقرارُ قوانين تحمي النواب والوزراء والرؤساء وتحيلُهم الى محاكمَ هم يعيّنونَ قضاتها أو يؤثرون في تعيينهم والهدف منها فقط الإفلات من العقاب. فلسفة حصانة النائب والوزير هي حمله على المبالغةِ والغلوِّ في الدفاع عن الحق وحمايته من مبالغته. ليس الهدف من الحصانة إخفاء جريمة أو عرقلة سير العدالة.

جريمة المرفأ أزمةٌ أخلاقية بامتيازٍ أيضاً. تخيَّلوا المعادلةَ هذه: القاضي فادي صوان موضعُ ارتيابٍ مشروع. بدلَ أن يرتابَ القاضي في لبنان بمدعى عليه يرتابُ المدعى عليه بالقاضي.

أن تعيشَ في نظامِ محمياتٍ جرصةٌ أخلاقيةٌ أيضاً. بطريركٌ ومفتي وشيخٌ يضعونَ معاييرَ الملاحقةِ القضائية. إسمُ الجرصة " خطٌّ أحمَر ". بأمكانكَ أن تكونَ رئيسَ جمهورية في لبنان ورئيسَ حكومة ووزيراً ونائباً ومديراً عاماً أو حتى موظفاً فئة سادسة في الدولة وأن ترتكبَ ما شئتَ من الموبقاتِ والإختلاساتِ والصفقاتِ والسمسراتِ والسرقاتِ وتشيّدَ القصورَ في لبنان والمهجر دون أن يتجرأَ أحدٌ على محاسبتك. أنتَ خط أحمَر.

كل الراغبين في تبوأِ مراكزَ مرموقةً في الدولة سيكون عليهم والحالةُ هذه وقبل تقديمِ ملفاتهم وقبلَ خوضِ مباريات تعيينهم، تأمينُ " الخط الأحمر ". خارج " الخط الأحمر " أنت خارجَ الحماية وهذا يعرّضكَ للمساءلة. الحَرامي في لبنان نوعان. خطٌّ أحمر حرامي خارج القضبان وخطٌّ من دون لون حَرامي داخل القضبان.

أزمةٌ أخلاقية لدى الأحزاب أيضاً. لا يمكنُ أن تتقدمَ الى وظيفةٍ عامة في لبنان اذا لم تكن حزبياً. البطاقة الحزبية طريقك إلى الوظيفة. لا وجود للمتعلم والكفؤ في لبنان خارجَ جنّة الحزب. هو يتعلّم ليهاجر. الأحزابُ بمجملها وظّفتْ أغبياءً وكسالى وكتبةَ تقارير ولم تأتِ بأصحاب الجدارة إلا نادراً. لو أن أحزابنا أحزابٌ نهضويةٌ لكنّا انضوينا تحت لوائها. أحزابنا طائفية ولا تشبهنا. أن ترى بلدَكَ يُحكَمُ ممن لا أهليةَ لهم فيما تشاهدُ كل يومٍ عشراتَ الأدمغةِ تهاجرُ لبنان فهذه أيضاً أزمةٌ أخلاقية. لبنان بلا أخلاق كدولة ونظام سلطة. دولةٌ بلا أخلاق لا تستحقُ الإحترام وازدراؤها واجب أخلاقي لكلّ متنوِّر.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
تحذيرٌ "عاجل" من اليوم "الحارق" المُرتقب... وهؤلاء عرضة للخطر! 9 صدمةٌ بين الأهالي... بلدة لبنانية تستفيق على مأساة! (صورة) 5 يخضع منذ الصباح للتحقيق... والتهمة صادمة! 1
اسرائيل تحضّر لـ "اقتحام برّي" في الجنوب والجولان! 10 هذا ما يحصل متنياً 6 "رسائل خطيرة على الهواتف"... وتحذير جدّي إلى المواطنين! 2
أسعارٌ جديدة للمحروقات! 11 بعد فصل طالبة لبنانية من جامعة أميركية... دعوةٌ من إعلامي لبناني! (فيديو) 7 "إجتياح من نوع آخر" لمدينة لبنانية! 3
ممارسات إسرائيلية تشكّل تهديداً لمطار بيروت! 12 المهندس "أبو علي" ضحيّة جديدة للإعتداءات الإسرائيلية! 8 "الثمن مُكلف جدًا"... لافتة تُثير الإستغراب في الغبيري! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر